إسرائيل تدعو بايدن لإبقاء إيران تحت الضغط

رئيس الوزراء الإسرائيلي يحث الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن من دون أن يذكره بالاسم، على عدم العودة للاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترامب.
فوز بايدن يقلق إسرائيل وسط مخاوف من عودته للاتفاق النووي الإيراني
مسؤول يبقي كل الخيارات مطروحة للتعامل مع إيران قبل مغادرة ترامب للبيت الأبيض

القدس/أبوظبي - أثار فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية على منافسه الجمهوري دونالد ترامب قلقا في إسرائيل لجهة تغيير الرئيس المنتخب سياساته حيال إيران وهو الذي كان نائبا للرئيس باراك أوباما حين تم توقيع الاتفاق النووي للعام 2015.

وثمة ملفات كثيرة تقلق إسرائيل التي لم يسبق لها أن حصلت على دعم مثل الذي قدمه لها الرئيس المنتهية ولايته، لكن يبقى ملف النووي الإيراني من أكثر الملفات التي تخشى الحكومة الإسرائيلية أن تتعامل معه الإدارة الأميركية المقبلة بلين على خلاف الحزم وسياسة الضغوط القصوى الذين أبداهما ترامب.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد إنه يتعين عدم العودة للاتفاق النووي الذي أبرمته القوى العالمية الكبرى مع إيران عام 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة في مايو/ايار 2018، وذلك في رسالة على ما يبدو للرئيس الأميركي المنتخب.

وقال بايدن الذي سيتولى المنصب في 20 يناير/كانون الثاني، إنه سيعاود الانضمام للاتفاق النووي إذا عادت طهران للالتزام به أولا وإنه سيعمل مع الحلفاء على "تعزيزه وتوسيع نطاقه على أن يتصدى بفاعلية أكبر لأنشطة طهران الأخرى التي تزعزع الاستقرار".

ويسعى الاتفاق إلى كبح البرنامج النووي الإيراني من أجل منعها من تطوير أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

لكن الاتفاق الذي انسحب منه ترامب في 2018، لم يقيد برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ولا دعمها لوكلائها في العراق ولبنان واليمن، فيما تراه واشنطن مزعزعا لاستقرار الشرق الأوسط.

وقال نتنياهو في كلمة بجنوب إسرائيل "يتعين ألا تكون هناك عودة للاتفاق النووي السابق. يجب أن نتمسك بسياسة لا تلين للتأكد من أن إيران لا تطور أسلحة نووية".

ولم يذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بايدن مباشرة، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية اعتبرت على نطاق واسع أن تصريحاته رسالة للرئيس الأميركي المقبل مفادها ألا يعيد الولايات المتحدة للاتفاق.

ونتنياهو معارض قوي لاتفاق 2015 ووصفه بأنه "اتفاق بالغ السوء" في خطاب ألقاه في ذلك العام أمام الكونغرس الأميركي أدى إلى زيادة توتر علاقته مع سلف ترامب الديمقراطي باراك أوباما.

وتحاول الأطراف الأوروبية في الاتفاق إلى جانب روسيا والصين، الحفاظ عليه على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة لفرض عقوبات شاملة على إيران بسبب الانتهاكات التي أعلنتها ردا على انسحاب واشنطن وتنفي إيران أن برنامجها النووي يستهدف تطوير أسلحة.

وتأمل إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته في أن تسير الإدارة المقبلة على نهجها حيال ملف إيران وأن تواصل بذلك حملة "الضغوط القصوى" عليها، حسب ما أفاد مسؤول أميركي يرافق وزير الخارجية مايك بومبيو في جولته الخارجية الأحد.

ويتوقع مراقبون أن يسعى الرئيس الديمقراطي المنتخب (جو بايدن) إلى إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الموقّع مع إيران في عهد باراك اوباما والذي انسحب منه ترامب، وأن يتفاوض حيال التراجع عن العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها واشنطن في السنوات الثلاث الأخيرة على الجمهورية الإسلامية.

