أعمال نهب ترافق دفنا جماعيا لضحايا زلزال وتسونامي اندونيسيا

مصير مئات الأشخاص كانوا يعدون لمهرجان على الشاطئ عندما تسبب زلزال بقوة 7.5 درجات ضرب المنطقة الجمعة بأمواج مد بحري اجتاحت سواحل المدينة، فيما تتواصل جهود الإنقاذ لانتشال جثث وأحياء من تحت الأنقاض.  

800 قتيل حصيلة زلزال وتسونامي اندونيسيا
المشارح تغص بالقتلى وفرق الإنقاذ تبحث عن مئات المفقودين
شحّ كبير في مياه الشرب والطعام وسط مخاوف من انتشار الأوبئة

بالو (اندونيسيا) - ارتفعت حصيلة الزلزال والتسونامي اللذين ضربا الجمعة إندونيسيا إلى 832 قتيلا الأحد، في حين يعاني سكان جزيرة سولاويسي من صعوبة في إيجاد الطعام ومياه الشرب وسط تفشي أعمال النهب، فيما شرعت السلطات في دفن جثث الضحايا لمنع انتشار الأوبئة.

وشوهد عدد من الناجين وهم يبحثون في المشارح عن أقرباء لهم، في حين تواصل السلطات جهودها لانتشال المزيد من الأحياء أو تقييم حجم الدمار في مدينة بالو.

وقال المتحدث باسم وكالة إدارة الكوارث سوتوبو بوروو نوغروهو إن "أعداد القتلى ستواصل الارتفاع"، مضيفا "اليوم سنبدأ الدفن الجماعي للضحايا".

وأعلن نائب الرئيس الإندونيسي يوسف كالا أن الحصيلة النهائية قد ترتفع إلى "آلاف" الضحايا نظرا لتعذّر الوصول إلى عدة مناطق متضررة.

وتناهز الحصيلة الجديدة التي أعلنتها الأحد الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث ضعف الحصيلة السابقة التي كانت تشير إلى سقوط 420 قتيلا.

وقالت ريزا كوسوما البالغة من العمر 35 عاما وهي تحضن طفلها الذي يعاني من الحمى داخل مركز لإيواء النازحين في مدينة بالو "الوضع شديد التوتر".

وتابعت كوسوما "سيارات الإسعاف تحضر جثثا على مر الدقائق. مياه الشرب شحيحة. المحال تتعرض للنهب في كل مكان".

أما الناجي من أمواج تسوناني أدي فلا يعرف مكان زوجته أو إذا كانت لا تزال على قيد الحياة أساسا منذ أن داهمتهما الأمواج وهما على الشاطئ.

وقال "فقدتها حين جاءت الأمواج"، مضيفا أن الأمواج "قذفتني لنحو 50 مترا لم استطع الإمساك بأي شيء".

وتابع "هذا الصباح عدت إلى الشاطئ . عثرت على دراجتي البخارية وحافظة نقود زوجتي".

وبثت قناة "مترو" التلفزيونية الإندونيسية مشاهد لمنطقة دونغالا الساحلية القريبة من مركز الزلزال أظهرت منازل مدمرة على الواجهة البحرية، لكن أحد السكان قال إن غالبية السكان هربوا بعد الزلزال إلى مناطق أكثر ارتفاعا.

وصرح أحدهم ويدعى إيسوان للتلفزيون قائلا "عندما ضرب الزلزال بقوة هربنا جميعا نحو التلال".

وزار الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو المنطقة بعد ظهر الأحد للاطّلاع على حجم الدمار، وطالب بالعمل "ليلا نهارا" لانتشال من يمكن إنقاذهم من تحت الأنقاض.

والأحد بدأت المساعدات بالوصول إلى بالو حيث انتشر الجيش الإندونيسي ويبحث عمال الإغاثة والإنقاذ عن ناجين وسط الأنقاض. ويعتقد أن نحو 150 شخصا قد يكونون مطمورين تحت أنقاض أحد الفنادق.

وقال مدير الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث محمد سياوغي "نجحنا في انتشال امرأة حية من فندق روا روا ليلة أمس"، مضيفا "أمس (السبت) سمعنا نداءات استغاثة صادرة من هناك".

وتابع سياوغي "ما نحتاج إليه بشدة حاليا هو المعدات الثقيلة لإزالة الركام. فريقي يعمل على الأرض، لكن من المستحيل الاعتماد فقط على قواه الذاتية لإزالة الركام".

وتسود مخاوف حول مصير مئات الأشخاص الذين كانوا يعدون لمهرجان على الشاطئ عندما تسبب زلزال بقوة 7.5 درجات ضرب المنطقة الجمعة بأمواج مد بحري اجتاحت سواحل المدينة.

