أين تقع زائير وفولتا العليا وداهومي؟
سكوبيي - مقدونيا التي يمكن أن يصبح اسمها "جمهورية مقدونيا الشمالية" إذا وافق الناخبون فيها على ذلك في استفتاء يجري الأحد، ليست أول بلد في العالم يغير اسمه.
فقد غيرت عدة دول أسماءها عند حصولها على الاستقلال. فباكستان الشرقية أصبحت بنغلادش وبيشوانالاند أصبحت بوتسوانا، وأوبانغي-شاري تحولت إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وسيلان أصبحت سريلانكا والهند الشرقية الهولندية أصبح اسمها إندونيسيا وروديسيا زيمبابوي.
واتخذت دول أخرى أسماء جديدة بعد تفكك الدولة الفدرالية التي كانت تنتمي إليها (الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا).
لكن تغيير اسم بلد يتمتع بالسيادة أمر نادر. في ما يلي بعض الأمثلة في التاريخ الحديث.
سوازيلاند تستعيد اسمها الاصلي
في الذكرى الخمسين لاستقلال سوازيلاند المحمية البريطانية السابقة، أعلن الملك مسواتي الثالث في 19 نيسان/ابريل 2018 أن بلاده ستستعيد "اسمها الأصلي" ايسواتيني. وقال إنها "البلد الوحيد في إفريقيا الذي احتفظ بالاسم الذي أطلق عليه في عهد الاستعمار".
تعني ايسواتيني "بلد السوازي" بلغة السكان المحليين. واسم سوازيلاند جاء من اللغتين السواتي والانكليزية.
زائير أصبحت جمهورية الكونغو الديموقراطية
اعتمدت زائير رسميا اسم جمهورية الكونغو الديمقراطية في أيار/مايو 1997 بعد فرار الديكتاتور موبوتو سيسي سيكو واستيلاء لوران ديزيريه كابيلا على السلطة.
والكونغو البلجيكي السابق استقل في 1960 باسم جمهورية الكونغو ثم أطلق عليه اسم زائير في عهد موبوتو.
بورما تطوي صفحة ماضيها الاستعماري
في 27 أيار/مايو 1989 غيرت المجموعة العسكرية الحاكمة اسم بورما إلى "جمهورية اتحاد ميانمار" من أجل طي صفحة ماضيها الاستعماري. وقد تغير اسم المستعمرة البريطانية السابقة باللغة الانكليزية فقط. أما اسمها البورمي فقد بقي بلا تغيير.
وهذا لم يمنع المعارضة للمجموعة العسكرية بقيادة حائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي من موصلة استخدام اسم بورما بشكل منهجي في مراسلاته باللغة الانكليزية.
ورفضت الولايات المتحدة لفترة طويلة استخدام اسم "ميانمار" لكنها بدأت تقبل بذلك من باب "المجاملة الدبلوماسية" منذ الانتقال الديموقراطي الذي جرى في 2012.
وباللغة الفرنسية، بقي اسم بورما هو المستخدم.
بوركينا فاسو 'أرض الشرفاء'
تم تغيير اسم فولتا العليا، المستعمرة الفرنسية السابقة التي استقلت في 1958، ليصبح بوركينا فاسو في الرابع من آب/اغسطس 1984. ويريد توماس سانكارا الذي تولى الرئاسة العام الماضي قطيعة كاملة مع كل ما يرتبط بالعهد الاستعماري.
وفي بوركينا فاسو التي تعني "أرض الشرفاء" هناك لهجتان أساسيتان هما الموري والديولا.
من كمبوديا إلى "كامبوتشيا"
سميت كمبوديا "جمهورية الخمير" في تشرين الأول/أكتوبر 1970 بعد إطاحة الأمير نورودوم سيهانوك من قبل انقلابيين موالين للولايات المتحدة بقيادة لون نول.
بعد ذلك أطلق عليها الخمير الحمر اسم "كامبوتشيا الديموقراطية" عند توليهم السلطة في نيسان/ابريل 1975، وأخيرا "جمهورية كامبوتشيا الشعبية" في كانون الثاني/يناير 1979 الاسم الذي اطلقه النظام الموالي لفيتنام الذي تولى السلطة خلفا لهم.
و"كامبوتشيا" هو شكل لكتابة اسم البلاد بلغة الخمير.وعاد اسم كمبوديا بعد رحيل الفيتناميين في 1989.
بنين ترمز إلى مملكة قوية في نيجيريا
بعد 15 عاما على استقلالها عن فرنسا وعام واحد على تبنيها الماركسية اللينينية، أطلقت داهومي على نفسها اسم "جمهورية بنين الشعبية" في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1975، في إشارة رمزية إلى مملكة قوية في نيجيريا استمرت من القرن الثالث عشر إلى القرن التاسع عشر.
