أوروبا تتكاتف وترامب يتراجع والعالم في حرب مع كورونا

دونالد ترامب يتخلى عن فكرة عزل نيويورك بعد أن تجاوز عدد الوفيّات جرّاء كورونا في الولايات المتحدة الألفين بينما ارتفع عدد الإصابات إلى أكثر من 120 ألفًا.
جونسون يحث البريطانيين على البقاء في منازلهم ويحذر من الأسوء
مدينة ووهان مهد الفيروس تفتح من جديد باجراءات تدريجية
شركات التصنيع العالمية تتجند لإنتاج أجهزة تنفس اصطناعي
تحذيرات من الآثار السلبية للعزل على الصحة النفسية
ألمانيا تستقبل مصابين فرنسيين وإيطاليين بكورونا للعلاج

روما - تعيش أوروبا والولايات المتحدة أوقاتاً عصيبة في مواجهة جائحة كوفيد-19، بينما بدأت ووهان الصينية التي انتشر منها الوباء تخرج تدريجاً من العزل التام. وفي غياب لقاح أو علاج مثبت للمرض، فُرض على أكثر من ثلاثة مليارات شخص البقاء في منازلهم طوعاً أو قسراً.

وأوقع فيروس كورونا المستجدّ أكثر من 30 ألف وفاة حول العالم منذ ظهوره في كانون الأول/ديسمبر، بحسب حصيلة استندت إلى مصادر رسمية حتى يوم السبت.

وسُجّل ثلثا الوفيات التي بلغت حصيلتها الإجمالية 30003 حالات، في أوروبا.

وتخلّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت عن فكرة فرض حجر صحّي على ولايات نيويورك ونيوجيرسي وكونيتيكت، بعدما كان تطرّق في وقت سابق إلى هذه الفرضيّة في إطار مواجهة فيروس كورونا.

وقال ترامب إنّه طلب من مراكز مكافحة الأمراض، وهي الهيئة الصحّية الوطنيّة، اصدار بيان "حازم" يمنع حركة الدخول إلى هذه الولايات أو الخروج منها، دون أن يعني ذلك إغلاقاً لحدودها.

وجاء في تغريدة لترامب عبر صفحته على موقع تويتر "بناء على توصية من فريق عمل البيت الأبيض للتعامل مع فيروس كورونا، وبعد التشاور مع حاكم نيويورك ونيوجيرسي وكونيتيكت، طلبت من مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها إصدار تحذيرات سفر قوية، يتولى إدارتها حكام الولايات، بالتشاور مع الحكومة الاتحادية".

وأضاف "الحجر الصحي لن يكون ضروريا".

وغرد نائب الرئيس مايك بنس أنه سوف يتم حث سكان الولايات الثلاث على الامتناع عن السفر غير الضروري خلال مدة الأربعة عشر يومًا القادمة.

وتجاوز عدد الوفيّات جرّاء فيروس كورونا في الولايات المتحدة الألفين يوم السبت، بينما ارتفع عدد الإصابات إلى أكثر من 120 ألفًا، استنادا الى إحصاء لجامعة جونز هوبكنز.

وسجّلت الولايات المتحدة 121117 إصابة مؤكّدة بالفيروس. أمّا عدد الوفيّات على أراضيها الذي بلغ 2010، فقد تضاعف منذ الأربعاء.

وولاية نيويورك هي الأكثر تضررا من فيروس كورونا في الولايات المتحدة وقد سجّلت 52318 إصابة و728 حالة وفاة.

في بريطانيا، حذّر رئيس الوزراء بوريس جونسون السبت من أنّ بلاده ستّتجه نحو الأسوأ بالنسبة إلى انتشار الفيروس المستجد، قبل أن تبدأ مرحلة الانفراج، وذلك مع تخطّي حصيلة الوفيّات عتبة الألف بعد تسجيل 260 وفاة في يوم واحد.

الغ
العالم في حالة استسلام للوقاية

وأطلق الزعيم المحافظ الذي أصيب بالفيروس هذا الأسبوع، التحذيرَ في منشور وزّع على كلّ المنازل في بريطانيا لحضّ السكّان على المساعدة في الحدّ من انتشار الفيروس من خلال اتّباعهم الإرشادات.

وكتب جونسون "نحن نعلم أنّ الأمور ستّتجه إلى الأسوأ، قبل أن تبدأ بالتحسّن". ووفق الحصيلة الرسمية الصادرة السبت التي تشير إلى تسارع واضح في تفشي الوباء، بلغ عدد الوفيات 1019 والإصابات 17089.