وأنشأ ذوو المفقودين صفحة على فيسبوك نشروا فيها صور أقاربهم على أمل العثور عليهم أحياء.

وبحسب الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث فإن 61 أجنبيا كانوا متواجدين في بالو عندما ضربها الزلزال، تم العثور على معظمهم أحياء، مضيفة أن ثلاثة فرنسيين وكوريا جنوبيا لا يزالون مفقودين وقد يكونون تحت أنقاض الفندق المنهار.

والأحد أبدت الرئاسة الفرنسية استعدادها لمساعدة إندونيسيا كما أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان عن "حزنه وتضامنه" مع إندونيسيا وذوي الضحايا.

بدوره، أعلن الاتحاد الأوروبي مساعدات فورية بقيمة 1.5 مليون يورو لإندونيسيا.

ولا يزال الناجون وعمال الإنقاذ تحت هول الكارثة وسط مشاهد الأشجار المقتلعة والسيارات المنقلبة والدمار وأنقاض السفن التي لفظتها المياه نحو الداخل على مسافة بلغت في بعض الأحيان خمسين مترا.

ومساء السبت استحدث السكان ملاجئ لهم من قضبان الخيزران وافترش بعضهم الساحات والملاعب خوفا من تسبب هزات ارتدادية بانهيار المنازل المتصدّعة.

وهبطت طائرة عسكرية من طراز سي-130 محمّلة بالمساعدات في مطار بالو الرئيسي الذي أعيد فتحه أمام طائرات المساعدات الإنسانية وبعض الرحلات التجارية.

ونشرت فرق الإنقاذ صورا التقطت عبر الأقمار الاصطناعية أظهرت مدى الدمار الذي لحق ببعض أكبر مرافئ المنطقة وأرصفتها وجسورها المقطوعة ومستوعبات الشحن المتناثرة.

وغصّت المستشفيات بالمصابين ما دفعها لمعالجة بعضهم في الهواء الطلق وسط انقطاع للتيار الكهربائي.

وقال أنسر بشميد البالغ 38 عاما "لقد أصبنا جميعا بالذعر وهربنا إلى خارج المنزل"، مضيفا "الناس هنا بحاجة للمساعدات وللأكل والشرب والمياه النظيفة".

المستشفيات ضاقت بمن فيها واضطرت السلطات لعلاج المصابين في العراء
المستشفيات ضاقت بمن فيها واضطرت السلطات لعلاج المصابين في العراء

وأظهر تسجيل فيديو التقط من سطح مبنى لحظة حصول التسونامي، أمواجا تتسبب بانهيار أبنية وتجتاح مسجدا كبيرا.

وقال أحد السكان ويدعى روزيدانتو "ما كان مني إلا الهروب عندما شاهدت الأمواج تضرب المنازل الساحلية".

وتم إجلاء نحو 17 ألف شخص بحسب الوكالة التي رجحت ارتفاع حصيلة النازحين.

وقال جان غيلفاند المسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر "إنها كارثة مزدوجة ومرعبة"، مضيفا أن الصليب الأحمر الإندونيسي يعمل على مساعدة الناجين.

وأظهرت صور جسرا ينهار والتواء قوسيه المعدنيين وسقوط السيارات في المياه. وأدت الكارثة إلى تضرر إحدى الطرقات الرئيسية وإقفالها جزئيا.

وشعر سكان ماكاسار كبرى مدن أقصى جنوب إندونيسيا بالزلزال وكذلك شعر به سكان كاليمانتان الشطر الإندونيسي من جزيرة بورنيو. وقالت الوكالة إن نحو 2.4 مليون شخص قد يكونوا شعروا بالزلزل.

وضرب الزلزال المدينة قبيل صلاة العشاء يوم الجمعة الذي يشهد اكتظاظا للمصلين في مساجد أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان . وتعد إندونيسيا إحدى أكثر دول العالم عرضة للزلازل، فالأرخبيل المؤلف من آلاف الجزر يقع على خط "حزام النار" في المحيط الهادئ الذي يشهد حركة زلزالية وبركانية.

وخلال هذا الصيف، أوقعت زلازل ضربت جزيرة لومبوك الإندونيسية 555 قتيلا في الجزيرة السياحية وسومباوا المجاورة.

وأصيب نحو 1500 شخص بجروح فيما نزح 400 ألف من منازلهم التي دمرت.

وتعرضت إندونيسيا لسلسلة من الزلازل المدمرة خلال السنوات الأخيرة، ففي 2004، أسفر تسونامي أعقب زلزالا تحت البحر بقوة 9.3 درجات قبالة سومطرة غرب إندونيسيا عن 220 ألف قتيل في البلدان المطلة على المحيط الهندي، بينهم 168 ألفا في إندونيسيا.