أكثر من 100 قتيل في هجوم بمسيرات انتحارية على كلية عسكرية سورية

الجيش السوري يتهم تنظيمات إرهابية مدعومة من أطراف دولية بالوقوف خلف استهداف أكاديمية حمص العسكرية بمسيرات تحمل ذخائر متفجرة، متوعدا بالردّ.

دمشق - قتل أكثر من 110 أشخاص وأصيب ما لا يقل عن 125 آخرين اليوم الخميس في هجوم بطائرات مسيرة استهدف الكلية العسكرية في حمص بسوريا، وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، في أكبر هجوم يستهدف القوات السورية منذ العام 2018.

ويعد الهجوم من أسوأ الهجمات على منشآت عسكرية سورية وأكثرها إراقة للدماء واستخدام الطائرات المسيرة المسلحة فيه غير مسبوق في البلد الذي يواجه حربا أهلية مستمرة منذ 12 سنة.

وكانت حصيلة سابقة للمرصد أفادت بمقتل أكثر من ستين شخصاً بينهم تسعة مدنيين من عائلات الضباط الذين حضروا حفل التخرج.

وتصاعد الدخان من بعض الجثث بينما ظلت النيران مشتعلة في جثث أخرى. وأمكن سماع شخص يصيح "طفيه!" وسط الصراخ وسُمع أيضا دوي إطلاق أعيرة نارية في الخلفية.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم. وتستخدم الفصائل الجهادية التي تسيطر على جزء من الأراضي السورية أحيانا طائرات مسلّحة دون طيار لاستهداف مواقع عسكرية.

واتهم الجيش السوري في بيان "التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة" بالوقوف خلف الاستهداف "عبر مسيرات تحمل ذخائر متفجرة وذلك بعد انتهاء الحفل مباشرة، ما أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء من مدنيين وعسكريين ووقوع عشرات الجرحى"، من دون تحديد أي حصيلة.

وأضاف أن "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة تعتبر هذا العمل الإرهابي الجبان عملاً إجرامياً غير مسبوق وتؤكد أنها سترد بكل قوة وحزم على تلك التنظيمات الإرهابية أينما وجدت".

واستعادت القوات الحكومية بعد قتال عنيف في مايو/ايار 2017 السيطرة الكاملة على مدينة حمص بعدما شكلت معقلا للفصائل المعارضة إثر اندلاع النزاع عام 2011.

ونددت وزارة الخارجية من جهتها بـ"الجريمة النكراء" مطالبة "الأمم المتحدة ومجلس الأمن بإدانة هذا العمل الإرهابي الجبان"، فيما أعلنت الحكومة الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام بدءا من الجمعة.

وفي وقت لاحق من اليوم الخميس أفاد المرصد وشهود عيان عن قصف مدفعي نفذته القوات الحكومية على مدن عدة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل متحالفة معها في محافظة إدلب (شمال غرب). وتسبب القصف وفق المرصد بمقتل أربعة مدنيين.

وأوقع قصف مماثل فجر الخميس على بلدة في ريف حلب الغربي، المجاور لإدلب، خمسة قتلى من عائلة واحدة هم سيدة مسنة وأولادها، وفق المرصد وفرق الدفاع المدني الناشطة في المنطقة.

وأعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في إيجاز صحافي عن أن الأمين العام يشعر بقلق بالغ إزاء الهجوم على الكلية العسكرية، مبدياً في الوقت ذاته قلقه "من القصف الانتقامي من جانب القوات الموالية للحكومة على مواقع عدة في شمال غرب سوريا".

وأكد إدانته بشدة "لجميع أعمال العنف" وحثّه الأطراف كافة على احترام التزاماتها وضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية.

وفي شمال شرق سوريا نفّذت تركيا اليوم الخميس سلسلة ضربات بطائرات دون طيار ضدّ أهداف عسكرية وبنى تحتية في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل.

وأصيب شرطيان تركيان الأحد بهجوم نفذه شخصان على مقر وزارة الداخلية في أنقرة، تبنّاه حزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرّدا مسلحا ضد السلطات التركية منذ العام 1984.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأحد إن "الإرهابيَين جاءا من سوريا وتدرّبا هناك"، لافتا الى أن "كلّ البنى التحتية والمنشآت الكبيرة ومنشآت الطاقة التابعة للمجموعات الكردية المسلحة في العراق وسوريا هي أهداف مشروعة لقواتنا الأمنية".

وأدت الضربات على محافظة الحسكة إلى مقتل "ستة من أفراد قوات الأمن الكردي في غارة" استهدفت معملاً لتصنيع الحجارة في منطقة عامودا، وفق بيان عن المكتب الإعلامي لقوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا.

وفي وقت لاحق، أوضح المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي أن بين القتلى أحد عمال المعمل كما أسفرت غارة أخرى عن مقتل مدنيين آخرين كانا يستقلّان درّاجة نارية.

وتشنّ تركيا بين الحين والآخر ضربات تستهدف قوات سوريا الديموقراطية وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة "إرهابية" وتعدّها امتدادا لحزب العمال الكردستاني.

وطالت الضربات التركية، وفق القوات الكردية، مرافق عدة بينها موقع لمخازن النفط ومحطات لتكرير النفط.

وشوهدت أعمدة من الدخان الأسود فوق موقع القحطانية النفطي قرب الحدود مع تركيا. وتوجّه رجال الإطفاء إلى محطة توليد الكهرباء الرئيسية في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة.

وفي أسواق مدينة القامشلي الحدودية يتسمّر أصحاب المتاجر وزبائنهم القلائل أمام شاشات التلفزيون والهواتف ويتابعون بقلق آخر أنباء المسيرات التركية التي تستهدف مناطقهم.

وقال حسن الأحمد (35 عاما) وهو أحد تجار القماش في سوق القامشلي الشعبي "الوضع في المنطقة يتجه نحو الأسوأ كل يوم وكل مرة نواجه المصير ذاته".

وأضاف "تركيا لا تدعنا نرتاح على أرضنا وتستهدفنا كل يوم وتقتل السكان فيما لا نريد سوى أن يعيش أطفالنا بسلام وآمان".

ودعت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في بيان المجتمع الدولي والتحالف الدولي والمؤسسات الأممية والحقوقية والإنسانية وكذلك روسيا إلى اتخاذ مواقف فعالة ورادعة لهذا الجموح التركي نحو فرض توازنات جديدة على سوريا ولكن عبر مناطقنا.

وأبدى المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتل قلق بلاده إزاء التصعيد العسكري في شمال سوريا.

وبدعم من موسكو وطهران استعاد النظام السوري الجزء الأكبر من الأراضي التي خسرها في بداية الحرب.

وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.