إدانات متوالية تطال تركيا لانتهاكاتها المتزايدة لحقوق الإنسان

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تنتقد بشدة احتجاز السلطات التركية قاضيا وإبقائه في السجن لأكثر من عامين وثمانية أشهر دون دوافع كافية.
تركيا توسع حملة القمع ضد معارضين بذريعة انتمائهم لشبكة غولن

ستراسبورغ (فرنسا) - دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الثلاثاء مرة جديدة تركيا لاحتجازها قاضياً بعد محاولة الانقلاب عام 2016، في ثاني إجراء مماثل تتخذه المحكمة خلال أسبوعين ضد السلطات التركية بعد إدانتها في قضيتين مشابهتين.

واعتبر بالإجماع القضاة السبعة في محكمة المجلس الأوروبي ومقرها ستراسبورغ، أن أنقرة انتهكت بنوداً عدة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عبر وضعها في الحبس الاحتياطي قاضياً سابقاً في المحكمة الدستورية وتفتيش منزله غداة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016.

في 16 يوليو/تموز 2016، اعتُقل القاضي في المحكمة الدستورية التركية منذ العام 2011 إردال ترجان "لمجرد الاشتباه بانتمائه إلى منظمة مسلحة" هي منظمة الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي تعتبره أنقرة الرأس المدبّر لمحاولة الانقلاب. وبقي في الحجز المؤقت حتى إدانته بالسجن عشر سنوات عام 2019. تقدّم القاضي السابق الذي لا يزال حالياً في الحبس الاحتياطي، بطعن في هذه العقوبة لكن لم يُبتّ فيه بعد.

اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن "احتجاز ترجان.. لم يجرِ وفق الإجراءات القانونية"، مشيرةً إلى "غياب الأسباب المعقولة للاشتباه في أنه ارتكب مخالفة".

وأضافت "تعتبر المحكمة أنه لم تكن هناك دوافع مناسبة وكافية لإبقاء ترجان قيد الحبس المؤقت خلال أكثر من عامين وثمانية أشهر بانتظار محاكمته". وقضت المحكمة بدفع أنقرة 20 ألف يورو لإردال ترجان كتعويض معنوي.

يأتي هذا بعد نحو أسبوعين من إصدار المحكمة الأوروبية إدانتين في حق تركيا لانتهاكها حرية التعبير بحق موظفة رسمية وطالب، عبرا عن معارضتهما السلطات.

وتشمل القضية الأولى موظفة متعاقدة مع وزارة التربية الوطنية التركية وضعت علامة "إعجاب" عبر فيسبوك على بعض المحتويات التي تنتقد خصوصا الممارسات القمعية التي تتهم بها السلطات أو تشجع على التظاهر احتجاجا عليها.

وحكم على تركيا بدفع غرامة قدرها ألفا يورو للموظفة السابقة "كتعويض معنوي".

أما القضية الثانية فتتعلق بطالب حكم عليه القضاء الجنائي بعدما ألقى كلمة في العام 2012 دعم فيها طلابا وضعوا في الحبس على ذمة التحقيق بعد اعتراضهم على مجيء رجب طيب اردوغان عندما كان رئيسا للوزراء إلى حرم جامعي.

ودان القضاة السبعة بالإجماع تركيا لانتهاكها حرية التعبير وأمروها بدفع غرامة قدرها ألفا يورو للطالب "كتعويض معنوي" إضافة الى الفي يورو إضافية لتغطية النفقات.

في الأشهر الأخيرة، دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا مرات عدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت بشكل خاص بعد محاولة الانقلاب عام 2016 والتي أعقبتها حملة تطهير واسعة في صفوف الجيش والقضاء والإعلام والمنظمات غير الحكومية.

وتثير انتهاكات تركيا في مجال الحقوق الإنسان وقمعها لمعارضي الرئيس التركي ومنتقديه قلق المجتمع الدولي حيال مصير الحريات في بلد بات من أكثر البلداني العالم الذي اعتقالا نشطاء ومعارضين.

واعتقلت تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشل في العام 2016 أكثر من 160 ألف شخص بينهم ضباط بالجيش، فضلا عن اعتقال صحفيين ومعارضين أكراد.

وتقول مصادر إعلامية تركية أن عدد الصحفيين المعتقلين بالسجون هو الأعلى عالميا، مع تراجع مستمر لقطاع الإعلام منذ الانقلاب.

وتثير الانتهاكات التركية المتزايدة قلق دول أوروبية وغربية ومنظمات بشأن مستقبل حقوق الإنسان في بلد بات من أكثر البلدان قمعا للمعارضين والنشطاء والحقوقيين.