أغنى أغنياء الجزائر وراء القضبان عن قضايا فساد

السلطات الجزائرية تحتجز يسعد ربراب على ذمة التحقيق بشأن تصريحات كاذبة وشبهات بتضخيم فواتير.

الجزائر - أوقعت حملة مكافحة الفساد في الجزائر التي تستهدف كبار رجال الأعمال منذ سقوط الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ضحية جديدة، حيث تم وضع رئيس مجموعة "سيفيتال" يسعد ربراب الذي يعتبر أغنى رجل في الجزائر، رهن الحبس المؤقت.

وأمرت النيابة بوضع يسعد ربراب (74 عاما) قيد "الحبس الموقت" بعد أن كان تم توقيفه الاثنين، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية.

ويسعد ربراب هو مؤسس مجموعة "سيفيتال" التي تعلن بأنها توظف 18 ألف شخص في ثلاث قارات، في قطاعات تشمل الصناعات الغذائية والبناء والحديد والصلب وتجارة التجزئة وصناعة الأجهزة المنزلية.

وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن ربراب متهم بـ"التصريح الكاذب المتعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وتضخيم فواتير استيراد عتاد مستعمل رغم استفادته من امتيازات مصرفية وجمركية وضريبية" لاستيراد عتاد جديد.

ومنذ استقالة بوتفليقة في الثاني من نيسان/أبريل تحت ضغوط حركة احتجاجية شعبية، فتح القضاء عدة ملفات فساد بحق رجال أعمال مرتبطين بمحيط الرئيس السابق.

وأسس ربراب شركة "سيفيتال" في عام 1998، أي سنة واحدة قبل وصول بوتفليقة إلى الحكم، بالاعتماد على شركة "ميتال سيدر" للحديد والصلب التي أنشأها قبل عشر سنوات من ذلك، عندما كان أغلب الاقتصاد الجزائري حكرا على الدولة.

وعلى الرغم من ازدهار أعماله في ظل حكم بوتفليقة (1999-2019)، إلا أن العلاقات بين ربراب والمجموعة المقربة من الرئيس بقيت متوترة. فهو دخل في صراع مفتوح منذ عام 2015 مع السلطات الجزائرية، متهماً إياها بعرقلة استثماراته في الجزائر.

وكان وزير الصناعة آنذاك عبدالسلام بوشوارب قد اتهمه باستيراد معدات مستعملة وتضخيم فواتيرها.

وفي عام 2016، كشف التحقيق الصحافي لما عُرف بـ"وثائق بنما" أن لدى يسعد ربراب حسابا خارجيا "أوفشور" منذ بداية سنوات 1990، وهو أمر يمنعه القانون الجزائري، لكنه أنكر ذلك.

وكان الرئيس التنفيذي لـ"سيفيتال" نفى توقيفه في تغريدة الاثنين موضحا أنه حضر فقط إلى مركز الشرطة على خلفية احتجاز السلطات معدات صناعية لشركته في ميناء الجزائر العاصمة، معتبرا أن هذا الاحتجاز غير قانوني.

ولم تعلق "سيفيتال" حتى الآن على توقيف مؤسسها.

أما الموقع الإلكتروني لصحيفة ليبرتي اليومية الجزائرية المملوكة لمجموعة "سيفيتال"، فلم يشر الثلاثاء إلى وضعه رهن الحبس، لكنه وصف ملاحقته قضائيا بـ"السيناريو المعد مسبقا" والذي "يظل هدفه غامضًا وغير مفهوم".

واشترت "سيفيتال" مجموعة "براند" الفرنسية التي تصنع علامات "ديتريش وصوتر وفودات"، وشركة "أوكسو" التي تصنع الأبواب والنوافذ.

وفي إيطاليا، اشترت "سيفيتال" مصنع الحديد والصلب "بيونبينو" في عام 2015 قبل أن تجبرها الحكومة الإيطالية، التي اتهمتها بعدم احترام التزاماتها، على بيعها في عام 2018 إلى المجموعة الهندية "جي اس دبليو ستيل".

سيفيتال توظف 18 الف شخص في ثلاث قارات
سيفيتال توظف 18 الف شخص في ثلاث قارات

وتشهد الجزائر منذ 22 شباط/ فبراير، احتجاجات شعبية غير مسبوقة أجبرت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على ترك الحكم. لكن المحتجين لايزالون يطالبون برحيل كل "العصابة" الحاكمة، منددين بـ"نظام" قائم على الفساد استفاد منه رجال الأعمال المقربين من محيط الرئيس.

والثلاثاء تظاهر آلاف الطلاب مجددا في وسط العاصمة الجزائرية، حمل بعضهم لافتة كبيرة كُتب عليها "لنبني جزائر جديدة".

والأحد أوقف الدرك الوطني أربعة رجال أعمال من عائلة كونيناف، هم ملّاكو مجموعة "كو جي سي" المتخصصة في الهندسة المدنية والأشغال العمومية والمعروفة بنفوذها الواسع وقربها من عائلة بوتفليقة وخاصة شقيق الرئيس السابق ومستشاره سعيد.

ويشتبه في تورط الإخوة كونيناف في "إبرام صفقات عمومية مع الدولة دون الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية وأيضا استغلال نفوذ الموظفين العموميين للحصول على مزايا غير مستحقة وتحويل عقارات وامتيازات عن مقصدها الإمتيازي"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.

وبحسب التلفزيون الحكومي فإنه تم تقديم الأربعة الثلاثاء إلى النيابة في إطار التحقيق معهم.

وفي بداية الشهر تم توقيف رجل الأعمال والرئيس السابق لنقابة رجال الأعمال علي حداد المقرب من بوتفليقة ومالك أكبر مجموعة متخصصة في أشغال الطرق، بينما كان يحاول مغادرة الجزائر ليلا عبر الحدود التونسية وبحوزته مبالغ مالية من العملات الأجنبية.

وكان الرجل القوي في الدولة بعد تنحي بوتفليقة، رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح دعا في 16 نيسان/أبريل بدوره إلى محاكمة "كل العصابة، التي تورطت في قضايا نهب المال العام واستعمال النفوذ لتحقيق الثراء بطرق غير شرعية".

ورحب قايد صالح اليوم خلال خطاب ألقاه أمام عسكريين في البليدة بتحرك القضاء ضد شخصيات مقربة من بوتفليقة فيما يتعلق بالكسب غير المشروع.