أنيس القليبي يروي سيرة 'عصفور عاشق' بكمانه

القليبي عازف تعددت أعماله الموسيقية ومشاركاته في تونس وخارجها وقاد المجموعات العازفة وذهب في أرض الموسيقى مشرقا ومغربا.

ماذا يقول القلب لسيده حيث أصوات تلون الوجود في دلال وشجن عظيمين.. ماذا لو شكلت الأوتار خطاها وهي تمضي إلى جهة في الروح حيث جمال وبهاء وحسن... وبوح مبين.. ها هي اللغة الأخرى تتقصد مداها تجترح من ينابيعها شيئا من دفتر الرغبات وإيقاعات الأمكنة والأشياء والعناصر تتقصد فكرة حالها تجاه الكائن الذي لا يطلب غير صمت وانتباه وسفر فيها وتجاهها قولا بالجواهر.. جواهر الحال والتفاصيل..

ماذا لو كان الأمر يدعونا إلى الانتشاء والرقص والذهاب عميقا في شواسعنا لنعيد الأشياء إلى هدوئها في هذا الصخب الكوني القاتل حيث تداعيات شتى تربك الإنسان وتعلي من شؤون السقوط المريع.. ها هي اذن تأخذنا طوعا وكرها إلى عوالمها الناعمة الطالعة من عزف ونزف...

إنها هي التي... إنها موسيقى الذات من قدم في حلها وترحالها وتعدد ألوانها لا تلوي على غير البوح باعتمالات الدواخل في كثير من الانسياب والعذوبة والعبارات الباذخة.. الموسيقى لغة القلب وهو يفشي بوحه النادر مثل فراشات من ذهب الأزمنة... وهكذا..

من هنا نمضي مع الموسيقى التي تخيرها صاحبنا من طفولة عابرة مقيمة في ذاته المثقلة بالأحلام تشوفا لما به تسعد الأذن والعين وال...حواس في عنفوان إحساس وحنين تجاه الماضي و ...القادم.

ها هو .. الذي أراه يحاور الكمان اجتراحا للنغمات.. للموسيقى المبثوثة في حواسه متجولا في الجهات والأمكنة لا يلوي على غير القول بالكمان آلته الساحرة يؤلف بها ومعها شيئا من رغبات القلب ليسافر السامع والناظر عندئذ إلى عوالم داخله المنسية.. الموسيقى المنبعثة من "الكمنجة" تنسكب في الأنفاس الطالعة من جسد أرهقته الشؤون والشجون..

ها هو العازف الأمهر.. أنيس القليبي الذي يمشي مع الناس وإلى الناس متأبطا "كمنجته" بكثير من التحنان فهي شريك شجن وبهجة وألق.. سافر وهي معه يحضنها فتحرسه وتهبه شيئا من عطورها..

تعددت أعماله الموسيقية ومشاركاته في تونس وخارجها وقاد المجموعات العازفة وذهب في أرض الموسيقى مشرقا ومغربا فخبر الكمان والأسرار وباحت ذاته بالجمال الموسيقي في معزوفات رائقة..

قدم عديد العروض في العزف على الكمنجة حيث يقول "أنا أول عازف كمنجة في تونس يقدم عرضا كاملا من تأليفه خصيصا لآلة الكمنجة...، وقد تحدث كثيرا عن علاقته بالكمنجة وعن اختياره لهذه الآلة منذ بداية مشواره مع الموسيقى ...".

وفي كل أحاديثه ومعزوفاته ونشاطه الموسيقي هذا كان أنيس القليبي الفنان والدكتور عاشقا متيما للكمان.. مستلهما من هذا العشق الجنوني النبيل الجميل فكرة "العصفور العاشق" التي كانت معزوفة القلب حيث يشد بها السامعين في جمال عزف بارز وحلم كامن في الحكاية والتفاصيل..

ها هو العازف يواصل اللعب العالي مع أوتار كمانه مبحرا في العوالم حيث موسيقى تطلع من أنهار قديمة وبساتين و...حكايات أخرى لا تصلح لكتب التاريخ والروايات.. إنها موسيقى باذخة... و..فقط.

عازف مكتظ بطفولة العوالم وأصوات الأرجاء والأمكنة لا يرتجي غير قول بليغ يبثه في النغمات فيطغى العزف والنزف.. إنها موسيقى العصافير.. والطيور البعيدة........ والقلب المفعم بالنشيد.. وبالآه...