
أنقرة تتمسك بالوصاية على ليبيا
أنقرة - على خلاف المواقف الدولية التي شددت على ضرورة الحل السياسي للأزمة الليبية، جددت تركيا الثلاثاء تمسكها بدعم ميليشيات حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات في 2015، والذي أعلن المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي الثلاثاء أنه أصبح جزءا من الماضي بعد أن قبوله تفويضا من الشعب الليبي لإدارة شؤون البلاد والعمل على بناء الدولة المدنية وتوحيد مؤسساتها.
وفي خطوة أقرب إلى إعلان فرض الوصاية على ليبيا، اعتبر عمر جليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان، الثلاثاء أن المشير خليفة حفتر سعى للقيام بما وصفها بـ"'محاولة انقلابية"، مؤكدا استمرار أنقرة في دعم حكومة الوفاق الوطني التي قال إنها "الحكومة الشرعية".
والشرعية في ليبيا مسألة خلافية، حيث لا يعترف معظم الليبيين بحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج والتي لم تنل ثقة البرلمان بعد أن اقرها اتفاق سياسي في العام 2015 سبق أن دعت عدة جهات دولية لمراجعته واعتبرته ولد ميتا طالما لم تمثل السلطة المنبثقة عنه (حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي) كل الليبيين.
وشددت مجموعة الأزمات الدولية لاحقا على أن ذلك الاتفاق لم يعد صالحا، مشيرة إلى الكثير من الثغرات وإلى اعتماده مبدأ الإقصاء التمثيلي لكل الليبيين.

وأوضحت كذلك أن القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر وبحكم ما حققه من استقرار في شرق البلاد ودحره للجماعات الإرهابية وما يحظى به من شعبية، بات رقما صعبا لا يمكن تجاهله في معادلة الحل السياسي للأزمة الليبية.
وأعلن الحزب الحاكم في تركيا الثلاثاء أن أنقرة تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في ليبيا وأنها تجري تقييما لما استجد من أوضاع، قائلا إن "حفتر يحاول تفويض عدد من السلطات لنفسه دون الاستناد على أي أساس قانوني".
وتجاهل المتحدث باسم حزب أردوغان آلاف الليبيين الذين خرجوا في مسيرات تأييد للجيش الوطني الليبي وتنديدا بالتدخل العسكري التركي، في مظاهرات أحرقت فيها صور الرئيس التركي وضربت بالأحذية.
وألقت تركيا بثقلها العسكري في ليبيا دعما لحكومة الوفاق المدعومة أيضا بميليشيات متطرفة موالية لجماعة الإخوان المسلمين.
وزودت أنقرة ميليشيات الوفاق بشحنات من الأسلحة الثقيلة والخفيفة والذخيرة إلى جانب طائرات مسيرة وآلاف من المرتزقة من الفصائل السورية المتشددة الموالية لتركيا.
وقالت فرنسا اليوم الثلاثاء إن الصراع في ليبيا لا يمكن حله من خلال القرارات المنفردة وإنما من خلال حوار تدعمه الأمم المتحدة وذلك بعد إعلان حفتر سقوط اتفاق الصخيرات وقبوله تفويضا شعبيا لإدارة ليبيا.

وقال أوليفييه جوفين نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لم يشر بشكل مباشر إلى حفتر "لا يمكن التوصل لحل للصراع الليبي إلا من خلال الحوار بين الأطراف تحت رعاية الأمم المتحدة وليس من خلال القرارات المنفردة".
وتابع "لا يوجد بديل للحل السياسي الشامل كجزء من النتائج التي توصل إليها مؤتمر برلين"، مضيفا أن باريس مهتمة بوحدة ليبيا واستقرارها.
وأكد المستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية "تمسك مصر بالحل السياسي وبمبدأ البحث عن تسوية سياسية للصراع في ليبيا على الرغم من وجود خلافات بين الأطراف الليبية حول كيفية تنفيذ ذلك".
وشدد المتحدث على "أن مصر تسعى لتحقيق الاستقرار على الساحة الليبية مع الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي ليبيا الشقيقة وذلك في إطار تعاونها الدائم مع الدول الشقيقة والصديقة المجاورة لليبيا والمهتمة بمصير الشعب الليبي".
وأوضح المتحدث الرسمي أنه في الوقت ذاته فإن "البحث عن حل سياسي لا يعني ولا يجب أن يؤدي إلى التهاون في مواجهة التيارات المتطرفة الإرهابية في ليبيا المدعومة من تركيا أو الدخول معها في مفاوضات حول مستقبل ليبيا".
وأشاد بيان الخارجية المصرية كذلك بالجهود التي بذلها ولايزال الجيش الوطني الليبي في التصدي للجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أن مصر تثني على ما حققه الجيش الليبي من استقرار نسبي في الأراضي الليبية، ما أدى إلى تراجع العمليات الإرهابية في هذا البلد وهو ما يعني بكل تأكيد انحسار الخطر الإرهابي الذي ينطلق من ليبيا ليهدد دول جواره القريبة والبعيدة".