أوروبا تقترب من الموقف الأميركي من إيران ولا تتبناه

مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتبنى قرارا ينتقد إيران بشأن برنامجها النووي، فيما أعلنت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق معارضتها رفع حظر الأسلحة الذي يستهدف طهران.
الأوروبيون ضاقوا ذرعا بالانتهاكات الإيرانية
رفض إيران تفتيش موقعين نووين يؤجج الشكوك حول أنشطة مشبوهة
الصين وروسيا تصوتان ضد قرار يندد بخرق إيران لالتزاماتها النووية
باريس وبرلين ولندن توافق على تمديد حظر الأسلحة على إيران

فيينا - اتخذت الدول الأوروبية موقفا أكثر تشددا من السابق حيال برنامج إيران النووي وانتهاكات معلنة وأخرى خفية، ما جعل موقف الأوروبيين أقرب من أي وقت مضى من الموقف الأميركي إزاء الأنشطة الإيرانية المشبوهة.

وصعد الأوروبيون لهجتهم حيال إيران وجعلوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتبنى قرارا يحذر البلد الرافض لإخضاع موقعين مشبوهين للتفتيش، في آخر خلاف في الملف النووي الإيراني الذي تدعو واشنطن فيه إلى انتهاج موقف أكثر تشددا.

وتبنى مجلس حكام الوكالة الجمعة قرارا ينتقد إيران بشأن برنامجها النووي هو الأول الذي تصوت عليه الوكالة التابعة للأمم المتحدة منذ 2012.

وتبنى النص في هذه المرحلة له أولا دلالة رمزية، لكن قد يكون تمهيدا لنقل الخلاف إلى مجلس الأمن الدولي المخول بفرض عقوبات.

ويأتي التصويت في أجواء توتر بشأن برنامج إيران النووي التي تخلت خلال الأشهر الـ12 الماضية عن عدة التزامات ردا على إعادة فرض واشنطن عقوبات عليها.

وذكّر النص الذي وضعته ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إيران بواجباتها في التعاون مع المفتشين الدوليين في حين ترفض طهران منذ ديسمبر/كانون الثاني السماح لهم بدخول موقعين يشتبه في قيامهما بأنشطة نووية غير معلنة قبل أكثر من 15 عاما.

ونال موافقة 25 من الدول الـ35 الأعضاء في المجلس خلال اجتماع عقد في مقر الوكالة في فيينا. وامتنعت سبع دول عن التصويت.

ايران أجرت تجارب على صواريخ باليستية ومنعت تفتيش موقعين نووين
ايران أجرت تجارب على صواريخ باليستية ومنعت تفتيش موقعين نووين

وروسيا والصين البلدان الوحيدان اللذان صوتا ضد النص، حيث أكد السفير الروسي لدى الوكالة ميخائيل اوليانوف أنه يخشى من أن يأتي بـ"نتائج عكسية" على العلاقات مع طهران.

وعبرت الصين عن أسفها أيضا في إعلان أمام المجلس لمبادرة وصفتها بـ"المتسرعة" وحملت واشنطن مسؤولية انتهاج سياسة ممارسة "ضغوط قصوى" على إيران. وصوتت أميركا لصالح القرار رغم أنها كانت ترغب في أن يكون أكثر صرامة.

وقبل التصويت حذرت طهران من أن القرار قد "يضر" بمستوى التعاون الحالي بين إيران والوكالة.

وتفتيش خبراء وكالة الطاقة المواقع النووية الإيرانية عنصر أساسي في هذا التعاون والاتفاق الدولي المبرم في 2015 بين طهران والدول الست الكبرى لمنع إيران من حيازة السلاح النووي.

ومنذ انسحاب واشنطن من هذا الاتفاق في 2018 ورد إيران بتحريك أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، بات الاتفاق مهددا ويعتمد خصوصا على مواصلة عمليات تفتيش وكالة الطاقة في إيران.

وهذه العمليات تتم دون عقبات في المنشآت النووية حيث تقوم الجمهورية الإسلامية حاليا بأنشطة تخصيب اليورانيوم، لكنها تصطدم بعدم تسهيل الإيرانيين دخول أقدم موقعين مبدئيا غير مشغلين حيث كانت طهران قامت بأنشطة غير معلنة مطلع العام ألفين.

