إسرائيل تدعو الفلسطينيين صراحة للاستسلام لصفقة القرن

مسؤولون عرب وغربيون يتوافدون على المنامة للمشاركة في ورشة عمل تهدف لبحث الجانب الاقتصادي لصفقة القرن المرفوضة فلسطينيا.

الجبير: الأمر لا يتعلق أبدا بإجبار الفلسطينيين على قبول اتفاق لا يعجبهم
السلطة الفلسطينية تعتبر أن مخرجات الورشة الأميركية في المنامة ستكون عقيمة
واشنطن تقدم الشق الاقتصادي لخطة السلام وتغرق السياسي في الغموض

نيويورك/المنامة - انتقد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون اعتبار الفلسطينيين الموافقة على خطة السلام الأميركية بمثابة استسلام.

ودعا صراحة الفلسطينيين إلى التخلي عن سعيهم لإقامة دولة مقابل الحصول على مزايا اقتصادية في حين تستعد واشنطن لطرح الشق الاقتصادي من خطة سلام يعد الفلسطينيين بمليارات الدولارات.

وكتب دانون في مقال في صحيفة نيويورك تايمز "أتساءل: ما هو العيب في استسلام الفلسطينيين؟، مضيفا "الاستسلام هو الاعتراف بأنه في سباق ما فإن الاستمرار سيكون أكثر كلفة من الإذعان".

وقال "ليس لدى الفلسطينيين أي شيء يخسرونه ويمكنهم كسب كل شيء بإلقائهم السيف وقبول غصن الزيتون".

وأضاف أن أمين سرّ منظّمة التحرير الفلسطينيّة صائب عريقات "ألمح بشكل مضلل إلى أن الاستسلام سيقود إلى نهاية الشعب الفلسطيني، لكن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، فالاستسلام سيخلق فرصة لتغيير المجتمع الفلسطيني وبالتالي يقود إلى تحرر شعبه".

وأشار إلى أن قطاع غزة تحكمه حركة حماس الإسلامية "التي تستلهم تكتيكاتها من حزب الله والقاعدة، كما أنها تتلقى معظم الدعم التمويلي من إيران".

ومن المقرر أن يفتتح في مقر الأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء مؤتمر مانحين لجمع 1.2 مليار دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وبحث الجانب الاقتصادي لخطة السلام الأميركية في البحرين وسط مقاطعة فلسطينية

وبدأ مسؤولون عرب وغربيون اليوم الاثنين بالتوافد على المنامة للمشاركة في ورشة عمل تهدف لبحث الجانب الاقتصادي لصفقة القرن.

ويشكّل مؤتمر المنامة الذي سيعقد الثلاثاء والأربعاء برئاسة جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره، فرصة لعرض خطة السلام التي طال انتظارها لحل النزاع. وقال المسؤولون الأميركيون إنّها تتضمّن شقّاً سياسيا سيعلن لاحقا.

وتبدأ ورشة العمل مساء الثلاثاء بعشاء في فندق فخم في البحرين. وتقترح الخطة جذب استثمارات تتجاوز قيمتها خمسين مليار دولار لصالح الفلسطينيين وإيجاد مليون فرصة عمل لهم ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلّي ويمتد تنفيذها على عشرة أعوام.

وسيشارك في المؤتمر وزراء مالية من دول خليجية بالإضافة إلى وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.

ويقاطع الفلسطينيون الورشة، قائلين إنّه لا يمكن الحديث عن الجانب الاقتصادي قبل التطرق إلى الحلول السياسية الممكنة لجوهر النزاع.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الاثنين إن "محتوى الورشة الأميركية في العاصمة البحرينية المنامة هزيل والتمثيل فيها ضعيف ومخرجاتها ستكون عقيمة".

وتابع "ما تحاول إسرائيل والولايات المتحدة القيام به ببساطة هو تطبيع العلاقات مع العرب على حساب الفلسطينيين. وهذا أمر لا نقبل به".

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال الأحد إن الفلسطينيين ""لن يكونوا عبيدا أو خداما" لكوشنر أو الفريق الأميركي، مضيفا "مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية ونحن بحاجة إلى الاقتصاد والمال والمساعدات، لكن قبل كل شيء هناك حل سياسي وعندما نطبق حل الدولتين ودولة فلسطينية على حدود 67 بحسب قرارات الشرعية الدولية، عندها نقول للعالم ساعدونا".

وشهدت عدة مدن فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة احتجاجات شارك فيها المئات معبرين عن رفضهم للمؤتمر الاقتصادي.

وتؤكد إدارة ترامب أنه سيتم الكشف عن الجانب السياسي من الخطة لاحقا هذه السنة، ربما في نوفمبر/تشرين الثاني بعد الانتخابات المرتقبة في إسرائيل وتشكيل الحكومة الجديدة.

وألمح مسؤولون أميركيون إلى أنّ الخطة المرتقبة لن تتطرّق إلى قيام دولة فلسطينية مستقلّة.

وقال القادة الفلسطينيون إن الخطة الأميركية بمثابة استسلام، معلنين أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولدت ميتة.

وانتقدت إسرائيل التي ستشارك في مؤتمر البحرين، السلطة الفلسطينية. وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أنّه سيدرس "بإنصاف وانفتاح" الخطة الأميركية.

وقال خلال لقاء مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون "لا أستطيع أن أفهم كيف يرفض الفلسطينيون المخطط الأميركي قبل أن يسمعوا حتى ما هي تفاصيله".

وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ أكثر من عشر سنوات ما يساهم في تدهور الوضع المعيشي في القطاع الفقير.

وتطرق نتانياهو خلال حملته الانتخابية الأخيرة إلى احتمال ضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ما يعني عمليا القضاء على فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة لاسيما منذ تدهور العلاقات بينها وبين الإدارة الأميركية بداية العام 2018.

وكرّر وزراء المالية العرب الأحد التزام الدول الأعضاء في الجامعة العربية بدعم موازنة السلطة الفلسطينية بمبلغ مئة مليون دولار شهريا.

وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير إن ورشة البحرين "لا تتعلق بشراء السلام"، مضيفا لصحيفة "لوموند" الفرنسية أن الأمر "لا يتعلق أبدا بإجبار الفلسطينيين على قبول اتفاق لا يعجبهم وربط الأمر بقبول شيء مقابل الحصول على شيء آخر".

وتسود علاقات سيئة بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية منذ قرّر الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها.

وتنظر القيادة الفلسطينية بارتياب كبير إلى كوشنر الذي تربطه بنتانياهو صداقة عائلية وإلى ترامب الذي اتّخذ خطوات عديدة لدعم إسرائيل مخالفا الإجماع الدولي بما في ذلك اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وبالإضافة إلى نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أوقفت إدارة ترامب مساعدات بمئات ملايين الدولارات كانت تُقدّم للفلسطينيين. وقطعت واشنطن أيضا تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

ويرى آرون ديفيد ميلر الذي شغل في السابق منصب مفاوض في الشرق الأوسط أن فكرة تقديم خطط اقتصادية للفلسطينيين ليست جديدة.

ويقول "لو أن إدارة ترامب لم تقم في العامين الماضيين بشن حملة ضغوط اقتصادية وسياسية على الفلسطينيين وقامت بتقويض طموحاتهم بالحصول على دولة، لكانت هذه الخطة منطقية".