'أنيماليا' دراما خارقة للطبيعة تحط في المغرب

المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يمنح صوفيا العلوي فرصة عرض فيلمها الروائي الطويل في بلادها بعد جولة وتتويجات عالمية.
صوفيا العلوي: الفيلم دعوة للتساؤل حول خيارات حياتنا

مراكش (المغرب) - أعلنت المخرجة المغربية صوفيا العلوي عن عرض فيلمها "أنيماليا" أخيرا بالمغرب بعد جولة عالمية وسلسلة من التتويجات، وذلك من خلال مشاركته في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.

وكتبت صوفيا العلوي عبر صفحتها على فيسبوك "رسميا سيتم عرض فيلم أنيماليا لأول مرة على المستوى الوطني في مهرجان مراكش الدولي يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني".

وأعربت عن سعادتها بذلك، قائلة "تأثرت كثيرًا لأنني أخيرًا قدمت أول فيلم روائي طويل لي في بلدي المغرب.. شكرًا لجميع أعضاء فريقي، شركائي طوال حياتي ولكن اليوم أود بشكل خاص أن أشكر شركائي المغاربة الذين آمنوا بي في هذا المشروع المجنون إلى حد ما".

وسيعرض الفيلم ضمن قسم "العروض الخاصة" الذي يقترح لدورة هذا العام 16 فيلما معاصرا، عدد مهم منها من إنجاز مخرجين مرموقين أمثال نيكولاي أرسيل، برتراند بونيلو، منية شكري، أنيسكا هولاند، لادج لي، وأليس روهرواشر.

ويسلط هذا القسم الضوء على الموجة الجديدة للسينما العالمية من خلال عدة أفلام بينها فيلم "أنيماليا" الذي تحكي فيه صوفيا العلوي قصة خيالية شاعرية.

وستستعرض العلوي دراسة حالة من خلال فيلمها الروائي الطويل تتناول فيها الأهمية الإبداعية للمؤثرات الخاصة في السينما المعاصرة بأفريقيا والشرق الأوسط.

والفيلم من تأليف صوفيا العلوي وإخراجها وسيناريو رافاييل ديبلشين، ويضم نخبة من الممثلين بينهم مهدي ذهبي، أميمة بريد، سعاد خويي، فؤاد أوغاو، وآخرين.

وتدور أحداث الفيلم حول قصة الفتاة العشرينية "إيتو" (تجسدها أميمة بريد)، تزوجت حديثا وانتقلت للعيش مع عائلة زوجها "أمين" خلال فترة حملها، لكنها تجد نفسها عند اقتراب موعد ولادتها وحيدة بعد مغادرة زوجها في رحلة عمل، في الأثناء يتم إعلان حالة طوارئ بسبب ظواهر جوية غير مألوفة غزت البلاد منذرة بوجود قوة خارقة، لتنطلق "إيتو" في رحلة وجدانية تجعلها تسأل عن السرد المنهجي الذي أحاط بها منذ ولادتها.

وأوضحت العلوي أن "أنيماليا" يجد جذوره في مصادر مختلفة وينشأ من أسئلة حميمة يطرحها البشر على أنفسهم حول علاقتهم بالعالم، "حول حقيقة حياتنا، حول اختياراتنا، حول من نحن؟".

ويستكشف الفيلم رحلة امرأة تتطور في عالم يعيق تحقيق ذاتها بشكل كامل، إنه نقد للتصحر الأخلاقي الناتج عن السعي المحموم لتحقيق النجاح والمال، وعالم غير واعي بانفصاله عن بيئته والناس الذين يعيشون فيه، وفق العلوي.

وأضافت أن الفيلم يجد نشأته في الأسئلة الحميمة التي سكنت ذهني لسنوات، إنه استكشاف لعلاقتنا بالعالم، والحقيقة التي تنبثق من حياتنا وخياراتنا، بالنسبة لي السينما هي الطريقة لاستكشاف العالم من حولنا، وإثارة أفكار عميقة.

والفيلم بالنسبة للعلوي دعوة للتساؤل حول خيارات حياتنا، وكشف التصدعات في مجتمع أعماه السعي وراء النجاح المادي.

وبرز فيلم "أنيماليا" بشكل ملفت، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان ساندانس السينمائي الذي كان بوابته للعالمية. وعاد إلى دائرة الضوء هذا الأسبوع في مهرجان ستوكهولم السينمائي الدولي، حيث يتنافس في المسابقة الرسمية.