ويعيش جونسون حاليًا في العزل، لكنّه يقول إنّ عوارضه خفيفة وهو يُتابع جهود مواجهة الوباء.

من جهتها، سجّلت فرنسا 319 وفاة جديدة جراء كورونا في الساعات الأخيرة، ما يرفع الحصيلة الإجمالية للوفيات إلى 2314 منذ بدء الجائحة، وفق أرقام نُشرت السبت على الموقع الإلكتروني للحكومة الفرنسية.

كما سجّلت إسبانيا 832 وفاة بفيروس كورونا خلال 24 ساعة، في حصيلة يومية قياسية السبت، بينما أشار مسؤولون إلى أن الوباء اقترب على ما يبدو من بلوغ ذروته في البلاد.

إلى ذلك، تخطّت حصيلة الوفيات الناجمة عن "كوفيد19" في إيطاليا عشرة آلاف حالة، مع تسجيل 889 وفاة خلال الساعات الماضية، وفق ما أعلن الدفاع المدني السبت.

وسجّلت قطر السبت أول وفاة بفيروس كورونا، في وقت تخطّى عدد المصابين في دول الخليج الستّ ثلاثة آلاف.

أما في الصين، فأعيد فتح مدينة ووهان التي رصدت فيها أول إصابة بالفيروس، في إجراءات تدريجية السبت بعد عزلها لشهرين ونصف شهر تقريبا، مع وصول أول قطار يقل مسافرين ظلوا بعيدين عنها كل تلك المدة.

ودفع انتشار الفيروس شركات التصنيع في أنحاء العالم للعمل جاهدة لإنتاج كميات كبيرة من أجهزة التنفس الاصطناعية بسبب الطلب الهائل عليها لمواجهة الوباء.

إلى جانب النقص في الأقنعة والقفازات، أبرز انتشار كوفيد 19 في كل زاوية من زوايا العالم تقريبا، الحاجة الماسة إلى أجهزة متخصصة تساعد المصابين في البقاء على قيد الحياة.

وقال كيران ميرفي رئيس "جنرال إلكتريك هيلث كير"، "مع تفشي الوباء في العالم، ثمة طلب غير مسبوق على المعدات الطبية، بما في ذلك أجهزة التنفس الاصطناعي".

وقد وظفت المجموعة المزيد من العمال وهي تعمل الآن على مدار الساعة.

كذلك تعمل مجموعة "غيتنغه" السويدية على زيادة الإنتاج لتلبية النمو الهائل في الطلب على هذه المعدات في أنحاء العالم.

وقالت المجموعة في بيان إن كل المعدات التي تستخدم عادة للتدريب أو في المعارض، ستوفر للزبائن بشكل فوري.

وتخطط الشركة الفرنسية "إير ليكيد" أن تزيد إنتاج أجهزة التنفس الاصطناعي من 500 وحدة في الشهر إلى 1100 في نيسان/أبريل.

وأعلنت شركة "دريغر"، عملاق التكنولوجيا الطبية الألماني أنها ضاعفت عدد أجهزة التنفس الصناعي المنتجة لديها، في حين حصلت "لوفنشتاين" على طلبية حكومية تشمل 6500 وحدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

وقد بدأت في زيادة الإنتاج في شباط/فبراير بسبب الطلب الكبير على هذه الأجهزة من الصين.

وقد لجأ قادة العالم إلى المجموعات الصناعية التي لديها الدراية اللازمة والقدرة على مساعدة المستشفيات.

مصانع
جيوش العالم في مواجهة الوباء

وغرّد ترامب على تويتر معطيا "الضوء الأخضر" لشركات"فورد" و"جنرال موتورز" و"تيسلا" للمساعدة في تعزيز إنتاج أجهزة التنفس الاصطناعي.

وقالت ديانا توريس (33 عاما) الممرضة المتخصصة بإعادة التأهيل في مستشفى في نيويورك، إنهم "يقومون بترشيد استهلاك التجهيزات. هذا يُلزمنا بارتداء كيس نايلون فوق بزتنا لنستخدمها فترة أطول".

وقالت مجموعة "بي اس ايه" الفرنسية التي تمتلك "بيجو" و"سيتروين" إنها تبحث "بجدية كبرى في إمكان" الانضمام إلى الشركات التي تصنع تلك الأجهزة الطبية.

قد تكون الابتكارات مثل الطباعة الثلاثية الأبعاد مفيدة أيضا وقد وضعت شركة "أولتيمايكر" الهولندية مراكز الطباعة والخبراء والمصممين تحت تصرف المستشفيات.

