أنقرة تمضي في 'تتريك' مناطق سيطرتها في شمال سوريا

تركيا تعمل على تغيير التركيبة الديمغرافية في المناطق السورية الخاضعة لسيطرتها وبسط نفوذها على المؤسسات العسكرية والاقتصادية والتعليمية والإدارات.
خطوات تركية تهدف لعزل منطقة شرق الفرات عن الإدارة السورية وربطها بأنقرة
أنقرة تفرض نظاما إداريا جديدا يدير مجموعة من الدوائر للتحكم في مناكق شمال سوريا

إدلب (سوريا) - تعمل تركيا منذ فترة من خلال انتشارها العسكري في مناطق شاسعة من شرق الفرات شمال سوريا، على تغيير التركيبة الديمغرافية في تلك المناطق و"تتريك" المؤسسات العسكرية والاقتصادية والتعليمية والإدارات عبر اتخذاها خطوات تمكنها من فرض سلطاتها على تلك المؤسسات وربطها بالإدارة التركية وقطع علاقاتها ببقية المناطق السورية التي لا تخضع لسيطرة الجيش التركي.

وفي هذا السياق تحدث تقرير صادر عن 'سكاي نيوز عربية' الاربعاء عن إطلاق القوات التركية المسيطرة على إدلب، لسجل مدني يدير مجموعة من الدوائر التابعة لمختلف مناطق شمال سوريا.

وتسعى تركيا وفق التقرير إلى عزل تلك المناطق عن بقية الأراضي السورية إداريا وربطها بأنقرة في خطوة تنضوي ضمن "سياسة الاحتلال والتتريك".

ورفض دمشق وحلفائها الإقليميين والدوليين بشدة تلك الخطوات، وأصدرت وزارة الخارجية السورية بيانا نددت فيه بـ"الاحتلال التركي الغاشم للأراضي السورية"، معتبرة أن "الخطوات التركية شبيهة بالسياسات الإسرائيلية في الجولان المحتلة"، داعية السكان إلى رفض تلك القرارات اعتبرتها "استهدافا للهوية السورية والجغرافية في مسعى لتغييرها في مناطق الشمال".

وبحسب سكان في تلك المناطق فإن مؤسسة جديدة أنشأتها تركيا "ستقوم بإصدار وثائق خاصة بالملكية ووثائق الحالة بأنواعها ومختلف أنواع العقود المالية".

يوماً بعد آخر ثمة إحساس بأن سوريا تفقد إدلب وأن تُركيا هي الجهة التي ستشغل إدلب لفترة طويلة

وأثارت هذه الخطوات مخاوف شديدة لدى السكان من قرارات مجهولة قد تصدر سندات ملكية جديدة لعناصر الفصائل الموالية لأنقرة.

وتدخلت تركيا عسكريا في شمال سوريا عام 2017 بذريعة حماية أمنها القومي وملاحقة المقاتلين الأكراد وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية، وهي خطوة قوبلت برفض دولي واسع ويدين المجتمع الدولي باستمرار التدخل التركي في الأراضي السورية.

وكان النظام السوري قد حذر في وقت سابق من التهديد المحاط بحقوق الملكية لملايين السوريين من المهجرين داخل سوريا وخارجها خاصة.

ويقول الباحث في علم الاجتماع السياسي، سميان همواند، إن "هناك استراتيجية تركية واضحة وراء كل هذه الخطوات".

وأضاف في تصريح لـ'سكاي نيوز' "تعتبر تركيا بأن أكثر من أربعة ملايين سوري من المُقيمين في مناطق شمال سوريا مهاجرين على أراضيها، يضاف إليهم 4 ملايين داخل تركيا، وهؤلاء يشكلون معا قرابة 8 ملايين سوري، وإذا ما تم تتركيهم لغوياً وثقافياً وإدارياً، فإن قرابة ثُلث سوريا ستكون مرتبطة موضوعياً بتركيا وسياساتها وخياراتها المستقبلية".

ويحذر خبراء من أن تركيا قد تبتلع إدلب من خلال سيطرتها الواسعة على المحافظة، فقد قال مستشار المجلس الوطني الروسي للشؤون الدولية كبرائيل سيمونوف، "يوماً بعد آخر ثمة إحساس بأن سوريا تفقد إدلب، وأن تُركيا هي الجهة التي ستشغل إدلب لفترة طويلة".

ويشار إلى أن تركيا قد فتحت هذا العام فروعا لمراكز البريد التركية في مختلف مناطق الشمال السوري بهدف فرض التعامل بالليرة التركية بدلا من السورية.

ويخطط الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى بسط نفوذه في سوريا ضمن مشروع التوسع التركي في المنطقة سعيا منه لتحقيق أحلام واهية في استعادة أمجاد الدولة العثمانية.