أفلام برلين تغوص في قضايا العنصرية والاستعمار

النسخة السبعون من المهرجان العريق تقدم قراءة مغايرة لمواضيع من الذاكرة، بعد الجدل الكبير إثر التسريبات بشأن ارتباط مؤسسه ألفريد باور بالنازية.

برلين - بعد الجدل الكبير إثر التسريبات بشأن الماضي النازي لمؤسسه، قارب مهرجان برلين السينمائي الذي يختتم دورته الحالية مساء السبت، مسائل متصلة بالذاكرة من الرايخ الثالث إلى العنصرية في البرازيل مرورا بمحاربة الاستعمار.
فحتى قبل بدء النسخة السبعين من المهرجان العريق في العاصمة الألمانية، واجه هذا الحدث انتقادات واسعة على خلفية معلومات عن ارتباط مؤسسه ألفريد باور بالنازية.
واضطر المهرجان بإدارته الجديدة للرد على هذه التسريبات، خصوصا عبر الاستغناء عن "جائزة ألفريد باور" التي دأب هذا الحدث على تسليمها سنويا.
كذلك كلّف المهرجان معهد التاريخ المعاصر في ميونيخ التحقيق في حقيقة صلات مؤسسه مع نظام أدولف هتلر.
بلد عنصري للغاية
وقال مدير المعهد أندرياس فيرشينغ لوكالة فرانس برس "بشأن ألفريد باور، من المرجح أن تكون بعض الأصوات قد علت حينها (للتطرق إلى صلاته مع النازية) لكن جرى التستر على ذلك ولم تعاود القصة الظهور إلا الآن".
ورغم التخبط مع تاريخه الخاص، عرض مهرجان برلين هذا العام سلسلة أفلام تقدم قراءة مغايرة لمواضيع من الذاكرة. ويشمل ذلك قصة القيادي النازي المعروف ألبرت سبير وهو من القلائل الذين أفلتوا من عقوبة الإعدام خلال محاكمة نورمبرغ الشهيرة لمجرمي الحرب النازيين.
وفي فيلم "سبير غوز تو هوليوود"، تفند المخرجة الإسرائيلية فانيسا لابا جهود هذا المهندس النازي لإعادة صوغ دوره الخاص، خصوصا من طريق مذكراته.
وأوضح فيرشينغ لوكالة فرانس برس أن "سبير مثال ممتاز للطريقة التي يمكن من خلالها لشخص نازي أن يروي حكايته الخاصة بما يظهره كأنه والمحيطين به لم يرتكبوا الكثير".

المخرج ماركو دوترا
المخرج ماركو دوترا: البرازيل عنصرية للغاية

كذلك تشكل إعادة كتابة التاريخ تحديا مهما في البرازيل المعاصرة، وفق المخرج ماركو دوترا الذي يشارك فيلمه "آل ذي ديد وانز" في المنافسة للفوز بجائزة الدب الذهبي.
وقد أكد الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو اليميني المتطرف أن العنصرية "نادرة" في البلاد، كما لم يتوان أخيرا عن تعيين سيرجيو كامارغو رئيسا للمعهد الثقافي الإفريقي البرازيلي رغم إطلاق الأخير مواقف مثيرة للجدل اعتبر فيها أن الاستعباد كان "مفيدا" للأشخاص المتحدرين من أصول إفريقية.
ويعتمد دوترا نظرة معاكسة في فيلمه "آل ذي ديد وانز" الذي تدور حوادثه في ساو باولو نهاية القرن التاسع عشر بعد عقد من إلغاء العبودية.
وقال المخرج "رغم النظريات المتداولة الكثيرة والتي تفيد بأن البرازيل بنيت على مزيج من الهويات، الواقع في مكان آخر تماما. هذا البلد عنصري للغاية".
صرخة
كذلك رأى المخرج الفرنسي الكمبودي ريتي المرشح أيضا لنيل جائزة الدب الذهبي، أن السينما يمكن أن تؤدي دورا "في مكافحة الشمولية".
ويظهر فيلمه "إيراديايتد" صورا مؤثرة من الهجوم بالقنبلة الذرية في هيروشيما ومحارق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
وقال "الأفلام تشكّل دائما صرخة، إما للتعبير عن الأمل وإما لتخطي الألم، فرغم أن البعض قد يظن أن هذه الأحداث انتهت كونها من القرن الماضي لكن التاريخ دائما ما يتكرر".
أما المخرج والأختصاصي النيجيري في التوثيق ديدي تشيكا من "لاغوس فيلم سوسايتي" فاعتبر أن السينما يمكن أن تساعد المجتمع في مواجهة الماضي. وفي فيلمه القصير "ميموري ألسو داي"، يعرض المخرج صورا من نيجيريا كان قد طواها النسيان.
وأوضح تشيكا لوكالة فرانس برس أن المحفوظات المصورة قد تدفع إلى إعادة النظر في "الروايات الرسمية" بشأن الحرب الأهلية النيجيرية التي قسمت البلاد بعيد استقلالها في نهاية الستينات.
وبسبب تشجيع النيجيريين طوال عقود على عدم التطرق إلى النزاع، لا تزال مشاعر ضغينة تسكن القاطنين في هذا البلد الأكثر تعدادا بالسكان في القارة السمراء، وفق تشاكو.