إسرائيل تشيد بحياد حماس في التصعيد ضد الجهاد الإسلامي

للمرة الأولى لا تحمل إسرائيل حركة حماس الإسلامية مسؤولية الهجمات التي استهدفتها بـ450 صاروخا أطلقوا من قطاع غزة .

غزة (فلسطين) - قصف الجيش الإسرائيلي خلال اليومين الماضيين وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد، قطاع غزة دون استهداف حركة حماس الإسلامية التي وجدت نفسها عالقة بين الدعوة إلى الانضمام إلى القتال ورغبتها في الحفاظ على التهدئة مع إسرائيل.

واستهدفت غارة جوية فجر الثلاثاء منزل القيادي العسكري البارز في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة، فقتلته وزوجته.

وتعتبر إسرائيل حركة الجهاد الإسلامي، وهي مجموعة كبيرة مسلحة، حركة راديكالية لكن أقل تسليحا من حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وتعد حركة الجهاد الإسلامي أكثر قربا من إيران، العدو اللدود لإسرائيل.

ولطالما حملت إسرائيل حركة حماس مسؤولية كل الهجمات التي تنطلق ضدها من القطاع حيث يقطن نحو مليوني فلسطيني وتحاصره إسرائيل منذ أكثر من عقد، وقد شهد منذ 2008 على ثلاث حروب مع إسرائيل.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس الخميس "استطعنا خلال العملية التمييز بين حماس والجهاد الإسلامي".

وبحسب المتحدث، فإن وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ صباح الخميس أنهى خمسين ساعة من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل 34 فلسطينيا. وأطلقت خلال الأيام الثلاثة الماضية 450 صاروخا من القطاع نحو إسرائيل، بينما نفذت إسرائيل عشرات الغارات على أهداف في القطاع.

وأضاف كونريكوس "ركزنا على أهداف تابعة للجهاد الإسلامي".

ووفقا للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن أبو العطا كان "مسؤولا تقريبا عن كل هجوم نفذ ضد إسرائيل خلال الأشهر الستة أو السبعة الماضية".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في أيلول/سبتمبر الماضي هدفا لأحدها، بحسب إسرائيل. وتقول مصادر عسكرية إن أبو العطا قاد ذلك الهجوم بقذيفة صاروخية أطلقت على أسدود خلال اجتماع انتخابي لنتانياهو قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، ما اضطره لمغادرة المكان على عجل.

ويبدو أن نتانياهو استغل الهجوم لحشد الأصوات لحكومة جديدة عجز عن تشكيلها بسبب خصومه السياسيين وأيضا قضايا الفساد التي تلاحقه في المحكمة.

وانتقد وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في قطاع غزة صباح اليوم الخميس بعد وساطة مصرية.

وقال ليبرمان لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الخميس إن "نتنياهو يضحي بالمصالح الاستراتيجية على مذبح إنجازات قصيرة المدى".

ولم تعلق حماس بصوت عال على التصعيد الأخير. وبدا واضحا أنها لا تريد تخريب تفاهمات التهدئة السابقة التي تم التوصل إليها مع إسرائيل بوساطة مصرية وأممية في آذار/مارس 2018.

وضمنت تلك التفاهمات لحماس إدخال ملايين الدولارات كمساعدات نقدية شهرية من دولة قطر إلى القطاع الفقير.

ويقول الخبير الإسرائيلي روني شاكيد من معهد هاري ترومان للأبحاث من أجل السلام في القدس "نحن معتادون على موجات العنف هذه، لكن هناك شيئا جديدا يحدث لأول مرة، وهو أن إسرائيل لم تضرب حماس أو تتهمها بأنها مسؤولة عن الوضع على الأرض".

وبحسب شاكيد، فإن "مؤشرات" توفرت لإسرائيل قبل تنفيذ ضربتها ضد أبو عطا، أفادت بأن "حماس لن تشارك في جولة العنف".

وقال رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي نداف أرغمان إن أبوالعطا لم يقبل التهدئة المبرمة بين إسرائيل وحماس.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة غزة جمال الفاضي أن حماس في "مأزق".

ويقول "حماس في مأزق، فهي تحاول إرضاء الوسطاء واحترام التفاهمات مع إسرائيل، ومن جهة ثانية تواجه ضغط الشارع الذي يسأل أين حماس من المعركة".

إلا أن حماس وافقت بشكل خافت أيضا على بيان لـ"فصائل المقاومة" أكد بعد استهداف أبو العطا، أن "المقاومة ستكمل مشوارها في الرد على العدوان والثأر للشهداء".

ويقول القيادي في حركة حماس باسم نعيم إنه يؤمن بأحقية الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم و"مقاومة الاحتلال".

ويضيف "لكن في الوقت نفسه، نعتقد أن إدارة العلاقة مع الاحتلال يجب أن تأخذ في الاعتبار سياقات مختلفة داخل وخارج فلسطين، لذلك يتعين علينا في بعض الأحيان كبح جماح ردنا لتحقيق المصلحة الفلسطينية".

وقال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في مقابلة مع قناة "الميادين" التي تتخذ من بيروت مقرا مساء الأربعاء إن الحركة "اتخذت القرار بالرد بنفسها (...) ولم يكلفنا أحد بمهمتنا".

وأضاف النخالة في المقابلة التي سبقت الإعلان عن وقف إطلاق النار "الجهاد قادرة على إدارة المعركة لوحدها (...) ولن نطلب من حلفائنا التدخل"، وهو ما اعتبر عتابا ضمنيا لسكوت حماس.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في قطاع غزة مخيم أبو سعدة أن حماس ستقدم الدعم اللوجستي لحركة الجهاد الإسلامية "دون المشاركة في العمليات" لو استمرت العمليات.

وارتفعت في إسرائيل أصوات كثيرة مؤيدة لعملية أكثر قوة ضد الجهاد الإسلامي.

ويقول روني شاكيد "الجهاد الإسلامي حركة خطيرة للغاية بالنسبة لإسرائيل، هي أشبه بتنظيم الدولة الإسلامية بالنسبة لأوروبا وغيرها".

وأضاف "إذا لم يتم فعل شيء لقمع الجهاد الإسلامي، فإن السيناريو سيتكرر خلال الأسبوعين القادمين أو خلال شهر أو شهرين".