أفغانستان.. إنهاء الحرب أم خسارتها؟

يمكن لطالبان فعله لجعل وزارة الخارجية تبتعد عن طاولة المفاوضات قيامها بتنفيذ هجمات يومية أسفرت عن مقتل مدنيين أفغان وجنود من الولايات المتحدة وحلفائها كما قامت بإرسال انتحاريين لتنفيذ تفجيرات في جميع أنحاء البلاد.

بقلم: ليز تشيني

قام الرئيس دونالد ترامب بإخراج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الكارثي الذي أبرمه الرئيس باراك أوباما مع إيران. وأخرجنا من اتفاقية الحد من الأسلحة مع روسيا، والتي انتهكها بوتين مراراً وتكراراً. لكن إذا كانت التقارير الإخبارية دقيقة، فإن وزارة الخارجية على وشك الاستسلام لحركة «طالبان»، حليف تنظيم «القاعدة» منذ زمن طويل، حيث سيتم سحب القوات الأميركية من أفغانستان. لذلك يتعين على الرئيس أن يرفض هذه الصفقة.

خلال المحادثات الأخيرة بين الجانبين، لم يكن هناك ما يمكن لـ«طالبان» فعله لجعل وزارة الخارجية تبتعد عن طاولة المفاوضات. فقد قامت الجماعة بتنفيذ هجمات يومية أسفرت عن مقتل مدنيين أفغان وجنود من الولايات المتحدة وحلفائها. كما قامت بإرسال انتحاريين لتنفيذ تفجيرات في جميع أنحاء البلاد. وقام رجالها بإرهاب السكان الأفغان، مستهدفين النساء والفتيات. كما استمروا في القتال إلى جانب «القاعدة» في تحالف حافظت عليه الجماعتان منذ عقود. ومؤخراً نشرت «طالبان» فيديو يبرر تفجيرات 11 سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة، وتفاخرت بأن أكثر أيام الإرهاب فتكاً في تاريخها كانت «صفعة ثقيلة» على وجه أميركا.

ورغم كل ذلك وأكثر، يقول الممثل الخاص «زلماي خليل زاد»، الذي قاد المحادثات، إنه راض عن ضمانات «طالبان» المفترضة لمكافحة الإرهاب! لقد كانت «طالبان» تؤوي بن لادن ورجاله أثناء تخطيطهم لتفجيرات 11 سبتمبر، ولم تتخل علانية عن «القاعدة». وبدلاً من ذلك، فإن مقاتلي «القاعدة» يساعدون «طالبان» على إحياء إمارتها الإسلامية السلطوية. وما تزال «القاعدة» تعتبر أفغانستان ملاذاً لقيادتها.

بالنظر إلى تاريخ «طالبان» القاسي وعنفها المستمر، فمن السذاجة تصديق أنها ستكون شريكاً للسلام. إن الشعب الأميركي يستحق أن يرى النص الكامل لأي اتفاق تتفاوض عليه وزارة الخارجية، بما في ذلك ضمانات مكافحة الإرهاب المفترضة. وإذا وضعنا أمننا في أيدي العدو الذي كان يؤوي «القاعدة»، فإن الشعب الأميركي يستحق أن يعرف السبب.

وقد قال الرئيس في أغسطس 2017: «الانسحاب المتسرع سيخلق فراغاً يملأه الإرهابيون، بما في ذلك داعش والقاعدة، على الفور، تماماً كما حدث قبل 11 سبتمبر».

والواقع أن تنظيم «داعش» يمثل تهديداً عالمياً وله فرع نشط داخل أفغانستان. وفي نهاية الأسبوع الماضي، فجَّر انتحاري نفسه في حفل زفاف في كابول، ما أسفر عن مقتل العشرات. كان هذا أحدث هجوم مروع تنفذه «داعش» داخل العاصمة الأفغانية. فالجماعة تقوم بتصدير إرهابها إلى الدول المجاورة لأفغانستان، ولديها طموحات لتنفيذ ضربات في الغرب. ويقوم جنودنا الشجعان، رجالاً ونساء، بمحاربة «داعش» و«القاعدة» وغيرهما من الجماعات الإرهابية هناك، حتى لا نضطر مرة أخرى لمواجهتهم هنا في الوطن.

عند إعلان استراتيجيته بالنسبة لأفغانستان في أغسطس 2017، انتقد ترامب قيادة سلفه خلال الحرب، قائلا إن «الظروف على أرض الواقع، وليست الجداول الزمنية التعسفية، هي ما يجب أن تقود استراتيجيتنا من الآن فصاعداً». وأضاف: «أعداء أميركا يجب ألا يعرفوا خططنا أو يعتقدون أنهم يستطيعون انتظارنا»، في توبيخ لقرار أوباما بوضع جدول زمني لسحب القوات من أفغانستان. إن أي اتفاق مع «طالبان» يتضمن جدولاً زمنياً محدداً سلفاً لسحب قواتنا من شأنه أن يكرر خطأ أوباما.

لقد قطعت الولايات المتحدة خطوات كبيرة ضد الإرهاب في أفغانستان، وأنقذت قواتنا أرواح الأميركيين، من خلال إحباط مخططات إرهابية ومطاردة القادة الإرهابيين الرئيسيين. وقبل أيام قليلة من انتخاب ترامب، قامت القوات الأميركية بقتل ناشط بارز في تنظيم «القاعدة» كان يتآمر ضد الولايات المتحدة من داخل أفغانستان. وتحت قيادة ترامب، تم القضاء على شخصيات أخرى من «القاعدة» و«داعش» داخل أفغانستان. ويتطلب أمن أميركا الحفاظ على مكاسب مكافحة الإرهاب هذه وتأمينها.

لذا لا ينبغي سحب القوات الأميركية بناءً على جدول زمني سياسي يمنح التنازلات ل«طالبان» ويسمح للإرهابيين بالحفاظ على ملاذات آمنة يمكنهم من خلالها التخطيط والتدريب لتنفيذ هجمات مستقبلية. لا يمكننا قبول صفقة تضع أمن أميركا في أيدي طالبان.

إن الاتفاق على مثل هذه الصفقة لن ينهي الحرب، بل سيخسرها لمصلحة «القاعدة» و«طالبان» وداعش.

نشر في الاتحاد الإماراتية