أنقرة تطالب بتسليمها اثنين من المشتبه بهم في مقتل خاشقجي

مدعي عام اسطنبول يصدر مذكرتي اعتقال بحق سعود القحطاني وأحمد عسيري للاشتباه بأنهما خططا لقتل خاشقجي، فيما يطرح الإجراء التركي جدلا قانونيا حول الجهة المخولة بالتحقيق ومحاسبة الجناة.  

تركيا تبقي على ضجيج قضية خاشقجي لإلهاء العالم عن انتهاكاتها
أنقرة تحاول إبعاد قضية خاشقجي عن مسارها القانوني
السعودية رفضت مرارا محاولات تركية لتسييس قضية خاشقجي

أنقرة - واصلت تركيا تصعيدها في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي مبقية على ضجيج هذه القضية ومحاولة تحويل مسارها، حيث قال مسؤولان تركيان اليوم الأربعاء إن المدعي العام لاسطنبول أصدر مذكرتين للقبض على مسؤولين سعوديين سابقين هما سعود القحطاني وأحمد عسيري للاشتباه بأنهما خططا لقتل خاشقجي.

ويثير الإجراء التركي جدلا قانونيا حول الجهة المؤهلة للتحقيق ومحاسبة الجناة، حيث أن خاشقجي قتل في القنصلية السعودية باسطنبول وهي وفق القانون الدولي واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، تخضع للسيادة السعودية وليس للسيادة التركية وفي الوقت نفسه فإن الجريمة ارتكبت في تركيا، لكن ذلك يضع على عاتق السلطات التركية مسؤولية أيضا كونها تتحمل مسؤولية حماية مواطن أجنبي على أراضيها وحماية البعثات الدبلوماسية.

ويأتي الإجراء التركي بينما سبق أن رفضت السعودية رفضا قاطعا أي تدخل تركي في هذه القضية وأكدت أنه يجري التحقيق في الجريمة وفقا للقانون السعودي وضمن مسارها الجنائي.

كما رفضت أي محاولات تركية لتدويل قضية خاشقجي أو تسييسها وإبعادها عن مسارها القانوني.

سعود القحطاني كان من كبار مستشاري ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
القحطاني من ضمن المسؤولين السابقين المشتبه بتورطهم في مقتل خاشقجي

لكن أنقرة التي تعمدت منذ اختفاء خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الثاني إلى أن أقرت السعودية بأنه قتل في قنصليتها باسطنبول، على التسريبات الإعلامية للتشويش على التحقيق ومحاولة الزج باسم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في القضية.   

وأعلنت الرياض عن اعتقال 18 مشتبه بهم لتورطهم في الجريمة وأقالت ستة مسؤولين، فيما طالب الادعاء العام السعودي بالإعدام لخمسة من المتهمين في الوقت الذي تعهد فيه العاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده بالشفافية والنزاهة وبمحاسبة المذنبين والمقصرين.  

وأضاف المسؤولان التركيان أن الادعاء خلص إلى أن هناك "اشتباها قويا" بأن القحطاني أحد كبار مساعدي الأمير محمد سابقا وعسيري النائب السابق لرئيس الاستخبارات العامة السعودية، شاركا في التخطيط لقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية باسطنبول.

وتأتي هذه الخطوة بعد يوم من ممارسة أعضاء كبار في مجلس الشيوخ الأميركي ضغوطا على السعودية وعلى الرئيس الأميركي وكبار المسؤولين في حكومته الذين أكدوا مرارا أن لا أدلة على أي مسؤولية لولي العهد السعودي في جريمة مقتل خاشقجي.

وعمل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على إبقاء انتباه العالم موجها للجريمة التي يقول إن الأمر بتنفيذها جاء من أعلى المستويات في الحكومة السعودية رغم قول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه لا ينبغي لواشنطن أن تتخذ أي إجراء من شأنه أن يقوض علاقتها بالرياض.

وتدفع تركيا باستمرار للإيحاء بأن الرياض غير حازمة في التعامل مع قضية خاشقجي ولتأجيج الشكوك حول عزم المملكة محاسبة المتورطين في الجريمة.

وقال أحد المسؤولين الأتراك "خطوة الادعاء بإصدار مذكرتي توقيف لعسيري والقحطاني تعكس وجهة النظر القائلة بأن السلطات السعودية لن تتخذ إجراء رسميا ضدهما".

وعلى الرغم من ترحيب دول العالم بالإجراءات التي اتخذتها الرياض وطالبت سلطات المملكة بالمضي قدما في مسارها القانوني والقضائي، فإن تركيا تحرص على إبقاء الإجراءات السعودية في دائرة الشك.

أحمد عسيري النائب السابق لرئيس الاستخبارات أمر باعادة خاشقجي ولم يأمر بقتله
أحمد عسيري النائب السابق لرئيس الاستخبارات أمر باعادة خاشقجي ولم يأمر بقتله

وقال المسؤول التركي "يبدو أن المجتمع الدولي يشك في التزام السعودية بمقاضاة المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة. يمكن للسلطات السعودية معالجة هذه المخاوف بتسليم جميع المشتبه بهم إلى تركيا حيث قتل جمال خاشقجي وقطعت أوصاله".

وكان اردوغان قال إن الأمر بقتل خاشقجي لم يأت من الملك سلمان في تصريح حمل أكثر من تأويل، ملمحا بذلك لمسؤولية الأمير محمد بن سلمان.

وقالت السعودية إن ولي العهد لم يكن على علم مسبق بالقتل. وبعد أن قدمت العديد من التفسيرات المتناقضة قالت الرياض إن خاشقجي قتل وإن جثته قطعت أوصالها بعد فشل مفاوضات لإقناعه بالعودة للمملكة.

وقال ترامب وبعض الجمهوريين يرون إنه لا ينبغي لواشنطن أن تتخذ أي إجراء من شأنه أن يخاطر بعلاقتها بالرياض التي ينظر إليها على أنها تمثل ثقلا في مواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط.

وقال اردوغان إن حل قضية مقتل خاشقجي سيخدم كذلك مصالح العائلة الحاكمة في السعودية.

وفرضت الولايات المتحدة الشهر الماضي عقوبات اقتصادية على 17 مسؤولا سعوديا لدورهم في الجريمة. وكان من بين هؤلاء القحطاني الذي كان أبرز مساعد لولي العهد.

وقال أشخاص مقربون من خاشقجي والحكومة إن القحطاني حاول إقناع خاشقجي بالعودة إلى السعودية بعد انتقاله إلى واشنطن قبل عام.

لكن عسيري النائب السابق للاستخبارات الخارجية السعودية لم يكن على قائمة من فرضت عليهم العقوبات. وقال النائب العام السعودي إن عسيري هو من أمر بعملية ترحيل خاشقجي وليس قتله.