أكثر من ثلثي سكان طهران عازمون على مقاطعة الانتخابات

استطلاعات رأي تكشف أن 93 بالمئة من الإيرانيين المقيمين في طهران غير راضين عن أداء النظام الإيراني وسياساته الفاشلة في تسيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
تعالي الأصوات في طهران ضد نظام الجمهورية الإسلامية
مجلس صيانة الدستور في إيران يرفض طلبات نصف الراغبين في الترشح
الإيرانيون يدلون بأصواتهم في الانتخابات على وقع خيارات محدودة في ظل هيمنة أنصار خامنئي

طهران - أفادت مصادر إيرانية الاثنين بأن أكثر من ثلثي سكان طهران عازمون على مقاطعة الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في 21 فبراير/شباط الجاري، حيث سيشارك في التصويت بحسب استطلاعات 24 بالمئة فقط من سكان العاصمة.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته إحدى الجامعات الإيرانية أن 75 بالمئة من سكان العاصمة لن يشاركوا في انتخاب البرلمان الإيراني.

وذكر رئيس منظمة الدراسات الاجتماعية في جامعة طهران أحمد نادري ، أنه "بحسب الاستطلاع الذي قمنا به بداية نوفمبر/تشرين الثاني، سيشارك 24.2 بالمئة فقط من الإيرانيين في طهران بالانتخابات البرلمانية القادمة".

وفي وقت سابق أعلنت مؤسسة 'جمان' (مجموعة دراسات الفكر الإيرانية) وفق استطلاع شمل 43 ألف شخص 90 بالمئة من بينهم مقيمين في إيران، أن 81 بالمئة من السكان لن يشاركوا في الانتخابات.

وقال نادري لوكالة أنباء 'فارس' "وفقًا لمسح أجري في النصف الأول من شهر فبراير/شباط الحالي، فإن 93 بالمئة من سكان طهران غير راضين عن الوضع الحالي لبلدهم، وقد أعرب 5 بالمئة فقط عن رضاهم عن الوضع الحالي".

وأضاف "إن 7.5 في المائة من سكان طهران يوافقون على السياسات الاقتصادية والاجتماعية لحكومة الرئيس حسن روحاني و81.1 في المائة أعربوا عن استيائهم من ذلك".

وتابع "لقد تم إجراء المسح من خلال استبيانات تم جمعها وجهًا لوجه من المواطنين الذين تجاوزوا 18 عامًا ويقيمون في 22 منطقة في طهران. كما تم ملء الآلاف من الاستبيانات في المسح"، مؤكدا "حاولنا أن لا يكون هناك أي تحيز وهذا هو أول استطلاع للانتخابات تُنشر نتائجه".

وفي وقت سابق، كانت بعض مؤسسات استطلاع الرأي قد نشرت نتائج مماثلة عن تراجع رغبة الجماهير في التصويت، وعدم رضاهم عن أداء النظام الإيراني.

وتنتهج طهران سياسة عدائية إقليميا ودوليا فيما يخص انتهاكاتها المستمرة للاتفاق النووي وتدخلاتها العسكرية الغير قانونية في دول عربية وتورطها في عمليات تخريبية استهدفت منشآت نفطية في دول خليجية، ما وسع عزلتها وفاقم معاناتها الاقتصادية خاصة بعد أن فرضت عليها واشنطن عقوبات اقتصادية قاسية ردا على انتهاكاتها النووية.

وخيمت تداعيات الأزمة الاقتصادية الناتجة عن سوء إدارة السلطة على حياة المجتمع الإيراني الذي يعاني من ارتفاع الأسعار وزيادة سعر الصرف وبلوغ التضخم نحو 42 بالمئة أواخر 2019.

وشهدت جميع محافظات إيران في نوفمبر/تشرين الثاني مظاهرات رفضا لمحاولة النظام الإيراني ترقيع الأزمة الاقتصادية الناتجة عن سوء إدارته بزيادة سعر المحروقات، وهو ما سبب غضب الإيرانيين واستيائهم، مطالبين برحيل حكومة غير ناجعة.

وفي هذا الإطار أفاد استجواب 'جمان' لعشرات الآلاف المقيمين في إيران، أن نحو 70 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع في طهران ألقوا باللوم على "السياسات الحالية للجمهورية الإسلامية"، فيما آلت إليه الأوضاع الحالية للبلاد.

وقال 76 بالمئة من المشارکین في الاستطلاع إنهم سيقولون "لا" للجمهورية الإسلامية في "استفتاء حر". كما وافق 56 بالمئة من المستطلعين على "احتجاجات الشوارع".

