أنصار سعيد يحتفلون بالفوز في الانتخابات الرئاسية حسب الإستطلاعات الأولية
تونس - خرج أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الشارع الرئيسي بالعاصمة تونس ليل الأحد محتفلين بعد أن أظهر استطلاع للرأي بث على التلفزيون الرسمي فوزه بنتيجة كاسحة على منافسين اثنين أحدهما يقبع في السجن في انتظار النتائج النهائية التي ستصدرها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مساء الاثنين.
وذكر التلفزيون التونسي الاحد أن استطلاعا للرأي بعد خروج الناخبين من مراكز الاقتراع أظهر فوز الرئيس بانتخابات الرئاسة بنسبة 89.2 بالمئة. وإذا تأكدت النتائج، فلن تكون هناك جولة إعادة وسينتصر قيس سعيد من الدور الأول.
وأعلنت حملة زمال وحملة المغزاوي رفض الاعتراف بنتائج استطلاع الرأي وقالت ان النتائج مختلفة.
وفي اول تعليق، قال الرئيس التونسي للتلفزيون الرسمي "مانعيشه هو استكمال للثورة.. سنبني ونشيد وسنطهر البلاد من الفاسدين والخونة والمتآمرين".
وفي شارع الحبيب بورقيبة، رفع المحتفلون صور سعيد والعلم التونسي، وهم يهتفون "الشعب يريد البناء والتشييد".
وقال محسن إبراهيم الذي كان بين المحتفلين "نفرح لأنه خدم الدولة وليس مصلحته الشخصية، بل يعمل من أجل مصلحة الشعب والدولة".
وفي مقر الحملة، قال نوفل سعيد، شقيق الرئيس ومدير حملته الانتخابية "فوز كبير والشعب قال كملته" مضيفا"بهذه النسبة الكبيرة، أصبح سعيد الرئيس الرمز.. ولا سبيل لبناء مستقبل جديد دون منسوب ثقة كبير الثقة".
وأعلنت هيئة الانتخابات أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 27.7%، مقابل 45% في الجولة الأولى من انتخابات 2019. وهذا أدنى معدل مشاركة في الانتخابات الرئاسية منذ ثورة العام 2011 في الدولة التي اعتبرت مهد ما سمي "الربيع العربي"، لكنه أعلى من نسبة المشاركة بالانتخابات التشريعية عام 2022.
وأدلى التونسيون الأحد بأصواتهم لانتخاب رئيس جديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد في استحقاق يعد مصيريا بالنسبة لتونس التي تعيش أزمات اجتماعية واقتصادية.
وأغلق أكثر من خمسة آلاف مركز اقتراع عند السادسة مساء بالتوقيت المحلي بعد أن فتحت منذ الثامنة صباحا (7.00 ت غ)، ودعي 9.7 ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم
ولاحظ الناطق الرسمي باسم الهيئة محمد التليلي المنصري أن نسبة الاقبال "أعلى بالفعل" مما كانت عليه في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية مطلع العام 2023 (نحو 12%). وقدر في تصريح سابق لفرانس برس أنها "ستتجاوز 30%" لتكون في مستوى النسبة التي تم تسجيلها في العام 2022 خلال الاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد.
وقال النوري المصمودي (69 عاما) في مركز اقتراع في العاصمة "جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له".
وعلى مسافة قريبة منه، أوردت فضيلة (66 عاما) أنها جاءت "من أجل القيام بالواجب وردا على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات"، وفي مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاما) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب لذلك "قدمت للتصويت حتى لا يتم الاختيار مكاني".
وأدلى سعيّد بصوته ترافقه زوجته في مركز اقتراع بمنطقة النصر في العاصمة بعد نحو ساعة من فتحه، وأفادت رئيسة المركز عائشة الزيدي بأن "الإقبال محترم للغاية".
ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما) والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.
ولا يزال الرئيس المنتهية ولايته الذي انتُخب بما يقرب من 73 في المئة من الأصوات وبـ58 في المئة من نسبة المشاركة في العام 2019، يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر جمع السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.
وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لما يصفه خصومه بـ"تصفية الحسابات" خصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011.
لكن مؤيدوه وشق كبير من التونسيين يعتقدون أنه الخيار الأفضل لتطهير مؤسسات الدولة من الفساد وإعادة تنشيط الاقتصاد المتعثر، خاصة بعد عشر سنوات من حكم هيمنت عليه النهضة الإسلامية وهي فترة يصفها البعض بالعشرية السوداء.
وتندّد المعارضة التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية بما تصفها بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "بالربيع العربي"، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.
لكن سعيد نفى مرارا صحة تلك الاتهامات واتهم لوبيات المال والفساد بالوقوف وراء تلك الاتهامات، مؤكدا أن الإجراءات التي اتخذها هي تصحيح للمسار الثوري. كما أكد أن القضاء مستقل.
ويرى الخبير في منظمة الأزمات الدولية مايكل العيّاري "أن نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023 والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11.7 في المئة فقط، مشيرا إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".
وفي خطاب ألقاه الخميس دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".
وفي الطرف المقابل حذّر الجمعة رمزي الجبابلي مدير حملة العياشي زمال في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات "إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".
وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.
ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.
أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد التي عزل بموجبها منظومة الحكم السابقة.
وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.
وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بما وصفوه بـ"القمع المتزايد"، مطالبين بإنهاء حكم سعيّد، رافعين لافتات تصفه بـ"الفرعون المتلاعب بالقانون" وسط حضور أمني كثيف.
ويقول محمد وهو خريج جامعي عاطل عن العمل وبالغ من العمر 22 عاما إن "لا فائدة من الانتخابات" في ظل تواصل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وبالخصوص غلاء المعيشة.