أنقرة تدخل على خط الأزمة الأفغانية لتنشيط دبلوماسيتها

اردوغان يسعى لاستثمار احتضان تركيا للمفاوضات بين كابول وطالبان والترويج لدعم جهود إرساء السلام في أفغانستان للتغطية على انتهاكاته في أكثر من دولة وتلميع صورة بلده بعد تدخلات عسكرية استجلبت لها عداءات مجانية وفاقمت عزلتها إقليميا ودوليا.
أنقرة تسير على خطى الدوحة في استثمار حرب أفغانستان
بايدن يمارس ضغوط دولية على طالبان وكابول للتوصل لاتفاق سلام نهائي
طالبان تلوح بتصعيد الهجمات إذا لم تفِ واشنطن بانسحابها من أفغانستان

أنقرة - دخلت أنقرة على خط الحرب الأفغانية بعد استقبال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن السبت للمبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد تمهيدا لاجتماع اسطنبول المرتقب لدعم مفاوضات السلام المتعثرة بين كابول وطالبان، فيما يسعى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على ضوء تدخلاته في أكثر من جبهة صراع لتنشيط الدبلوماسية التركية في ظل عزلة عميقة سببها نهجه التصعيدي تجاه المجتمع الدولي.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية السبت إن خليل زاد وصل إلى تركيا والمنطقة في مسعى لتشجيع الأطراف الأفغانية على تسريع المفاوضات الرامية لإنهاء الصراع في البلاد.

وبحث المتحدث باسم الرئاسة التركية والمبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان خلال لقاء جمعهما في قصر دولمة باهجة بإسطنبول، التطورات الأخيرة بخصوص عملية السلام الأفغانية، والاجتماع المزمع عقده في إسطنبول بهذا الشأن.

جاء ذلك خلال لقاء جمع قالن وخليل زاد، في قصر دولمة باهجة بإسطنبول اليوم السبت، حسب وكالة الأناضول التركية للأنباء .

وتناول الجانبان خلال اللقاء، تفاصيل الاجتماع المرتقب بإسطنبول في أبريل/نيسان القادم، من أجل تسريع عملية التفاوض بين الفرقاء الأفغان.

وبينما أكد الجانبان على أن اجتماع إسطنبول سيكون بمثابة دعم لمفاوضات السلام في الدوحة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، يبدو أن الاجتماعات تأتي ضمن تخطيط اردوغان لاستثمار التدخل في الحرب الأفغانية واستغلال دعمه لمفاوضات السلام بين كابول وطالبان في مسعى لتحقيق نجاحات دبلوماسية خارجية تغطي على انتهاكاته العسكرية في أكثر من دولة وإغراق بلاده في حروب مدفوعة بأطماع واهية استنزفت الاقتصاد التركي وانهكته واستجلبت لتركيا عداءات مجانية أثرت على صورتها دوليا وإقليميا وفاقمت عزلتها.

وفاقمت تدخلات اردوغان في ليبيا وسوريا الأزمة الاقتصادية التركية بعد صرفه على تلك الحروب من ميزانية بلاده ظنا منه أنها ستحقق له أرباحا تساعده على وقف التراجع الاقتصادي من خلال التوغل في مناطق غنية بالثروات، لكن حصول العكس فاقم معاناة الأتراك، وبدل أن يلتفت الرئيس التركي لبحث سبل تجنب مزيد من المشكلات في بلاده على غرار انهيار الليرة وارتفاع التضخم، مازال متمسكا بسياساته الخارجية عازما على التخطيط إلى مزيد من التدخلات.

وأعرب قالن وخليل زاد عن تطلعهما في أن يسفر اجتماع إسطنبول عن إكساب عملية السلام الأفغانية تسارعا جديدا نحو الأمام. وشددا على أن إحلال السلام الدائم في أفغانستان سيساهم في استقرار وأمن المنطقة برمتها.

كما يأتي الاجتماع ضمن مسعى اردوغان للتقارب مع الولايات المتحدة بمساعدتها على وقف النار في أفغانستان في خطوة ترطية تطمح لخفض التوتر مع الإدارة الأميركية بسبب خلافات متناثرة أبرزها ضفقة اس-400 وانتهاكات أنقرة في مجال حقوق الإنسان، فيما تسعى واشنطن لإنهاء الحرب الأفغانية قبل سحب قواتها. 

وسعت إدارة بايدن إلى ممارسة ضغوط دولية على حركة طالبان وحكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني المدعومة من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام ووقف لإطلاق النار قبل الموعد النهائي.

وهددت حركة طالبان أمس الجمعة باستئناف المعارك مع القوات الأجنبية في أفغانستان في حالة عدم الوفاء بمهلة انسحابها في أول مايو أيار.

وقال بايدن يوم الخميس إنه سيكون من الصعب الالتزام بالموعد النهائي الذي يتطلب أيضا رحيل حوالي 7000 من القوات المتحالفة.

وقالت طالبان إنها ملتزمة بالاتفاق الذي وصفته بأنه "أكثر الطرق عقلانية وأقصر طريق" لإنهاء 20 عاما من الحرب في أفغانستان، وهي أطول صراع خارجي للولايات المتحدة.

من جانب آخر شدد قالن خلال اللقاء على استمرار وقوف تركيا إلى جانب الشعب الأفغاني.

وكانت العاصمة الروسية قد استضافت اجتماعا شاركت فيه الحكومة الافغانية وحركة طالبان وقطر والولايات المتحدة وباكستان في 18 مارس/آذار الجاري، بهدف إنهاء العنف وتحقيق السلام في افغانستان.

وانطلقت مفاوضات سلام تاريخية شهر سبتمبر/أيلول الماضي في الدوحة، بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان غير أنها لم تحرز تقدما يذكر، فيما استمرت الحركة المتمردة في تنفيذ هجمات بشكل متكرر على القوات الحكومية ومناطق انتشار الجنود الأميركيين.

ويبدو أن تركيا تسير على خطى الدوحة في استغلال الحرب الأفغانية لتنشيط دبلوماسيتها وطلاهما يعشيان في السنوات الأخيرة حالة من العزلة.