النظام الإيراني يبدأ حملات الدعاية الانتخابية على وقع مظاهرات تنادي بمقاطعة التصويت
النظام الإيراني يبدأ حملات الدعاية الانتخابية على وقع مظاهرات تنادي بمقاطعة التصويت

وتزامن الإعلان عن نتائج هذا الاستطلاعات التي تؤكد تراجع الرغبة في المشارکة بالانتخابات، مع بدأ النظام الإيراني حملات الدعاية الانتخابية الجمعة.

وقال مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي  في خطاب، "قد لا يحبني أحد، لكن إذا كان يحب إيران، فعليه التصويت".

من جانب آخر أعلن عدد من الشخصيات السياسية البارزة في إيران ونشطاء داخل البلاد وخارجها، عن عدم المشارکة ومقاطعة الانتخابات البرلمانية، واصفين القاعدة الشعبية للأصوليين والإصلاحيين بأنها باتت 'ضعیفةً'.

وأمام بوادر المقاطعة الانتخابية قال وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي الأحد في تصريحات للتلفزیون الإیراني، إن "أجواء البلاد أصبحت انتخابية".

وفي ظل تصاعد دعوات مقاطعة الانتخابات عقب احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني التي راح ضحيتها أكثر من 1500 قتيل، وفق المنظمات الحقوقية، خرج الأحد طلاب إيرانيون في مظاهرات تنادي بضرورة مقاطعة الانتخابات البرلمانية المرتقبة، منددين بالسياسات الفاشلة في تسيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

وبحسب أوساط سياسية في طهران يدفع المتشددون باتجاه إحكام قبضتهم على إيران في انتخابات البرلمان هذا الأسبوع، المرجح أن تصب نتائجها في صالحهم في حين تعمل القيادة على توحيد صفوفها مع تصاعد المواجهة مع واشنطن.

وأي مكاسب كبيرة يحققها المتشددون ستؤكد على أفول نجم الساسة البراجماتيين في البلاد، الذين أضعفهم انسحاب واشنطن من اتفاق نووي أبرم في عام 2015 وإعادة فرضها العقوبات على طهران في خطوة عرقلت التقارب مع الغرب.

كما أن حصول المتشددين على المزيد من مقاعد البرلمان في الانتخابات المرتقبة سيمنحهم مكسبا آخر يتمثل في فسحة أكبر للدعاية لمرشحهم في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2021.

 ومثل هذه الهيمنة الكبيرة على أجهزة الدولة قد تكون إيذانا بعهد يكون فيه للحرس الثوري الإيراني، الموجود بقوة بالفعل في حياة الإيرانيين، نفوذ أكبر على الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وضَمن حلفاء خامنئي هيمنة المتشددين على الساحة وأبعدوا المعتدلين والمحافظين البارزين ولم يتركوا للناخبين سوى الاختيار بين المتشددين ومحافظين غير معروفين من أنصار خامنئي.

أنصار خامنئي يريدون الرئاسة وفوزهم سيضع هذا نهاية للاعتدال لمدة عشر سنوات أو أكثر

وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته "حرفيا لم يعد ذلك سباقا، المتشددون يريدون الرئاسة، حيث سيضع هذا نهاية للاعتدال لمدة عشر سنوات أو أكثر".

والمحافظون مثلهم مثل المتشددين، يؤيدون حكم الزعماء الدينيين لكنهم على عكس المتشددين يرغبون في مزيد من الانفتاح على العالم الخارجي.

ومن المرجح أن يركز الكثير من الناخبين الذين لم تُترك لهم خيارات تذكر، على القضايا المتعلقة بأرزاقهم وحياتهم اليومية في ظل التراجع الاقتصادي بسبب سياسة “الضغوط القصوى” التي يطبقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران.

ومع مواجهة إيران لعزلة متزايدة واحتمال نشوب صراع بسبب المواجهة النووية مع الولايات المتحدة وتنامي الاستياء في الداخل، ينظر للإقبال على الانتخابات باعتباره استفتاء على المؤسسة الحاكمة وهو ما ينطوي على خطر محتمل على سلطاتها.

كما يقول المنتقدون إن خامنئي يريد أن يكون البرلمان والحكومة المقبلان من المتشددين لإنهاء الانقسامات الداخلية، وإقصاء أية أصوات إصلاحية تطالب بتغيير السياسات الداخلية والخارجية، وقبول التفاوض مع الولايات المتحدة.ويتحكم الرئيس في إيران في عمل الحكومة اليومي بدرجة كبيرة.