وفي شرق فرنسا المتضرر بشدة جراء فيروس كورونا، يعمل مشغل في جامعة بلفور مونبليار على أساس التعاون المفتوح، على نموذج أولي لجهاز تنفس اصطناعي.

وقال المهندس أوليفييه لاموت مدير "معمل الأزمة"، "في حال الأزمات، أي شيء يمكن أن يساعد".

وأضاف "خلال الأيام القليلة الماضية، قال المتخصصون في أنحاء العالم إننا في حاجة إلى طباعة أجزاء لأجهزة التنفس الاصطناعي والأقنعة الواقية".

أما رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فأعلن السبت أن مواطني بلاده الذين تظهر عليهم عوارض الإصابة بفيروس كورونا سيمنعون من السفر عبر الطائرات أو رحلات القطارات بين المدن، في إجراء يدخل حيز التنفيذ الإثنين.

على الضفة الأخرى، صرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس ادهانوم غبرييسوس أن "النقص العالمي المزمن في معدات الوقاية الفردية" للفرق الصحية يشكل "التهديد الأكثر إلحاحا" لهم.

وفي إعلان يعكس أهمية هذه المسألة، أعلن وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران أنّ بلاده طلبت "أكثر من مليار" كمامة واقية لمواجهة تفشي الوباء.

وتسارعت السبت وتيرة نقل الجيش الألماني لفرنسيين وإيطاليين مصابين بفيروس كورونا إلى ألمانيا لتلقي العلاج.

أما روسيا آخر قوة كبرى لم تتخذ حتى الآن أي إجراء للعزل العام، فقررت إغلاق المطاعم ومعظم المتاجر اعتبارا من السبت.

كما أعلنت السلطات أنّ روسيا ستقيّد الحركة عبر كامل حدودها بدءاً من الإثنين لمكافحة الفيروس.

وأغلقت إيران الدولة الرابعة الأكثر تضررًا من حيث عدد الوفيات التي تجاوزت 2500 لديها، أماكن الزيارات الدينية وعلقت صلاة الجمعة في المساجد.

وفي الدول الأكثر فقراً، ولا سيما في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تهدد القيود المفروضة على الحركة سبل عيش الناس الذين يكسبون قوتهم يوماً بيوم، لا تعد إجراءات العزل أمراً بديهياً.

ومع تسجيل نحو 3300 إصابة وأكثر من تسعين وفاة في إفريقيا، حذر المسؤول الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية ماتشيديسو ريبيكا مويتي من أن انتشار الفيروس في القارة سيتبع "تطورا دراماتيكيا".

في لاغوس، العاصمة الاقتصادية لنيجيريا، والمدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في القارة، حيث اكتفت السلطات في الوقت الحالي بإغلاق المدارس والأماكن العامة والحانات وأسواق السلع غير الغذائية، وبتوجيه تعليمات بشأن البقاء في المنزل، تطرح مسألة عدم الاختلاط الاجتماعي إشكالية.

وقال روتيمي أويديبو، بائع المنتجات الكيميائية الذي أغلق متجره بأمر من الشرطة "بحلول الاثنين أو الثلاثاء، في غضون أيام قليلة، سيغادر الجميع منازلهم ويفعلون ما يتعين عليهم القيام به من أجل البقاء".

وفي أحد أحياء جوهانسبرغ الفقيرة، أطلقت شرطة جنوب إفريقيا الرصاص المطاطي السبت لتفريق مئات الأشخاص الذين تجمعوا أمام أحد المتاجر في انتهاك لتعليمات العزل.

وحذرت جمعية الصليب الأحمر من الآثار النفسية للعزل من خلال زيادة مستويات الاكتئاب والقلق وغيرها من المشكلات النفسية.

من جانبه تحدث طبيب قلب إيطالي بالغ من العمر 65 عامًا قضى ثمانية أيام "معزولًا عن العالم" في وحدة العناية المركزة بمستشفى في روما عن "الكوابيس الليلية" التي تراود المرضى.

في مواجهة الكارثة الاقتصادية التي بدأت تشعر دول لعالم بوطأتها، تحاول الأسرة الدولية ضخ مبالغ هائلة في النظام المالي.

وفضلا عن اعتماد الولايات المتحدة خطة إنعاش هائلة تتجاوز قيمتها الألفي مليار دولار لإنقاذ اقتصادها المهدد بالشلل، تعهدت دول مجموعة العشرين ضخ خمسة تريليونات لدعم الاقتصاد العالمي.

وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لثلاث صحف إيطالية السبت "لن نتجاوز هذه الأزمة من دون تضامن أوروبي قوي على مستويي الصحة والموازنة".