'أنين' صوت ينبعث من أعماق الذاكرة السورية
دمشق - تحت عنوان "أنين"، تنقل الفنانة التشكيلية فاطمة شيخ الشباب من خلال معرضها الفردي الأول الذي يستضيفه غاليري مصطفى علي بدمشق القديمة، الوجع الإنساني للسوريين خلال سنوات الثورة والحصار.
ويضم المعرض الذي يتواصل إلى غاية الخامس والعشرين من يونيو/حزيران الجاري، 21 لوحة اعتمدت فيها فاطمة شيخ الشباب على أسلوب تعبيري يلامس التجريد، مستخدمة خامات متنوعة، أبرزها الأكريليك، إلى جانب الفحم والباستيل.
وعن المعرض، كتب غاليري مصطفى علي بحسابه على إنستغرام "'أنين' ليس مجرد عنوان، بل هو صوت ينبعث من أعماق الذاكرة السورية، صوت لا يُسمع فقط بالأذن، بل يُحسّ بالقلب.. في معرضها الفردي الأول تسلط الفنانة التشكيلية فاطمة شيخ الشباب الضوء على الألم السوري بلغة بصرية وشعرية تتجاوز الكلمات، وتحمل في طياتها وجعًا جماعيًا عاشه شعب بأكمله".
وتابع "حمل الشعب السوري على كتفيه جراحًا لم تندمل، وآمالاً لم تمت. أربع عشرة سنة من النزيف والرجاء، من الصراخ الصامت، من البيوت التي هُدمت، والأحلام التي شُرّدت، والوجوه التي اختفت خلف الغياب.. كل عمل فني في 'أنين' هو شهادة، وكل لون هو شاهد، وكل خط هو أثر من آثار تلك الرحلة الطويلة في دروب الحزن والمقاومة".
وأضاف "هذا المعرض هو دعوة من فاطمة شيخ الشباب للتأمل، للإنصات، وللاعتراف بأن الألم السوري ليس مجرد حدث، بل تجربة إنسانية تستحق أن تُروى وتُفهم".
ومن بين أبرز لوحات المعرض، لوحة تُجسد الطفل السوري آلان الذي قضى غرقا على طريق الهجرة والنزوح كرمز لطفولة غادرت الحياة باكرا، رسمته فاطمة كروح حزينة بقيت لعبته ترافقها، تجسيدا للخذلان الذي عاشه كثيرون وهم يحاولون الهرب من الحصار والجوع.
وقالت فاطمة وهي خريجة قسم العمارة الداخلية من كلية الفنون الجميلة في تصريح للوكالة العربية السورية للأنباء "سانا"، "'أنين' هو خلاصة مشاعر وتجارب عشتها وسمعتها خلال سنوات صعبة مرّت على بلدنا، وحاولت من خلال المعرض أن أنقل الحالة النفسية التي رافقت السوريين في تلك المرحلة، بعيدا عن مشهد الحرب، وبتركيز على الإنسان ومعاناته اليومية".
وعن دوافع المعرض، أشارت الفنانة التشكيلية إلى أنها تهديه إلى قريبتها مجدولين فارس القاضي التي كانت معتقلة لسنوات، قائلة "المعرض في جزء منه وفاء لذاكرة أشخاص أحببناهم وتألموا، من بينهم ابنة عمتي التي توفيت والدتها حزنا عليها، هذا الألم المشترك الذي عشناه هو ما حرّك ريشتي"، فالمعرض كان نتاج تجربة شخصية مؤثرة.
وأوضحت فاطمة "اهتممت برسم وجوه بلا ملامح، لأنها تعبّر عن الألم الداخلي أكثر مما تعبّر عنه التفاصيل الظاهرة، ركزت على معاناة النساء، وعلى شعور المعتقلات، والمواطنين الذين عاشوا لحظات صعبة بحثًا عن أبسط مقومات الحياة، مثل تأمين أسطوانة الغاز، أو شراء الدواء، أو حتى الأمان".
وترى التشكيلية السورية أن إقامة مثل هذه المعارض في المرحلة الحالية أمر مهم، وخاصة أنها تسلط الضوء على جوانب إنسانية عميقة عايشها السوريون خلال فترات الحصار والضيق.
وأضافت أن "هذا التوثيق البصري لا يهدف إلى تسجيل الأحداث، بل إلى التعبير عن المشاعر التي مررنا بها جميعا، وهي نوع من التوثيق الوجداني لتاريخ سوريا"، منوهة بالدعم الذي تلقته من اتحاد الفنانين التشكيليين ووزارة الثقافة، قائلة "لمست منهما الترحيب والاهتمام الواضح، وهذه خطوة مشجعة لأي فنان شاب يريد أن يعرض تجربته ويشارك الناس إحساسه".