"أمير الشعراء 8" ينهي مرحلته الأولى بتأهل سلطان السبهان

الجمهور يمنح بطاقتي التأهل لكل من أحمد محمد عسيري بـ 70%، وهبة الفقي بـ 67%.
الشاعر عباس جيجان والشاعرة وردة الكتوت يبدعان في المجاراة
الفنانة حنان عصام تغني "يا من رحلت عن الديار"

أحمد فضل شبلول
 
ضمت حلقة أمس الثلاثاء آخر أربعة شعراء مثّلوا المرحلة الأولى في برنامج أمير الشعراء في موسمه الثامن، حيث ألقوا نصوصهم التي جاءت كلها – وللمفارقة – على البحر البسيط. وهم: الشاعر السعودي سلطان السبهان، والشاعر السنغالي محمد الأمين جوب، والشاعرة السودانية دينا الشيخ، والشاعرة الإماراتية منى القحطاني، فتقدّم السبهان زملاءه بحصوله على47 درجة بقرار اللجنة، منتقلاً بذلك إلى المرحلة الثانية التي ستبدأ مساء الثلاثاء القادم. فيما حصل جوب على 46 درجة، ومنى حصلت على 44 درجة، أما دينا فقد حصلت على 41 درجة. ليبدأ هؤلاء الشعراء الثلاثة رحلة القلق التي تستمر أسبوعاً بانتظار تصويت الجمهور لهم، سواء عبر الموقع الإلكتروني لـ "أمير الشعراء"، أو من خلال تطبيقه الإلكتروني.
الشعر غناء وارتجالاً 
وقد غنت ليلة أمس الفنانة حنان عصام (يا من رحلت عن الديار)، وهي قصيدة من كلمات الشاعر خالد حسين رشوان، وألحان الموسيقار السعودي عبدالله علّام، وتوزيع المايسترو أحمد عبد الجواد.
وفي فقرة المجاراة؛ استضاف "أمير الشعراء" في الحلقة الشاعر العراقي عباس جيجان، والشاعرة الأردنية وردة الكتوت التي شاركت في الموسم السابع من البرنامج.
البحث عن مدائن الحب

مع قصيدة "فُصْحى المَاء" بدأ الشعر بصوت الشاعرة دينا الشيخ، والتي تمكنّت من كسب إعجاب جمهور مسرح "شاطئ الراحة"، وبعد إلقاء نصها أكد الناقد د. صلاح فضل أن دينا تراود الشعر من أقصى مسافاته كأنه حوار بين آدم وحواء. وهي التي قالت في الأبيات الأولى من نصّها:
في عزلةِ النُّورِ لا ماءٌ ولا أثرُ ** ولا مسيحٌ ببابِ الوقتِ يُنتظرُ
يُراقبُ الكونَ في أَقصى المجازِ دمِي ** وثمَّ آدمُ في الجنَّاتِ يستتِرُ
تفاحةٌ أَغرتِ الأَقدارَ مُذ قُطِفت ** الحزنُ تأويلُنا والذّنبُ مبتكرُ
اهبطْ، هبطتُ إِلى دهرينِ من وجعٍ ** يرمِّمُ الضّوءُ ظلِّي ثُمّ أنكسرُ
ووجد د. علي بن تميم أن النص الذي قدمته دينا جميلاً، وذو نزعةٍ صوفية، حيث بدأت الرحلة من الفردوس/الجنة، إلى لحظة الغواية ممثلة بالتفاحة، ثم إلى المسيح المنتظر.
وأشار د. بن تميم أنه وبالرغم من أن عنوان القصيدة (فُصْحى المَاء) والماء لا طعم له ولا رائحة ولا لون، إلا أنه ذاق طعم القصيدة، وشمّ رائحتها، وتحسس لمستها.
د. عبدالملك مرتاض؛ بدأ من ثقافة قصيدة دينا، فقال: تبدو هذه القصيدة مثقفة لأنها عبّقت بشذا التراث الديني من بوابة القرآن العظيم، من خلال استحضار قصة آدم وحواء، وقصة الهدهد مع سليمان، وقصة سفينة نوح وألواحها ودُسُرها. موضحاً أثر القرآن في شعر دينا، مثل: (لا تُبقي ولا تذرُ).
السبهان.. أمير الكلام
الشاعر سلطان السبهان ألقى قصيدته (مرابطونَ على سُورِ الجَمَال) التي أشار د. علي بن تميم إلى موضوعها حول الشعر والجمال، والذي يتسابق عليه ومنه وإليه الشعراء منذ زمن قديم، ذلك أنّ هذين الرمزين صنوان. وفي الأبيات الأولى من القصيدة قال السبهان:  