من النادر أن يعمد بلد الى تغيير اسمه، وخصوصا لإرضاء أحد جيرانه، أي اليونان في هذه الحالة. لماذا يُطلب من المقدونيين، عبر استفتاء، الموافقة على ان تصبح بلادهم "جمهورية مقدونيا الشمالية"؟ وماذا يحصل اذا ما رفضوا؟
اثينا تنكر حق استخدام إسم مقدونيا
في 1991، اعلنت مقدونيا استقلالها عن يوغوسلافيا. وأنكرت عليها اثينا حق استخدام إسم "مقدونيا" الذي تعتبره حصرا اسم محافظتها الشمالية، ورات فيه استيلاء على تراثها، خصوصا تراث الإسكندر الكبير، بالاضافة الى طموحات توسعية خفية.
ويدخل المقدونيون الامم المتحدة بصفتهم "أريم" أو "فيروم"، المختصرين الفرنسي والإنكليزي للفظة "جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة". واقفل عليهم الفيتو اليوناني أبواب الحلف الأطلسي والاتحاد الاوروبي. وتمسك اليمين القومي الحاكم في سكوبيي بخط متشدد: اعتماد اسم مقدونيا او لا شيء.
وقد أدى وصول الاشتراكيين-الديمقراطيين الى الحكم في ربيع 2017 بدعم من الاحزاب الالبانية 2017، الى تغيير المعطيات. وتم توقيع اتفاق مع اليونانيين في تموز/يوليو، يهدف الى جعل البلاد "جمهورية شمال مقدونيا".
الاسم الجديد رهين مشاركة قوية و'نعم' صريحة
وشدد رئيس الوزراء زوران زاييف على الطابع الاستشاري للاستفتاء. ويتعين تثبيت نتيجته في البرلمان، بأكثرية الثلثين غير المتوافرة للإئتلاف الحاكم. ومن اجل اعتماد الاسم الجديد، يتعين الاعتماد على تأييد قسم من اليمين الذي يبدو منقسما. ويأمل زاييف في مشاركة قوية و"نعم" صريحة وكثيفة لا تترك اي خيار لمعارضيه. وتبقى عقبة اخيرة: التصديق اليوناني...
وعلى رغم تحفظهم عن فرض تغيير الاسم عليهم، يريد كثيرون اغتنام الفرصة للتقارب مع الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلسي. لذلك فإن "نعم" هي المرجحة.
'لا' ستغلق أبواب الحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي
يستطيع البرلمان نظريا ان يعارض هذا الاستفتاء الاستشاري. لكن يبدو من غير المحتمل في هذه الحالة ايجاد اكثرية الثلثين النيابية. ومع "لا" ستغلق بالتأكيد ابواب الحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي.
كلا. في نظر عدد كبير من المقدونيين، هذا خط أحمر، وينص الاتفاق على ان تبقى لغتهم اللغة "المقدونية"، وهذا انتصار لزوران زاييف.
يرى وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس أن "لا شك" في ان موسكو مولت انصار الـ"لا". لكن لا يتوفر "اي دليل" لزوران زاييف.
ويقول جايمس كير-ليندساي، الأستاذ الجامعي البريطاني المتخصص بالشؤون البلقانية "لا شك في ان لا مصلحة لروسيا على الاطلاق في ايجاد حلول لجميع هذه المشاكل الاقليمية". لكنه اضاف انه لم ير اي مؤشر لتدخل روسي. ولا يتوفر لروسيا في مقدونيا النفوذ نفسه على الرأي العام الذي تتمتع به لدى الصرب ومونتينيغرو.
كانت مقدونيا مركزا لانتاج "الأخبار الزائفة" خلال الحملة الرئاسية الأميركية في 2016. وتوفرت ايضا اخبار زائفة خلال الحملة، مثل هذه الشائعة التي تفيد ان الحلف الاطلسي ينوي اجراء تجارب على اليورانيوم المنضب على الارض المقدونية. لكن تلك الاشاعات لم يكن لها دور حاسم.
وقفت وسائل الاعلام الواسعة الانتشار وراء ال "نعم". وشن معارضو الاتفاق حملة على شبكات التواصل الاجتماعي، تحت اسم "بوجكوتيرام" (أقاطع). واعلن يورغي ايفانوف القريب من اليمين انه لن يشارك في الاستفتاء.
ويقول المقدونيون القوميون المتشددون انهم ليسوا سلافيين، وانهم يتحدرون مباشرة من هذا الملك. وفي الاتفاق، توافق مقدونيا على ان اسمها "ليس متصلا بالحضارة اليونانية القديمة، بالثقافة ولا بتراث المنطقة الشرقية" من اليونان.
'لا' تفتح فصلا جديدا من التسيب والاضطراب ويعرب زوران زاييف عن اقتناعه بأن ال "لا" تفتح "فصلا جديدا من التسيب الأمني والاضطراب" في جنوب اوروبا. وقال الاستاذ الجامعي البريطاني المتخصص بشؤون البلقان جايمس كير-ليندساي "لا شك في ان ذلك سيكون فشلا بالغ الخطورة على دول البلقان، وعلى المنطقة ايضا".
وقال زوران زاييف ان فوز ال "نعم" يؤكد "ان مشاكل الهوية يمكن حلها باتفاقات من هذا النوع".
إلا ان هذا الملف لا علاقة له بالمسألتين الأخريين الحساستين في البلقان: العلاقات بين صربيا وكوسوفو والتوترات بين الجماعات في البوسنة.