وبدا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته في حديثه للصحافيين في أبوظبي، إحدى محطات جولة بومبيو الأوروبية والشرق أوسطية، وكأنّه يقر بأن ترامب خسر الانتخابات بالفعل وأن إدارة بايدن ستتسلم السلطة في 20 يناير/كانون الثاني 2021، رغم رفض الرئيس الحالي قبول النتائج.

وقال المسؤول الأميركي "لا يخفى على أحد أن الإدارة (التي يقودها ترامب) تركّز منذ عدة سنوات على حملة الضغوط القصوى هذه ضد إيران". ووصف الحملة بأنها حقّقت "نجاحا هائلا" أدى فعليا إلى "حرمان النظام من مليارات الدولارات" التي ذكر أنها كانت ستذهب إلى الجماعات المسلحة الموالية لطهران في المنطقة.

وتابع المسؤول في وزارة الخارجية "آمل أن يتم استغلال هذا النفوذ الذي عملت الإدارة جاهدة لتحصيله بهدف حمل الإيرانيين على التصرف كدولة طبيعية".

ويتّهم منتقدو سياسة ترامب الخارجية الرئيس الجمهوري برفع منسوب التوتر مع إيران في منطقة الخليج الغنية بالنفط إلى نقطة اللاعودة مما قد يصعّب على بايدن استئناف المسار الدبلوماسي مع طهران.

لكن المسؤول الأميركي قال إنّ "النظام في طهران أجبر الناس على تحمل مصاعب هائلة وفضّل توزيع المال على الميليشيات بدل استخدامها للغذاء على أمل أن يحصل تغيير في نوفمبر (تشرين الثاني)"، أي في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها بايدن، مضيفا "لقد ترقّبوا ذلك، وعلينا أن ننتظر لنرى ما سيحدث".

وكان المسؤول يتحدث بعدما زار بومبيو أبوظبي والدوحة وقبيل توجّهه إلى السعودية التي تخوض صراعا سياسيا مع إيران منذ عقود طويلة.

وشهدت العلاقات بين الرياض والبيت الأبيض تقاربا كبيرا خلال ولاية الرئيس الجمهوري. ويرى مراقبون أنّ المملكة تشعر بالقلق من احتمال أن تتراجع إدارة بايدن بالفعل عن العقوبات ضد إيران وتعود للاتفاق النووي معها وتحد من مبيعات الأسلحة.

غير أنّ وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير قال في مقابلة مع شبكة "سي ان ان" السبت إنّ المملكة تتعامل مع رئيس الولايات المتحدة "كصديق سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا".

وتابع الجبير الذي كان سفيرا للمملكة في الولايات المتحدة ووزيرا للخارجية "نتعامل مع الرؤساء بمجرد توليهم مناصبهم ولدينا مصالح ضخمة مع الولايات المتحدة. لا أتوقع أنه سيكون هناك تغيير كبير في ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية".

وخلال جولته التي بدت وداعية، زار بومبيو في نحو عشرة أيام فرنسا وتركيا وجورجيا وإسرائيل والإمارات وقطر قبل أن يختتمها مساء الأحد في السعودية بلقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وأصر الوزير في جميع محادثاته على التطرق إلى ضرورة مكافحة "نفوذ إيران". وفي القدس، أصدر بيانا اعتبر فيه أنّ "حملة الضغوط القصوى ضد النظام الإيراني لا تزال فعالة بشكل كبير"، وحذّر من أنه "في الأسابيع والأشهر المقبلة، سنفرض عقوبات جديدة على إيران".

وبحسب المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، فإن "هذه الإدارة موجودة حتى 20 يناير (كانون الثاني) وستواصل تنفيذ سياساتها حتى النهاية".

وسُئل المسؤول عن احتمال تصنيف المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران "منظمة إرهابية"، فرفض التأكيد أو النفي، قائلا إن واشنطن تأمل في أن "يتفاوض الحوثيون مع السعوديين ومبعوث الأمم المتحدة بنية طيبة".

وعاد إلى مسألة العقوبات على إيران ولوّح بإبقاء التهديد بعمل عسكري قيد البحث، مردّدا ما قاله بومبيو في مقابلة مع صحيفة 'جيروزاليم بوست' الإسرائيلية قبل يومين بشأن إبقاء "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".