إجماع دولي على سحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا

المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا يحذر من حالة جمود على جميع المستويات ومن انهيار المؤسسات المالية، بينما شدد أعضاء مجلس الأمن الدولي على إجراء الانتخابات العامة في موعدها.
مجلس الأمن يطالب بالامتثال لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا
الدبيبة: الانتخابات خيار وطني تاريخي
لودريان يتوعد معرقلي العملية السياسية في ليبيا بالعقوبات
ألمانيا تتوقع انسحابا قريبا لجميع المرتزقة من ليبيا

نيويورك -  أجمعت اليوم الخميس الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي المشاركة في جلسة مخصصة للوضع في ليبيا، على ضرورة سحب القوات الأجنبية والمرتزقة من الساحة الليبية وفق جدول زمني يرتب تلك العملية. كما أكدت على أهمية إجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر وفق خارطة سياسية في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول، فيما أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة أن الانتخابات خيار وطني وتاريخي.

وتأتي جلسة مجلس الأمن برئاسة فرنسا، بينما بدأت الشكوك تحوم حول إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها وهو ما أشار إليه أيضا يان كوبيش المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا.

و طالب المجلس جميع الدول الأعضاء بالامتثال لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011 والعمل على مساعدة السلطات الليبية في إخراج المرتزقة وسحب المقاتلين الأجانب من البلاد.

وشدد المجلس في بيان تلاه رئيسه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان "على ضرورة إجراء الانتخابات وفقا للجدول الزمني الذي وضعه ملتقى الحوار السياسي الليبي"، داعيا السلطات الليبية إلى اتخاذ إجراءات فورية لتوضيح الأساس الدستوري للانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول القادم.

كما أعرب مجلس الأمن في بيانه عن قلقه البالغ إزاء تأثير الوضع في ليبيا وخاصة المنطقة الجنوبية، على البلدان المجاورة لا سيما منطقة الساحل.

وأعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن توقعه في بدء انسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا خلال الأسابيع المقبلة.

وقبل جلسة مجلس الأمن الدولي قال الوزير الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني "المحادثات مع جميع الأطراف أفادت بأننا بصدد البدء في سحب المرتزقة السوريين الذين تم الاستعانة بهم من قبل طرفي الصراع".

وأضاف أن هذه ستكون "الخطوة الأولى لانسحاب واسع النطاق للقوات الأجنبية من ليبيا، وبدون هذه القوات لا يمكن للحرب الأهلية أن تندلع مجددا".

واتفق ممثلو 16 دولة في مؤتمر برلين 2 قبل ثلاثة أسابيع على ضرورة انسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا. وشارك في المؤتمر أهم الأطراف المعنية بالصراع الليبي ومنها روسيا وتركيا ومصر والإمارات.

وأوضح ماس أن طرفي الصراع أعلنا استعدادهما لسحب المرتزقة السوريين كخطوة أولى وقال إنه يتوقع " أن ما تم الوعد به سيتم تنفيذه في الأسابيع المقبلة".

ولا توجد تصريحات رسمية أو مؤكدة تفيد بوجود مقاتلين سوريين في ليبيا، غير أن المراقبين لا يساورهم الشك في استعانة طرفي الصراع بسوريين في الحرب الأهلية في ليبيا.

وقالت ليندا توماس- جرينفيلد مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إن الحل السياسي في ليبيا "أمر ممكن وضروري وعاجل، لكنه يتطلب انتخابات يوم 24 ديسمبر" المقبل، مشددة على ضرورة "وضع الإطارين الدستوري والقانوني للانتخابات للتأكد من حدوث ذلك لضمان النهوض والازدهار وتوحيد البلاد".

وأضافت في كلمتها أمام مجلس الأمن اليوم الخميس "لا ينبغي إرجاء هذه الانتخابات والعملية ينبغي أن يملكها الليبيون من دون أي تدخل أو نفوذ أجنبي، وأسعدنا الوجود الكبير في اجتماعات جنيف بالإضافة إلى تشكيل الحكومة الانتقالية وتأكيد مؤتمر برلين على التزامه بدعم إجراء الانتخابات في موعدها التي يتوقعها المجتمع الدولي، كما أقرتها خارطة الطريق".

وقال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، إن هناك "تفاؤلا حذرا" تجاه تطور الوضع في ليبيا، مشيرا إلى "بوادر أمل" بدأت تتكون، مؤكدا كذلك أهمية إجراء الانتخابات العامة في موعدها بعد إنجاز القاعدة الدستورية المنظمة لها.

وطالب بانسحاب "تدريجي ومنسق" لجميع القوات الأجنبية من ليبيا، مشددا على ضرورة التأكد من عدم "الإخلال بميزان القوى الحالي على الأرض"، والمحافظة على مصالح دول الجوار.

وأكدت مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد ترحيب بلادها بالتقدم المحرز في ليبيا الذي تحقق العام الماضي من خلال "علمية برلين"، مشيرة إلى أن هناك "جهودا إضافية تنتظرنا قبل إتمام عملية التحول في ليبيا".

وأكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها للدعم في ليبيا يان كوبيش أنه لاحظ خلال فترة عمله في ليبيا أن العديد من الأطراف "ليسوا مستعدين للمضي قدما في ترجمة أقوالهم إلى أفعال"، مشيرا إلى رغبة البعض في عدم إجراء انتخابات 24 ديسمبر المقبل، وهو ما يخالف توقعات الأغلبية الساحقة من الشعب والمجتمع الدولي.

وأشار إلى الخلاف بين حكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب وكذلك بين الحكومة والجيش الوطني الليبي، وأيضا بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.

ونبّه إلى أن البلاد تشهد "حالة جمود" على الصعد السياسية والأمنية والمالية، علما أنها يفترض أن تنظم انتخابات عامة نهاية السنة لكنها صارت موضع تساؤلات متزايدة.

وقال المسؤول الأممي خلال الاجتماع الشهري لمجلس الأمن حول ليبيا المنعقد على المستوى الوزاري "إنني قلق للغاية من التشعب الواسع لحالة الجمود على الصعيد السياسي الانتخابي".

وفشلت 75 شخصية ليبية من كل الأطياف، اختارتهم الأمم المتحدة في إطار مسار المصالحة، في الاتفاق على شروط الانتخابات التشريعية والرئاسية.

وأضاف يان كوبيش "أرجأت اللجنة العسكرية المشتركة التي تسمى 5 + 5، إعادة فتح الطريق الساحلي لربط شرق البلاد وغربها احتجاجا على عدم القدرة على اتخاذ قرارات تسهل إجراء الانتخابات في موعدها، واحتجاجا على الجمود لجهة انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية".

وتقدر الأمم المتحدة عدد المرتزقة (لا سيما الروس والسوريين والتشاديين والسودانيين) والقوات الأجنبية (التركية بشكل أساسي) المنتشرين في ليبيا بأكثر من 20 ألفا.

كما أشار مبعوث الأمم المتحدة إلى عدم اعتماد ميزانية للبلاد هذا الأسبوع وأنه لم يتم دفع رواتب قسم من موظفي الدولة.

وخلال الاجتماع الذي يعقد بحضور رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، قدر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي تترأس بلاده مجلس الأمن في يوليو/تموز أنه "من الممكن تحقيق تقدم" في ليبيا.

وشدد الوزير الفرنسي على أنه "من الضروري احترام الجدول الزمني الانتخابي"، مضيفا "لا يمكننا بأي حال من الأحوال المساس بموعد 24 ديسمبر"، مذكرا بأن الأمم المتحدة يمكن أن تفرض عقوبات ضد معارضي مسار السلام.