
إسرائيل تتبنى سرا اغتيال ضابط في الحرس الثوري
القدس - أبلغت إسرائيل الولايات المتّحدة مسؤوليتها عن اغتيال ظابطٍ رفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني الأسبوع الماضي، على ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركيّة الأربعاء بينما شهدت وحدة أبحاث لوزارة الدفاع الإيرانية قرب طهران تفجيرا غامضا ادى لنقتل احد العاملين.
وقضى العقيد في الحرس الثوري الإيراني صياد خدائي بالرصاص قرب منزله في شرق العاصمة من قبل مسلَّحين يستقلان دراجة نارية، في أبرز استهداف لشخصية إيرانية على أراضي الجمهورية الإسلامية منذ 2020.
وتخير إسرائيل غاليا الصمت وعدم تبني العمليات التي تطال الحرس الثوري والمواقع الإيرانية.
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الإثنين أنّ الثأر لخدائي "أمر حتميّ"، فيما حمّل الحرس الثوري مسؤوليّة هذه الجريمة "الإرهابية" لقوى "الاستكبار العالمي"، وهي العبارة التي تستخدمها الجمهورية الإٍسلامية للإشارة الى الولايات المتحدة وحلفائها، وفي مقدمتهم إسرائيل.
ونقلت صحيفة "نيويوك تايمز"، الأربعاء، عن مسؤول مطّلع في الاستخبارات أن "إسرائيل أبلغت الولايات المتّحدة أنها تقف خلف اغتيال خدائي".
وقال المصدر الذي تحدّث للصحيفة الأميركيّة شرط عدم الكشف عن اسمه، إنّ إسرائيل أبلغت السلطات الأميركيّة أنّ الاغتيال يهدف إلى توجيه تحذير لإيران لوقف عمليات مجموعة سرّية ضمن "فيلق القدس" الموكل العمليات الخارجية في الحرس الثوري.
وقد أعلن التلفزيون الرسمي الإيرانيّ أنّ خدائي، المولود العام 1972 في محافظة أذربيجان الشرقية في شمال غرب إيران، كان من كوادر فيلق القدس ومن "المعروفين" في سوريا.
وتؤكد طهران تواجد عناصر من قواتها المسلحة بصفة استشارية في سوريا لمساندة قوات الرئيس بشار الأسد في مواجهة المجموعات المسلحة في النزاع الدائر في بلاده منذ 2011.
وشارك الآلاف في مراسم تشييع خدائي الثلاثاء، ورافقوا النعش الملفوف بالعلم الإيراني، وتدافع كثيرون للمسه وسط تأثر بالغ.
ويأتي مقتل خدائي في وقت تُبذل جهود دبلوماسية لكسر الجمود الحاصل في مباحثات إحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا العام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب.
وعلّقت المباحثات رسميا في آذار/مارس، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية.
وترفض إسرائيل رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب حيث تعتبر ان الميليشيات المرتبطة به خطرا على أمنها بسبب دعم جماعات مسلحة في سوريا وفلسطين والعراق.
ووجه الحرس الثوري تحذيرات متكررة إلى إسرائيل وسط تهديدات باستهداف عمقها متهما إياها بالتورط في العديد من الهجمات التي طالت مواقع نووية إضافة إلى اغتيال علماء على غرار العالم النووي فخري زادة في طهران.
وفي خضم الجدل بشان مقتل خدائي أكدت وزارة الدفاع الإيرانية في بيان على موقعها الالكتروني "وقوع حادث مساء الأربعاء في إحدى الوحدات البحثية التابعة لوزارة الدفاع في منطقة بارشين".

وأدى ذلك الى "مقتل المهندس إحسان قد بيغي وإصابة أحد زملائه"، مشيرة الى فتح "تحقيق في أسباب هذا الحادث"، من دون تفاصيل إضافية.
وأتى بيان الوزارة بعد ساعات من نقل وكالة "إرنا" الرسمية عن "مصدر مطّلع"، أن "حادثا صناعيا" وقع في بارشين وأدى لمقتل شخص وإصابة آخر.
ولم تقدّم الوكالة تفاصيل بشأن أسبابه أو المكان الدقيق لوقوعه.
وكانت منطقة باشرين شهدت في حزيران/يونيو 2020، انفجار "خزان غاز صناعي" قرب المجمع العسكري، وفق ما أعلنت في حينه وزارة الدفاع، من دون أن يؤدي ذلك الى وقوع ضحايا.
وأوضحت في حينه أن الانفجار لم يقع في موقع عسكري، بل في "مساحة عامة".
ويشتبه بأنّ موقع بارشين شهد اختبارات على انفجارات تقليدية يمكن تطبيقها في المجال النووي، وهو ما سبق للجمهورية الإسلامية أن نفته.
وكانت طهران ترفض قبل ذلك السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بزيارة الموقع، مؤكدة أنهم قاموا بعمليات تفتيش سابقة فيه خلال العام 2005 من دون اثبات حصول نشاط يثير الشبهات.
الا أن الموقع خضع لتدقيق من الوكالة عام 2015، بعيد انجاز الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى. وقام المدير السابق للوكالة في حينه، الراحل يوكيا أمانو، بزيارة المكان.
وأتاح اتفاق 2015 رفع عقوبات كانت مفروضة على إيران في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن مفاعيله باتت في حكم اللاغية مذ انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه في 2018 معيدة فرض عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة للتراجع عن معظم التزاماتها.