إردوغان يستكمل حلقة أخرى على طريق تفكيك الشعوب الديمقراطي

طلب حظر الحزب المؤيد للأكراد يأتي بعد ساعات على إبطال البرلمان التركي نيابة فاروق جرجرلي أوغلو العضو في الحزب، وذلك في أحدث خطوة من محاولات الرئيس التركي تفكيك أحزاب المعارضة لإخلاء الساحة السياسية وضمان هيمنة حزبه في الانتخابات القادمة.
الشعوب الديمقراطي في تركيا يندد بانقلاب سياسي مع محاولات إردوغان حظر الحزب
تجريد النائب عن حزب الشعوب من مقعده في البرلمان يعكس مدى قمع ماكينة اردوغان لأحزاب المعارضة

اسطنبول - قدم مدع عام تركي الأربعاء التماسا إلى المحكمة الدستورية للمطالبة بحظر حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد لاتهامه بأنشطة "إرهابية"، في أحدث خطوة ضمن محاولات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تفكيك أحزاب المعارضة لإخلاء الساحة السياسية وضمان هيمنة حزبه في الانتخابات القادمة.

وذكرت وكالة الأناضول الحكومية أن المدعي العام رفع بيانا اتهاما إلى المحكمة العليا طالبا بدء آلية لحظر الحزب الذي يتعرض لحملة قمع شديدة وهجمات يشنها عليه الرئيس التركي.

واعتبر المدعي العام في قراره الاتهامي أن "أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي يسعون من خلال تصريحاتهم وأفعالهم، إلى نسف الوحدة غير القابلة للتقسيم بين الدولة والأمة"، وفق الأناضول. ويتعيّن أن تقبل المحكمة الدستورية القرار الاتهامي من أجل تحديد موعد لبدء المحاكمة.

وردا على ذلك ندد الحزب المؤيد للأكراد لللكراد بـ"انقلاب سياسي"، معتبرا أن الرئيس التركي يسعى للقضاء عليه قبل الانتخابات المقبلة.

وجاء في بيان للرئيسين المشتركين للحزب بروين بولدان ومدحت سانجار "ندعو كل القوى الديمقراطية وكل قوى المعارضة الاجتماعية والسياسية وشعبنا للنضال معا ضد هذا الانقلاب السياسي".

ويأتي هذا التطوّر على خلفية انتقادات يوجّهها منذ أسابيع إردوغان وشريكه في الائتلاف الحكومي حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، لحزب الشعوب الديمقراطي.

ويتّهم إردوغان حزب الشعوب الديمقراطي بأنه "واجهة سياسية" لحزب العمال الكردستاني الذي يشنّ حركة تمرد دموية في تركيا وتصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "منظمة إرهابية".

ويعد الحزب المؤيد للأكراد من أبرز أحزاب المعارضة التي تنافس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وهو ثالث اكبر كتلة برلمانية بعد حزب الشعب الجمهوري برئاسة كمال كليجدار اوغلو الثاني في البرلمان.

وتضاعفت حدة الانتقادات الموجّهة إلى حزب الشعوب الديمقراطي بعد عملية عسكرية تركية فاشلة لتحرير 13 رهينة يحتجزهم حزب العمال الكردستاني في العراق، انتهت بمقتل جميع المحتجزين منتصف فبراير/شباط.

من جهة أخرى، يأتي طلب حظر الحزب، ثالث أكبر التشكيلات السياسية في تركيا، بعد ساعات على إبطال البرلمان التركي نيابة فاروق جرجرلي أوغلو، العضو في الحزب.

ورد جرجلي أوغلو، النائب في البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطي، الذي جُرد من مقعده بعد الإعلان رسميا في البرلمان عن تقديمه للمحاكمة "سأقاوم هذا الانقلاب على البرلمان. لا يمكن أن تُداس إرادة الشعب".

وهتف العديد من نواب حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان "لن نستسلم!" رافعين لافتات عليها صورة جرجلي اوغلو.

في 2018 حُكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف بتهمة "الدعاية الإرهابية" بعد نشره مقالًا على مواقع التواصل الاجتماعي حول محادثات محتملة بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.

ويدافع جرجلي أوغلو عن حقوق الإنسان منذ فترة طويلة، ولاسيما مكافحة سوء المعاملة والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون.

وقبل تجريده، أكد النائب أنه لن يغادر قاعة البرلمان دون إرغامه على ذلك بالقوة. وقال "يمكنهم أن يأتوا ويقبضوا علي كما فعلوا مع النواب الأكراد عام 1994".

في 1994 تم طرد ثلاثة نواب بقوة السلاح من البرلمان بعد أن أدوا اليمين باللغة الكردية.

ورفض العديد من نواب حزب الشعوب الديمقراطي بعد ظهر الأربعاء مغادرة قاعة البرلمان تضامنا مع جرجلي أوغلو.

السلطات التركية تفرط في قمع المعارضين
السلطات التركية تفرط في قمع المعارضين

ويتعرض حزب الشعوب الديمقراطي، ثالث أحزاب البلاد لقمع قاس منذ العام 2016 عندما زُج بزعيمه صلاح الدين دميرتاش في السجن. ويتهم الرئيس التركي هذا الحزب بأنه "الواجهة السياسية" لحزب العمال الكردستاني.

ومذّاك أوقف المئات من أعضاء الحزب وتم تبديل العشرات من رؤساء البلديات التابعين له في جنوب شرق تركيا حيث يشكل الأكراد غالبية، وتعيين آخرين اختارتهم الحكومة محلهم.

ومن شأن المطالبة بإغلاق الحزب المؤيد للأكراد أن تفاقم مخاوف الدول الغربية بشأن سيادة القانون في تركيا، فيما تسعى أنقرة إلى تهدئة التوتر الذي يخيم على علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا.

وكثفت السلطات التركية متجاهلة الانتقادات الغربية، في السنوات الأخيرة عمليات الاعتقال وعزل مسؤولين منتخبين أعضاء في الحزب واستبدلت الغالبية العظمى لرؤساء البلديات الستة والخمسين المؤيدين للأكراد.

وينفي الحزب بشدة الاتهامات الموجّهة له بممارسة "أنشطة إرهابية"، ويقول إنه ضحية حملة اضطهاد بسبب معارضته لإردوغان.

وتأتي محاولات إردوغان لدحض المعارضة وتقليص في الانتخابات المرتقبة في وقت يشهد في الرئيس التركي وحزبه تآكلا في الخزان الانتخابي وتراجع القاعدة الجماهيرية والمناصرين.

وسيؤدي الحظر المحتمل لحزب الشعوب إلى تغير كبير في المشهد السياسي قبل سنتين من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يبدو أنها ستكون صعبة بالنسبة لإردوغان، في ظل التحديات الاقتصادية.

وأمام تلبد الأفق يشدد حزب الشعوب الديمقراطي على قدرة الحركة الكردية السياسية على الاستمرار.

فقد سبق وحظرت أحزاب كثيرة مؤيدة للأكراد مثل حزب ديمقراطية الشعب في العام 2003 المتهم بإقامة روابط مع حزب العمال الكردستاني.