ولا شيء يدل على أن هذه الأنشطة تطرح تهديدا في الوقت الراهن، لكن الوكالة تريد التأكد من ذلك. وبموجب التزاماتها مع الوكالة على إيران أن تقبل بعمليات التفتيش المطلوبة.

وبعد التصويت أعلن رفائيل غروسي المدير العام لوكالة الطاقة أنه "من غير المقبول تطبيق استثناءات"، ما يدل على أنه يمكن للدول أن تكون انتقائية في تطبيق اتفاقاتها مع الوكالة، مضيفا "ليس هناك بروتوكولات إضافية حسب الطلب".

وتعتبر طهران على العكس أنها غير ملزمة بتلبية كل الطلبات التي تقوم على ما تعتبره "ادعاءات خبيثة يحيكها خصومها" وتتهم إسرائيل بتسليم الوكالة الوثائق التي تطرح تساؤلات حول المواقع المشبوهة.

ويُفضل الأوروبيون مواصلة الحوار الدبلوماسي على خيار فرض عقوبات جديدة. وأعلن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أن اجتماع وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وفرنسا مقرر الجمعة في برلين.

وتدعو واشنطن الدول التي لا تزال ضمن الاتفاق النووي وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين إلى أن تحذو حذوها.

وانتقدت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الجمعة قرار للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقالت في بيان نشرته وسائل الإعلام الرسمية إن طهران تعاونت مع الوكالة.

واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم الجمعة فرنسا وألمانيا وبريطانيا بخدمة خصمي بلاده اللدودين الولايات المتحدة وإسرائيل وذلك بصياغة قرار نووي مناهض لطهران.

وقال ظريف على تويتر "خلف الواجهة، الدول الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) توابع لترامب ونتنياهو... وليست في وضع يسمح لها بتقديم النصح لإيران".

وقال المتحدث باسم الوزارة عباس موسوي في البيان "في حين أن إيران لديها أعلى مستوى من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إصدار قرار من مجلس المحافظين يمثل خطوة غير بناءة ومخيبة للآمال تماما".

وقال دبلوماسيون إن مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية الذي يضم 35 دولة طالب إيران في القرار اليوم الجمعة بالكف عن منع مفتشي الوكالة من دخول موقعين قديمين والتعاون بشكل كامل مع الوكالة.

وفي تطور على صلة بأنشطة إيران، أعلنت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي وهي فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة الجمعة معارضتها رفع حظر الأسلحة الذي يستهدف إيران.

وكتب وزراء الخارجية الثلاثة في إعلان مشترك "نرى أن رفع الحظر المقرر في أكتوبر(تشرين الأول) المقبل الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأسلحة التقليدية والذي وضع بموجب القرار 2231، يمكن أن تكون له آثار كبيرة على الأمن والاستقرار الإقليميين".

لكن الدول الأوروبية الثلاث وجهت أيضا تحذيرا للولايات المتحدة التي قد تسعى إلى تقويض الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015، من خلال العمل على إعادة العقوبات التي كان يفرضها مجلس الأمن الدولي سابقا، في إطار ما اصطلح على تسميته آلية "الارتداد".

وقال جان إيف لودريان وهايكو ماس ودومنيك راب الذين عقدوا اجتماعا الجمعة في برلين "نحن على قناعة راسخة بأن أي محاولة من جانب واحد لاستخدام آلية ارتداد العقوبات ستكون لها عواقب وخيمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

وأضافوا "لن نؤيد مثل هذا القرار الذي سيكون غير متوافق مع جهودنا الحالية للحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة" وهي التسمية الرسمية للاتفاق النووي.

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاقية في عام 2018 ورد إيران باستئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، بات بقاء هذا الاتفاق معلقا بخيط رفيع ولا سيما باستئناف عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران.

ونتيجة لتخلي إيران عن التزاماتها وفي حال اللجوء إلى الأمم المتحدة، فإن جميع القرارات والعقوبات التي كانت سارية ضد إيران قبل اتفاقية 2015 ستُعاد تلقائيا، ما لم يقرر مجلس الأمن خلاف ذلك وهو أمر لا يمكن تصوره بسبب حق النقض الأميركي. وهذا هو البند المشار إليه بتسمية آلية "الارتداد".