أنقرة تساوم واشنطن بورقة المعتقلين الأميركيين في سجونها

تركيا تبدأ محاكمة موظف بالقنصلية الأميركية بتهمة التجسس في قضية تزيد التوترات بين الولايات المتحدة وحليفتها في حلف شمال الأطلسي.

أنقرة تضغط على واشنطن بمحاكمة موظف أميركي متهم بالتجسس
أردوغان ماض في صفقة اس 400 الروسية متجاهلا التحذيرات الأميركية
متين توبوز يواجه السجن مدى الحياة إذا تمت إدانته

اسطنبول - بدأت في تركيا اليوم الثلاثاء محاكمة موظف في القنصلية الأميركية متهم بالتجسس ومحاولة الإطاحة بالحكومة، في قضية تزيد التوترات بين الولايات المتحدة وحليفتها في حلف شمال الأطلسي.

وتستخدم تركيا ورقة المعتقلين لديها ممن يحملون الجنسية الأميركية لمقايضة واشنطن ومساومتها في عدد من الملفات.

وتم توقيف متين توبوز وهو مواطن تركي موظف في إدارة مكافحة المخدرات الأميركية، عام 2017 واتهم بالارتباط بالداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة والذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل عام 2016.

واقتادت الشرطة التركية توبوز وهو يبكي إلى قاعة محكمة كاغلايان في اسطنبول، حيث يواجه عقوبة بالسجن مدى الحياة في حال تمت إدانته وهو متهم بالتواصل مع عناصر شرطة ومدع عام سابق يشتبه بارتباطهم بحركة غولن، وفق ما أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.

وقال توبوز أمام المحكمة "خلال عملي على مدى 25 عاما في إدارة مكافحة المخدرات (الأميركية)، التقيت الكثير من عناصر الشرطة والمسؤولين الحكوميين وتبادلت بطاقات العمل معهم. كانت مهتمي تقتصر على العمل كمترجم بين المتحاورين"، مضيفا "لم أعتقد يوما بأنني قد اتهم بهذه الاتصالات".

وحضر الجلسة التي يتوقع أن تستمر ثلاثة أيام القائم بالأعمال في السفارة الأميركية في أنقرة والقنصل العام في اسطنبول.

وقال محاميه خالد أكالب للصحافيين "نتوقع الإفراج عن السيد توبوز"، بينما تجري المحاكمة في ظل تراجع العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا جراء الخلافات بشأن الحرب في سوريا وشراء تركيا صواريخ روسية ورفض واشنطن تسليم غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل في صيف العام 2016.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد قبل يوم أن تركيا لن تتراجع عن شراء النظام الصاروخي الروسي أس 400 فيما توعدت واشنطن بفرض عقوبات اقتصادية ردا على هذه الخطوة.

وفيما اعتبرت السفارة الأميركية أن "لا أساس" للاتهامات الموجهة لتوبوز، قال مسؤولون أميركيون إن الإفراج عن موظفيهم من المواطنين الأتراك الذين "اعتقلوا دون مبرر" هو أولوية.

وبين هؤلاء العالم في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) سركان غولج الذي يحمل الجنسيتين التركية والأميركية والمسجون بتهم تتعلق بالإرهاب.

كما تفرض تركيا الإقامة الجبرية على موظف آخر في القنصلية الأميركية في اسطنبول هو ميتي جانتورك الذي يواجه اتهامات كتلك الموجهة إلى توبوز.

وأدان قاض في يناير/كانون الثاني حمزة أولوجاي وهو موظف سابق في القنصلية الأميركية في أضنة بجنوب تركيا، بتهمة مساعدة مقاتلين من حزب العمال الكردستاني المحظور. وتم الإفراج عنه لإنهائه مدة سجنه.

مسؤولون أميركيون يؤكدون أن الإفراج عن الموظفين من المواطنين الأتراك الذين اعتقلوا دون مبرر يعتبر أولوية

وأثار توقيف توبوز في 2017 أزمة دبلوماسية بين واشنطن وأنقرة اللتين علّقتا بشكل متبادل ولأشهر عدة، معظم خدمات إصدار التأشيرات، قبل أن تتراجعا عن ذلك.

وقالت الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية أصلي آيدنطاشباش "كانت هذه القضية تعد مسألة كبيرة في العلاقات التركية الأميركية، لكن الأميركيين تراجعوا عن قرار سابق لفرض حظر على التأشيرات وقرروا إتباع دبلوماسية هادئة".

وتم اعتقال عشرات آلاف الأشخاص منذ الانقلاب الفاشل على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 2016 للاشتباه بارتباطهم بغولن بينما تمت إقالة أكثر من 100 ألف شخص أو منعهم من العمل في وظائف القطاع العام. وينفي غولن الاتهامات بأنه خطط للانقلاب الفاشل.

وتعرضت أنقرة مرارا إلى انتقادات من حلفائها الغربيين وناشطي حقوق الإنسان على خلفية الحملة الأمنية التي يقولون إنها قوضت الديمقراطية، لكن مسؤولين أتراك أشاروا إلى أن الحملة ضرورية للتخلص من نفوذ غولن في مؤسسات الدولة.

وتراجعت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا إلى أدنى مستوى لها العام الماضي على خلفية اعتقال القص الأميركي أندرو برونسون، ما دفعهما إلى تبادل العقوبات في خطوة تسببت بهبوط الليرة التركية بشكل كبير.

وتم الإفراج عن برونسون في أكتوبر/تشرين الأول، ما أدى إلى انفراج في العلاقات، لكن قرار اردوغان شراء منظومة صواريخ إس-400 من روسيا أثار تحذيرات من واشنطن من أن الصفقة قد تؤثر على مبيعاتها لمقاتلات إف-35 أميركية الصنع إلى تركيا.

وأثار تحرك تركيا لشراء المنظومة تساؤلات في صفوف بقية أعضاء حلف شمال الأطلسي بشأن معدات الحلف وقلقا بشأن العلاقة بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

والعلاقات الثنائية متوترة في الأساس جراء الدعم الأميركي للفصائل الكردية في سوريا التي تعتبرها أنقرة مجموعات إرهابية على صلة بحزب العمال الكردستاني.