أفغانستان.. سلامٌ وعراقيل

طالبان لعبت دوراً كبيراً في التصدي لتنظيم داعش في أفغانستان لكنها مازالت على صلة بتنظيم القاعدة والبلاد مليئة بالجماعات المسلحة.

بقلم: سوزانا جورج

وقّعت الولايات المتحدة وحركة «طالبان» الأفغانية اتفاق سلام يوم السبت 29 فبراير المنصرم، فيما يعد نقطة تحول مهمة في حرب أفغانستان المستمرة منذ الغزو الأميركي لأفغانستان، عقب هجمات 11 سبتمبر عام 2001. وقد حصدت الحرب أرواح عشرات الآلاف واستنزفت أكثر من تريليوني دولار.

وفيما يلي المعلومات الأساسية المتعلقة بصفقة السلام:

- انسحاب القوات الأميركية: تنص الصفقة على انسحاب كل القوات الأميركية من أفغانستان في غضون 14 شهراً، إذا التزمت «طالبان» ببنود معينة. وهذا جانب غير متوقع على نطاق واسع في اتفاق السلام. صحيح أن القيادة العسكرية الأميركية في كابول بدأت بالفعل سحب القوات، لكن من المتوقع أن تبقي هناك قوة صغيرة لمكافحة الإرهاب. وثمة حالياً 12 ألف جندي أميركي في أفغانستان، وأول مرحلة من الانسحاب الكامل ستصل بهذا العدد إلى 8600 جندي في غضون 134 يوماً. وأثناء هذه الفترة سيقلص الحلفاء قواتهم، بالتناسب أيضاً، إذا التزمت «طالبان» بعملية إتمام التفاوض مع الحكومة. وهذا بصفة عامة، يعني التزام الحركة بالمشاركة في محادثات مع الحكومة الأفغانية، وتمسكها بعدم السماح لجماعات إرهابية باستخدام الأراضي الأفغانية لتدبير هجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

- العراقيل أمام السلام: وهي كثيرة، حيث استغرقت الجهود الدبلوماسية لتوقيع اتفاق بين الولايات المتحدة و«طالبان» سنوات عديدة. ولا نبالغ إذا زعمنا أن المحادثات بين الحكومة الأفغانية و«طالبان» ستصبح مسعى طويل الأمد أيضاً. وقد وضعت «طالبان» بالفعل شروطها للالتزام بعدم إيواء الجماعات الإرهابية. صحيح أن الحركة لعبت دوراً كبيراً في التصدي لتنظيم «داعش» في أفغانستان، لكنها مازالت على صلة بتنظيم «القاعدة». وأفغانستان مليئة بالجماعات المسلحة التي لا تريد إبرام اتفاق سلام بين الولايات المتحدة و«طالبان». وبعض هذه الجماعات المسلحة موالٍ للحكومة، والآخر موالٍ لـ«طالبان». والتوصل إلى اتفاق سلام لن يوقف بالضرورة الاشتباك بين الجانبين. وبالإضافة إلى هذا، فقد أفسحت عقود الصراع في أفغانستان طرق التهريب المربِحة وتجارة المخدرات المزدهرة. والسلام قد يجعل استمرار مثل هذه الأنشطة غير المشروعة أكثر صعوبة، ولا غرابة إذا عادت هذه الجماعات إلى العنف لحماية مصالحها المالية.

- هل استمرار الهدوء النسبي ممكن؟ لقد اعتبر مفاوضون أميركيون حدوث تقلص على مدار أسبوع في العنف على امتداد البلاد في أفغانستان، شرطاً مسبقاً محورياً للتوقيع على اتفاق سلام. لكن من غير الواضح الآن ما ستتعرض له مستويات العنف في أفغانستان. فعلى مدار الأيام القليلة الماضية، انخفضت معدلات العنف بنحو 80% في المناطق الريفية والحضرية. وشعرت قوات الحكومة الأفغانية ومقاتلو «طالبان» بما يكفي من الأمان للتقارب فيما بينهما، وهو تطور لم يكن متخيلاً قبل أسبوع مضى فحسب. وذكر مسؤولون أميركيون أنهم يأملون أن يظل العنف منخفضاً طوال المحادثات بين «طالبان» والحكومة الأفغانية. لكن بعد التوقيع على الاتفاق، صرّح سهيل شاهين، أحد المتحدثين باسم «طالبان»، لـ«واشنطن بوست» بأن اتفاق تقليص العنف لم يعد سارياً. ومضى يقول: «كان هذا من أجل خلق البيئة الملائمة للتوقيع على اتفاق». وأكد أن «طالبان» تأمل في التوصل إلى حل دائم لمستويات العنف في أفغانستان، «لكن في الوقت الحالي لا يوجد مثل هذا التفاهم لوقف إطلاق نار أو تقليص العنف».

- تبادل الأسرى: هذه كانت نقطة مثيرة للخلاف في مفاوضات السلام مع الولايات المتحدة. فأسرى «طالبان» يمثلون ورقة ضغط محورية لدى الحكومة الأفغانية، ولطالما أعلنت كابول أنها لن تطلق سراحهم إلا بعد محادثات سلام أفغانية. لكن الصفقة التي تم توقيعها تنص على الإفراج عن خمسة آلاف أسير من «طالبان» مع بدء المحادثات الأفغانية في العاشر من مارس الجاري. ولطالما جعلت «طالبان» من الإفراج عن الأسرى مطلباً محورياً. ولا نعرف بعد مدى تأثير هذا على المحادثات بين الحكومة والحركة. ومع تعهد الولايات المتحدة بسحب كل قواتها واشتراطها حدوث تبادل الأسرى قبل بدء المفاوضات بين حكومة كابول و«طالبان»، لم يعد لدى الحكومة الأفغانية إلا القليل من القوة التفاوضية.

- ما الخطوة التالية؟ يتعين على الحكومة الأفغانية تشكيل فريق تفاوضي، لكن هذا قد يكون مهمة أكثر تعقيداً في الوقت الحالي، بسبب مرور البلاد بأزمة سياسية عميقة. فقد أُعلنت نتائج انتخابية متنازع عليها في فبراير الماضي، وأعلن الرئيس أشرف غني ومنافسه الرئيسي الفوز كل منهما بالانتخابات. وبدأ منافس غني يغير حكام الأقاليم في شمال البلاد ويهدد بتشكيل حكومة موازية، مما ترك كابول منقسمةً بشدة، مما قد يقوض سلطة غني في تشكيل فريق يجمع كل الأطياف للتفاوض مع طالبان.

نُشر في الاتحاد الإماراتية