ألوان دافئة ورسائل اجتماعية تزين 'أراميه' في لبنان

مساحة للفنانين التشكيليين الأرمن في وسط بيروت تغوص في روح الفنان ويومياته ومحيطه وتسافر الى المناظر الطبيعية وتحتفي بالضوء والأحاسيس الشاعرية.
الأعمال تجسد أحلام الفنانين وكوابيسهم ومخاوفهم وآمالهم
تفنن في لعبة الألوان وكيفية انصهارها في اللوحات

بيروت - داخل مبنى كبير بأحد أزقة بيروت الضيقة يجتمع أسبوعيا منذ بداية العام الحالي عشرات الأشخاص في صالة عرض خاصة بالفنانين اللبنانيين الأرمن لمشاهدة اللوحات الكلاسيكية والعصرية والقراءة والدردشة مع ذواقة أهل الفن.
ومنذ عام 2011 يعرض غاليري (أراميه) باقة منوعة من أعمال الفنانين الأرمن الذين يتميز إنتاجهم بألوانه الدافئة والرسائل الشخصية والاجتماعية.
وتقدم هذه الأعمال في الغاليري بأسلوب جذاب يعطي الفنان حقه ويقربه بضع خطوات من متذوقي الفن التشكيلي بالتزامن مع تناول الحلويات التقليدية الأرمنية والقليل من القهوة.
تتناول الأعمال موضوعات مختلفة قد تكون شخصية تجسد حنايا روح الفنان أو ربما كانت مأخوذة من يومياته ومحيطه. وقد نرى المناظر الطبيعية والروح السعيدة بأصغر الأشياء والتفاصيل اليومية والاحتفال بالضوء الذي يلون حياة الإنسان والأحاسيس الشاعرية.
ويغوص البعض الآخر من الأعمال السريالية في حنايا اللاوعي الفردي وأيضا الجماعي. ولكل فنان قصته الشخصية مع الرسومات المنتشرة بحميمية في غرف متعددة ومفتوحة على بعضها البعض في الجاليري الواقع بوسط بيروت.
صحيح أن الأعمال تجسد أحلام الفنانين وربما كوابيسهم ومخاوفهم وآمالهم من خلال مختلف الأساليب غير أنها تجتمع بحسب ممثل الغاليري في الشرق الأوسط مايكل فاييجيان حول التفنن في لعبة الألوان وكيفية انصهارها في اللوحات ليطل العمل الفني في حلته الأخيرة دافئا يعطي أبعادا دراماتيكية للفسحة التي سيزينها ويزخرفها بحضوره.
كان آرام ساركيسيان قد أسس الفرع الأول لجاليري (أراميه) في يريفان عاصمة أرمينيا عام 2003 ليعطي الفنان الأرمني فرصة إظهار إبداعه الفني وسط أجواء داعمة وأنيقة.
وتعتبر الفنون على أنواعها من العناصر المحورية في حياة أبناء أرمينيا الذين اعتادوا أن تنصهر المواد الفنية في المناهج الدراسية وذلك منذ انتماءهم إلى الاتحاد السوفيتي الذي تفكك عام 1991.
ويؤكد مايكل فاييجيان أنه بعد انتهاء الحقبة السوفيتية صار الفن أكثر انفتاحا وأكثر ليبرالية بعدما كان يميل إلى تجسيد الواقع الاجتماعي.
ومنذ تأسيس الفرع اللبناني لغاليري (أراميه) عام 2011 تقدم هذه الفسحة العديد من المعارض السنوية في صالة كبيرة بالعاصمة اللبنانية، وينتمي الفنانون الذين يمثلهم الغاليري لمختلف الفئات العمرية لكنهم جميعا من أصل أرمني.

خلال فترة الأعياد المجيدة زارنا العديد من اللبنانيين المقيمين في الخارج وأصروا على اقتناء الأعمال الأرمنية

وقال فاييجيان إن الإقبال على الفن تضاعف في السنوات الأخيرة في لبنان وأمست العاصمة اللبنانية مزدحمة بالغاليريهات "لكن غاليري أراميه لا ينافس أحدا على اعتبار أننا نقدم أعمالا مختلفة عما اعتدناه في السوق".
وعلى الرغم من أن لبنان يشهد منذ أكتوبر/تشرين الأول موجة احتجاجات ضد النخبة الحاكمة مما أثر سلبا على حياة البلد الاقتصادية، فإن فاييجيان يؤكد أن الأوضاع الراهنة لم تؤثر على المبيعات.
وأضاف "خلال فترة الأعياد المجيدة زارنا العديد من اللبنانيين المقيمين في الخارج وأصروا على اقتناء الأعمال الأرمنية كما تجاوب اللبنانيون المقيمون في البلد مع أعمالنا ولم يترددوا في شراء ما يحلو لهم من لوحات أو منحوتات".
وبالنسبة للشابة آية لحود فإن هذه الأعمال المنتقاة تجسد بحسب ما تقول "كل ما نفتقر إليه اليوم من أصالة ورقي وأناقة في الأعمال الفنية. ولا أعني بذلك أن الفن المعاصر ليس أنيقا ولكنني بصراحة تفاعلت كثيرا مع المجهود الذي يضعه كل فنان في عمله".
وأضافت "لقد آن الأوان لنتعرف إلى أعمال كل فنان لا يسير مع الاتجاه السائد بل يشق لنفسه طريقه الشخصي".
وكانت وزارة الثقافة اللبنانية أعلنت عن إطلاق "المتحف الوطني الافتراضي للفن الحديث" بالتعاون من "الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة".