إدانة أممية لتجنيد تركيا مرتزقة سوريين للقتال في ليبيا

إدانة الأمم المتحدة تأتي فيما تواصل أنقرة انتهاكاتها في نقل مقاتلين من فصائل سورية متشددة إلى الأراضي الليبية بينهم أطفال وعناصر تنتمي إلى داعش.
عدد المرتزقة السوريين في ليبيا يبلغ 9600 مسلح بينهم 150 قاصرا دون سن 18
تركيا متهمة بجرائم حرب في ظل تجنيدها أطفالا وإرغامهم على القتال في ليبيا
مقتل 304 مرتزق سوري في ليبيا بينهم 17 طفلا
تركيا تستغل حرمان سوريين لإرسالهم للقتال في ليبيا مقابل وعود مالية واهية

بيروت - دانت منظمة الأمم المتحدة الثلاثاء بشدة استمرار تركيا نقل المرتزقة السوريين بينهم أطفال للقتال في ليبيا إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق في معارك طرابلس ضد الجيش الوطني الليبي، بما يقوض المساعي الدولية لإرساء السلام في البلد الذي يعاني اضطرابات أمنية منذ 2011.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، إن "نقل مقاتلين من سوريا إلى ليبيا أمر مزعج بشدة"، في وقت تجاوز فيه عدد المرتزقة السوريين في ليبيا 9 آلاف مقاتل بين سوريين ومسلحين متشددين من جنسيات مختلفة بينهم عناصر من داعش.

وتأتي إدانة الأمم المتحدة في وقت يواصل فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان كشف انتهاكات السلطات التركية بنقل المقاتلين السوريين قسرا وبمغريات واهية إلى ليبيا وبينهم أطفال.

وكان مدير المرصد رامي عبدالرحمن قد تحدث مرارا أن حصيلة المرتزقة السوريين في ليبيا بعد وصول دفعة جديدة مؤخرا إلى طرابلس عبر الجسر الجوي التركي تضم 120 مقاتلا، 9600 مسلح الفصائل السورية التي ارتكبت ولا تزال ترتكب جرائم بشعة بحق أبناء الشعب السوري في محافظات الشمال، وفق ما أكده المرصد السوري.

ويؤكد عبدالرحمن أن أنقرة تنقل إلى الأراضي الليبية أيضا إلى جانب المقاتلين الحاملين للجنسية السورية، مجموعات جهادية ممن أدخلهم الرئيس التركي رجب أردوغان سابقا ومخابراته إلى سوريا ضمن مشروع تدمير ثورة أبناء الشعب السوري وتحويلها من ثورة شعب إلى حرب بين النظام السوري ومجموعات إرهابية متطرفة.

وسلط المرصد السوري الضوء على انتهاكات تركية ترتقي إلى جرائم حرب في سوريا، مشيرا إلى أن أنقرة تستمر في تجنيد السوريين وتدريبهم على أراضيها قسرا وبينهم أطفال لإرسالهم إلى ليبيا على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، حيث تم مؤخرا رصد مقتل 17 طفلا سوريا في معارك طرابلس الدامية من بين 304 قتيل من المرتزقة.

واعترفت تركيا التي تدعم علانية حكومة الوفاق وميليشياتها المتطرفة، في وقت سابق بإرسال مقاتلين إلى ليبيا، لكنها لم تحدّد أعدادهم.

ويقول المرصد السوري إن تركيا أرسلت آلاف من المرتزقة إلى ليبيا، بينهم 150 قاصراً تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً.

ويوضح أن أكثر من "3300 مقاتل يتلقون حالياً التدريب في معسكرات تركية" قبل إرسالهم إلى جبهات القتال جنوب العاصمة الليبية.

وينتمي المقاتلون وفق المرصد، إلى ما يسمى بـ"الجيش الوطني" في سوريا، وهو ائتلاف فصائل إسلامية ومعارضة تتلقى دعماً من أنقرة وتنتشر قواته في شمال وشمال غرب سوريا. وتمّ تجنيدهم مقابل إغراءات مالية ووعود بالحصول على الجنسية التركية.

في المقابل، لم يتمكّن المرصد السوري من توثيق توجّه مقاتلين من مناطق سيطرة قوات النظام إلى ليبيا. لكنّه تحدّث عن تجنيد شركة الأمن الروسية لنحو مئتي مقاتل موجودين حالياً داخل قاعدة عسكرية في محافظة اللاذقية (غرب) على أن يتمّ إرسالهم قريباً.

أردوغان متمسك بتثبيت مشروعه في سيطرة الإخوان على ليبيا
أردوغان متمسك بتثبيت مشروعه في سيطرة الإخوان على ليبيا

وتسعى السلطات التركية على وقع تورطها في معارك ليبيا وبعد أن تكبدت خسائر بشرية فادحة في صفوف جيشها ومرتزقتها بجبهات قتالية عدة، إلى استغلال كثيرين ممن يأملون في الهرب من الفقر والبطالة والحرمان في سوريا، وتغريهم بالمال لتجنيدهم بهدف القتال في ليبيا والإلقاء بهم في معارك الموت الدامية.

وفي ليبيا كما في سوريا، فاقم التدخل العسكري التركي، النزاعين اللذين تسبّبا بمقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين خلال السنوات الأخيرة.

وفيما تستمر تركيا في إرغام قيادات الفصائل السورية الموالية لها على إرسال المقاتلين إلى طرابلس، يرى مراقبون أن أردوغان يهدف من خلال، إلى بسط نفوذه في ليبيا بعد سوريا وتثبيت مشروعه في سيطرة الإخوان المسلمين على البلاد العربية.

ويرفض المقاتلون السوريون مؤخرا المشاركة في معارك طرابلس بعد أن كانوا يتسابقون على الذهاب إلى هناك، بسبب تراجع تركيا عن دفع رواتب عالية وعدت بها في بداية الأمر، لكنها لم تف بذلك، إذ أن الراتب الشهري لكل مقاتل لا يتعدى الآن في أقصى حالاته 400 دولار أميركي خلافا لما وعدت به السلطات التركية بأن يكون الراتب 2000 دولار على الأقل.

وفي أبريل/نيسان الماضي دفع تخلف تركيا عن الوفاء بوعودها تجاه من تغريهم للقتال في ليبيا تحت رايتها، كثيرا منهم للتمرد على الضباط الأتراك في أكثر من محور بالمعارك في طرابلس، وخلق حالة من الاضطراب في الشق المتكون من الجنود الأتراك ومليشيات السراج والمرتزقة، وسبب خسائر في أكثر من جبهة قتال ضد عناصر الجيش الليبي.

وحدثت مناوشات بين مرتزقة أردوغان من جهة والضباط الأتراك وميليشيات الوفاق من جهة أخرى.

وقبل ذلك علم المرصد السوري أن هناك استياء كبيرا في صفوف المرتزقة السوريين المتواجدين في ليبيا، بسبب تخلف تركيا عن الوفاء بوعودها، مشيرا إلى مدى معاناتهم داخل معسكرات طرابلس.

وتحدث أحد المقاتلين عن ندم الجميع بشأن القدوم إلى ليبيا، مشيرا إلى تورطهم بذلك، داعيا العناصر السورية الراغبة في القتال في سوريا للتراجع عن قرارها بسبب سوء الأوضاع وتخلف السلطات التركية عن دفع مستحقات المقاتلين البالغة 2000 دولار أميركي للشهر الواحد.

وأكد المقاتل أن الجميع يريد العودة إلى سوريا وأن هناك دفعات استعدت لذلك في ظل تمردهم على الضباط الأتراك وميليشيات حكومة الوفاق الليبية.