أمير الشعراء
لجنة التحكيم

لم نعرف الدّار لم نقرأ بها أثرا ** متيّمون بما قد غادر الشعرا
نسقي بماء المعاني كلّ من وردوا ** بئر الكلام وعادوا للظّما أُسرا
ومتعبون نجرّ العزم في دمنا ** يا ربّ إنّا لمّا أنزلته فُقَرا
لُذنا إلى الظّلّ منسيّين بهجتنا ** أن ينبت الظل في أرواحنا شجرا
وحول العنوان "مرابطونَ على سُورِ الجَمَال" قال د. بن تميم: إن هؤلاء المرابطين هم الشعراء، أو "أمراء الكلام" كما أورد الشاعر في الشطر الأخير من البيت الأخير (أمّا الكلام فقد سمّاهم الأُمرا).
د. عبدالملك مرتاض بدأ من البيتين (قبلَ امرئ القيسِ في سِقْطِ اللغى/ وقفوا يبكونَ معنىً جميلاً كان مُنتَظَرا)، و(لمْ يُمسِكوا غيرَ شكٍّ أوقدوه لكمْ/ إنَّ الحقيقةَ شكٌّ مؤلمٌ كَبُرا). كما أشار إلى جمال مفردة (كَبُرا)، والتي فيها ما هو مسكوتٌ عنه، فكأنّ الشاعر يومئ إلى قوله تعالى (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).
من جانبه أكد د. صلاح فضل أن السبهان من أمراء الكلام كما قال سبيويه، وهذا مما لا ريب فيه، فالشاعر معجون بلغة القرآن الكريم، وباللغة التراثية المفعمة بعطر الأقدمين. لكن د. فضل توقف عند مسألة في غاية الأهمية، فالبرغم من عمق الشاعر إلا أن الناقد استشعر محدودية المرجعية الثقافية وغياب أثر الفنون في قصائد الشعراء عموماً، متساءلاً إن كان الشعراء يقرأون الروايات، ويتابعون الحركة الفنية التشكيلة والمسرحية.
جوب.. سطوةٌ في الشعر
الشاعر محمد الأمين جوب ألقى قصيدة "سيرةٌ أخرى لابنِ نوح"، وهو الذي تعلّم العربية في السنغال، وهي النقطة التي استوقفت د. عبدالملك مرتاض الذي وجد اللغة المعجمية التي يملكها جوب جميلة، فيما القصيدة أجمل وأبدع، ومنها اقتطفنا المقطع الأول: 
يَمْشِي إلى الله طِفْلَاً لَمْ يَجِدْ لُغَتَه ** وَحيثُ لا جَبَلٌ يُؤْوِي بَنَى ثِقَتَهْ 
وَحيثُ لا حَوْلَ للإنْسَانِ ثَارَ عَلى ** أقْدَارِهِ لِيُوَارِي الْمَوجَ فَلْسَفَتَه 
تَمْشِي إلى أيْنَ؟ يا هَذا على حَذَرٍ ** أرَاكَ مِثْلَ نَبيٍّ خَانَ مُعْجِزَتَه 
ثم بدأ د. عبدالملك مرتاض من قول الشاعر: (كأنّني وطنٌ يَعْدو إلى وطنٍ/وقَدْ أضَاعَ دَليلُ الوَصْل بَوْصَلَتَه).. ليضيف أن الشاعر كان رائعاً في نصّه، وليعلن عن سعادته لأن الناس في الدول الأفريقية غير الناطقة بالعربية تعرف لغتنا، كما تعرف الشعر العربي والثقافة العربية والإسلامية. 
فيما قال د. صلاح فضل إن لكلمات جوب سطوة كبيرة، والسيرة التي قدّمها في نصّه شقية وعاتية، فيها مزيج من الفلسفة والشعرية، يوجزها في المطلع، فيترك الشاعر الموج يواري فلسفة ابن نوح، ثم لا يلبث أن يخاطبه، أي يخاطب ذات الشاعر، وكأنه يتقمّص شخصية الثائر المتمرد ويتماهى معه، ليصبح كأنه شاعرٌ وابن نبي، والطريف أن ابن النبي يخون معجزته، والتي تصوّر د. فضل أنها تتمثّل في الطاعة. 
وختم د. علي بن تميم الآراء النقدية حول القصيدة بقوله: إن للشاعر مزاجٌ وكأنه مزيج بين الزنجبيل والسُّكْر، وتحديداً بقوله (سَكْرانَ يقطِفُ وردَ العُمرِ مُحْترِقاً/للآن يرفعُ كالجُدرانِ أخْيِلَتَه). وأضاف د. علي إن القصيدة ذكّرته بقصيدة الشاعر أمل دنقل (مقابلة خاصة مع ابن نوح)، التي رفض فيها دنقل – أي الشاعر – ركوب السفينة، وآثر البقاء في وطنه دفاعاً عنه وحمايةً له، حيث قال في النص: (بعد أن قالَ "لا" للسفينة/.. وأحب الوطن!). 
القحطاني.. قوةٌ في البيان 
خاتمة الشعر كانت مع الشاعرة منى حسن القحطاني صاحبة نص (صولةُ الحقُّ)، والتي كُتبته  بمداد الواقع الساخن الذي نعيشه اليوم كما قال د. صلاح فضل، مستقيةً الشاعرة من القرآن، النبع المقدّس الصافي، وهو ما ترجمته في نصّها ابتداءً من أبياته الأولى:

يا صَولَة الحقِّ صُوْلِي في مَرابِعنَا** ضَبحَاً إذا رَكبوا قَدْحاً إذا التهَبوا
ولْتَسْردِي شَغفًا تارِيخَ أُمتِنا ** فَالخَيرُ مُنسَكِبٌ والعَدْلُ مُنتَصِبُ
والبيتُ مُتحِدٌ مُذ قَالَ قائِدُنَا ** أُسْدٌ كرامٌ فَلا خَوفٌ وَلا نَصَبُ
وقد أضاء د. صلاح على ما قاله الشاعر أبو العتاهية حين تردّدت على مسمعيه سورة العاديات {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً} فقال: لقد شيّبتني هذه الآية. مضيفاً د. صلاح: تنشد الشاعرة بقوة وبلاغة لأمة الخير المنسكب والعدل المنتصب، وتتغنى بكبرياء وفخر واعتزاز بالبيت المتّحد وقيادته، تصيب المِحَزّ، وتحسن الأداء، وتُجْمل الموقف بعرامة.

د. علي بن تميم أكد أن النص لربما سقط سهواً من ديوان الحماسة لأبي تمام، فهو متّشح بالحماسة، ويفيض بها فيضاً. كما أشار إلى وجود المشاعر الصادقة والروح القوية والعنفوان في النص، إذ تستلهم الشاعرة عناصر إماراتية قوية صوراً وشعراً، وتستعير من مفردات القرآن (ضَبحَاً، قدحاً)، كما توظف في النص مفردة الشيخ محمد بن زايد (البيت متوحّد، الحزم، العزم). لكن مأخذ د. بن تميم على النص هو الصوت الجهير الذي أضعف أحياناً الشعرية، إلى جانب وجود قوافٍ قلقة، مثل (العَدْلُ مُنتَصِبُ)، غير أن قوة البيان تنبئ عن شاعرة قابلة للنمو والتطور، وهي التي أحسنت في صراحة الموقف الذي نحن بحاجة إليه.
وآخر الآراء النقدية مع د. عبدالملك مرتاض الذي قال إن ثمة مشكلة في النحو، وتحديداً في عبارة (إنّا بَنُو زايِدٍ)، فهذا صحيح في النحو البسيط، لكن الأفضل أن تكون عبارة (بَنُو زايِدٍ) منصوبة على الاختصاص لتصبح (إنّا بني زائدٍ)، لأن الأمر يتعلق بتخصيص الإمارات بشيء، وتخصيص أبناء زايد. 
والموضوع هو فخر الشاعرة بوطنها، وتبجيل قادته، وتم قبول ذلك من الشاعرة منى لأنها إماراتية، وفخرها صادق بأمجاد بلدها. ولم يفت د. مرتاض الإشارة إلى وقوع منى في بعض النشاز من مثل (فَأَشْرَقَ الحُلْمُ وَالإِصرارُ وَالغَضَبُ)، فالحلم والغضب معناهما متنافران، و(هذا  هوَ النّورُ إذْ مَا خَيَّمَ الوَصَبُ) حيث جاءت مفردة (الوَصَبُ) لإقامة القافية. ومع ذلك وُفِّقَت الشاعرة في الاشتغال على اللغة واللعب بها، وهي التقنية الجمالية الأولى للغة الأدبية العصرية بعامة، والشعرية بخاصة، وهو ما جاء في الشطر (ضَبحَاً إذا رَكبوا قَدْحاً إذا التهَبوا)، و(فَالخَيرُ مُنسَكِبٌ والعَدْلُ مُنتَصِبُ)، وبناء على ما جاءت به منى؛ فقد استطاعت تطويع البحر البسيط للإيقاع الشعري، فكان يتهزهز مرحاً ويرقص طرباً.
المتأهلان
يذكر أنه تأهّل بعد جمع نسبة تصويت الجمهور مضافة إليها درجات التحكيم الحلقة السابقة؛ كل من أحمد محمد عسيري  والذي حصل على 70% ، تلته هبة الفقي بـحصولها على 67%، لينضما إلى زميلهما عبدالسلام حاج نجيب الذي أهّلته لجنة التحكيم في الحلقة الماضية. أما يارا الحجاوي فخرجت من المنافسة بـ 42%.
في الأسبوع المقبل 
مساء الثلاثاء القادم الموافق لـ 5 مارس/آذار ستُعلن نتائج تصويت الجمهور لشاعرتين أو شاعر وشاعرة، وهم دينا الشيخ، ومحمد الأمين جوب، ومنى القحطاني.
كما سيكون جمهور الشعر على موعد جديد مع خمسة شعراء سيبدأون المرحلة الثانية من المنافسة، وهم مبارك السيد أحمد من مصر، شيخة المطيري من الإمارات، ابتهال تريتر من السودان، هاني عبدالجواد من الأردن، وسعد جرجيس من العراق.