وقالت صوفيا العلوي على هامش ترشيح فيلمها للمشاركة في ساندانس السينمائي حينها عبر تدوينة على حسابها بإنستغرام "متحمسة للغاية ويشرفني أن أعلن أخيرًا أن أنيماليا سيتم عرضه العالمي الأول في المسابقة الرسمية في مهرجان ساندانس السينمائي".

ولفتت إلى أن الفيلم "دراما خارقة للطبيعة تدور حول نهاية العالم، مصنوعة من القلب والعاطفة والتي عملنا عليها بجهد كبير جدًا".

وشددت العلوي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء في إطار مشاركتها في مهرجان ستوكهولم السينمائي على أن فخرها بمغربيتها لا يحجب إيمانها بالطابع الكوني للسينما، قائلة إن دور السينمائي يتجاوز مجرد تمثيل البلد.

وأكدت أن الصدق في الإبداع السينمائي هو أقوى وسيلة لمد الجسور بين الأمم، معربة عن رفضها الانصياع للنظرة النمطية التي تختزل إبداعات سينما بلدان الجنوب، لافتة إلى أن الفيلم يسعى إلى القطع مع النظرة الجاهزة للشمال نحو الجنوب، وتجاوز التوقعات النمطية. لا تهدف السينما التي أعمل بها إلى تكريس الكليشيهات الغربية حول البؤس، بل إلى تجاوز هذه التصورات. الواقع أن التغيير الذي أراه لا يكمن فقط في مخرجين وفي أفلام معزولة، بل في ظهور جيل سينمائي غزير الإنتاج في المغرب. أعتقد حقا أن هذا تحول مهم نحتفي به.

وأبرزت أنها تتشبث بحريتها الفنية، مؤكدة أن عملها على غرار العديد من المواهب المغربية، يتجاوز التوقعات النمطية ليمثل جيلا كاملا من صانعي الأفلام المتحررين من القوالب الجاهزة.

وقالت "لدينا المزيد والمزيد من المواهب المغربية، ولدينا سينما ناجحة، ونحن لا نتحدث عن مخرج أو فيلم بل عن جيل كامل. هذا هو التغيير!"، متابعة أن السينما المغربية تتطور باستمرار وتتجاوز الكليشيهات لتكرس سعيا عميقا نحو العالمية والأصالة.

ويذكر أن المركز السينمائي المغربي قام باقتراح "أنيماليا" ضمن عدة مقترحات شملت 5 أفلام من أجل خوض مسابقة جوائز الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي 2024، وحاز على شروط الترشح إلى جانب فيلمين آخرين تم اختيار أحدهما بشكل رسمي لتمثيل المغرب في المسابقة السينمائية الأشهر في العالم وهو فيلم "كذب أبيض" لأسماء المدير.

ومن المتوقع أن يعرض "أنيماليا" في المزيد من المهرجانات حول العالم، بعد عرضه في المغرب على هامش فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، حيث سيشارك في النسخة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ضمن برنامج "اختيارات عالمية".

وسيقدم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بمناسبة دورته العشرين التي ستقام خلال الفترة ما بين 24 نوفمبر/تشرين الثاني و2 ديسمبر/كانون الأول المقبل، نخبة من الأفلام السينمائية العالمية تضم 75 فيلما تنتمي إلى 36 دولة.

وسيتم افتتاح الدورة العشرين بفيلم "قاتل مستأجر"، وهو كوميديا بإيقاع سريع من إخراج ريتشارد لينكلاتر، يمزج بين الحركة والكوميديا الرومانسية، وينتظر أن يكون واحدا من أكبر النجاحات السينمائية في نهاية هذه السنة، وهو من بطولة الممثل المتألق كلين باول.

ومهرجان مراكش السينمائي الدولي يعد من أهم المهرجانات السينمائية العالمية وأحد أهم المهرجانات في دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك لوجود كبار السينمائيين الذين يحضرون ويكرمهم المهرجان، وأيضا لاهتمامه الكبير بالسينما الأوروبية والهندية والعربية والأميركية، وللعديد من الجوائز التي قُدمت له كأحسن مهرجان كجائزة فيليني وجائزة روبيرتو روسيليني.