إجراءات أمنية مشدّدة خلال رالي دكار بالسعودية
ينبع (السعودية) - عزّز رالي دكار الصحراوي الذي تنطلق النسخة الخامسة والأربعون منه السبت في السعودية إجراءاته الأمنية ورفع حالة التأهب بعد أن شهدت النسخة الماضية انفجارا ذكرت مصادر غربية حينها أنه ذو طابع ارهابي.
وينطلق رالي دكار 2023 في 31 ديسمبر/كانون الأول للمرة الرابعة من السعودية على 14 مرحلة يتم رسمها من الغرب إلى الشرق مع "مزيد من الكثبان الرملية ومزيد من الكيلومترات".
وكان السباق الأسطوري المعروف سابقا باسم باريس-دكار، ينطلق من العاصمة الفرنسية باريس في طريقه إلى عاصمة السنغال كمحطة أخيرة، لكن التهديدات الأمنية على طول المسار في شمال إفريقيا أدت إلى نقله لأميركا الجنوبية في 2009 قبل أن يحط الرحال في السعودية منذ 2020.
والأمر لا يخلو من مخاطر في المملكة المحافظة التي تخوض نزاعا داميا في اليمن دعما للحكومة المعترف بها دوليا، بمواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الغريم الإقليمي للسعودية.
ويقول جون ألترمان من مركز الأبحاث الإستراتيجية والدولية إن "التهديد الإرهابي داخل المملكة تضاءل بشكل كبير مقارنة بما كان عليه قبل 15-20 عاما".
وأضاف "بعض التهديدات الأكثر خطورة تأتي من اليمن"، مشيرا إلى أن التنظيمات مثل القاعدة أو الدولة الإسلامية "ليس لديها نفوذ كبير داخل المملكة في هذه المرحلة".
واستهدف انفجار العام الماضي الفرنسي فيليب بوترون الذي أصيب بجروح خطيرة خلال نسخة 2022. وكان خمسة آخرون يستقلون السيارة أيضا.
ولم تعرف حتى الآن أسباب هذا الانفجار الذي حصل في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي في جدة، إلا أن النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب فتحت تحقيقا بشبهة محاولة اغتيال، في وقت استبعدت فيه السلطات السعودية ارتكاب عمل إجرامي لتفسير ما وصفته بـ"الحادث".
ونقل السائق الفرنسي إلى مستشفى 'بيرسي دو كلامار' العسكري قرب باريس، ثم وضع لبضعة أيام في غيبوبة اصطناعية للتخفيف من أوجاعه.
وتطرق بوترون إلى الانفجار في مقابلة مع 'فرانس بلو اورليان' نهاية ناير/كانون الثاني. وقال "كانت صدمة كبيرة غير متوقعة على الإطلاق. وضعت القنبلة تحت أرضية السيارة" ما أدى إلى إصابة ساقيه في شكل مباشر.
وبحسب مدير الرالي كاستيرا، فإن بوترون "بدأ يتعافى بشكل جيد"، موضحا أنه "ليس قادرا على استخدام ساقه بنسبة 100 بالمئة ولكن إعادة تأهيله تسير بشكل جيد".
وكان مصدر مقرب من الملف أكد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن المحققين "متأكدون من أن الانفجار كان إجراميا ولكن لم تتبنَّه أي جهة". وبحسب المصدر فإن "التحقيق الذي أجراه السعوديون لم يسفر عن نتيجة".
ولهذا تتوقع أنييس لوفالوا وهي كبيرة الباحثين في مؤسسة الأبحاث الإستراتيجية أن تقوم السعودية بفرض إجراءات أمنية مشددة مؤكدة "ليس بإمكانهم تحمل وقوع أي خطأ أمني، من ناحية المصداقية فإن هذا سيثير الشكوك حول كل إستراتيجية القوة الناعمة التي تمر عبر الرياضة".
وتضخ المملكة الخليجية الثرية ملايين الدولارات لتنظيم فعاليات رياضية عالمية لتغيير صورتها المحافظة في العالم. ويأتي هذا في إطار حملة غير مسبوقة لتحقيق انفتاح اجتماعي وتغيير صورة المملكة في العالم.
وقال دافيد كاستيرا مدير الرالي الصحراوي الشهير "لتدارك ما حدث العام الماضي، حتى لو لم يكن لدينا وصول إلى الملف، قمنا بتحديث الأمن بالتعاون مع القوات المحلية، والسعوديون يساعدوننا. لقد رفعنا مستوى الأمن بدرجة في ما يخص كل ما هو عبارة عن مخيمات المبيت (في الهواء الطلق)".
وبخلاف النسخ الثلاث السابقة، منها نسخة عام 2022، سيجتمع جميع المشاركين ضمن مخيّم مبيت على بُعد 200 كلم من المدينة المنورة. وبعد ذلك سيدخلون أجواء المنافسة مع مناطق مألوفة مثل العُلا وحائل والرياض، قبل التوجه لقضاء أربعة أيام في الصحراء المجهولة للربع الخالي، حيث سيواجه المتسابقون التحدي الصعب على الرمال والكثبان الرملية.
ولكن تشير لوفالوا إلى أن "هذه التغييرات تحدث بسرعة كبيرة... وقد ينجم عنها مقاومة ومعارضة"، مشيرة إلى أن أحداث مثل رالي دكار تشكل فرصة للبعض "حتى لو كان هامش المناورة محدودا لإظهار ذلك".
وسيتم بث رالي دكار عبر 70 قناة تلفزيونية حول العالم. ويُعدّ الاستثمار في الرياضة جزءا من إستراتيجية "رؤية 2030" التي أقرتها المملكة في 2016 لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط في هذه الدولة الخليجية وهي خطة يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وقد استضافت السعودية أحداثا رياضية كبرى، مثل بطولات الغولف للمحترفين وسباقات فورمولا واحد.