إسرائيل تُنفذ تهديدها بتصعيد الحرب على حزب الله

الجيش الإسرائيلي يشنّ أكثر من 50 غارة على عدد من القرى في جنوب لبنان في أقل من 40 دقيقة.
وزير الدفاع الأميركي يعبر عن قلقه إزاء التصعيد بين إسرائيل ولبنان
حزب الله ينعى 15 عنصرا بينهم قياديان قتلوا في الغارة الإسرائيلية قرب بيروت
مقتل 31 على الأقل منهم 3 أطفال و7 نساء في الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية
سوليفان: الهجوم الإسرائيلي على حزب الله عادل

القدس - شنّ الجيش الإسرائيلي اليوم السبت غارات مكثّفة على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان، غداة ضربة دامية قرب بيروت أسفرت عن مقتل 37 شخصا بينهم اثنان من مسؤوليه العسكريين البارزين وعدد من قياديي وحدة النخبة، في تصعيد يجدد المخاوف من اتساع نطاق النزاع المتواصل بين الطرفين منذ نحو عام.

وتصاعدت حدة المواجهات بين الحزب المدعوم من طهران وإسرائيل هذا الأسبوع، مع سلسلة تفجيرات طالت أجهزة اتصال يستخدمها عناصره في عملية منسوبة للدولة العبرية، وإعلان الأخيرة شنّ ضربة جوية في معقله بالضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة استهدفت اجتماعا لقيادة قوة الرضوان.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الجمعة إن تل أبيب ستواصل "تسلسل الإجراءات في المرحلة الجديدة" من الحرب مع "حزب الله" حتى تحقيق هدف "إعادة سكان الشمال إلى منازلهم" وذلك بعد الغارة التي أدت لمقتل عدد من القادة العسكريين للحزب في الضاحية الشمالية.
ويأتي التصريح في أعقاب إجراء غالانت تقييما أمنيا للوضع بمشاركة رئيس الأركان هرتسي هاليفي وضباط كبار بالجيش وفق ما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية.
وأضاف وفق ما نقلت عنه القناة "حتى بالضاحية في بيروت، سنواصل ملاحقة عدونا من أجل حماية مواطنينا، وسيستمر تسلسل الإجراءات في المرحلة الجديدة حتى تحقيق هدفنا: العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم".
وفي وقت سابق الجمعة، شنت إسرائيل غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت أسفرت عن مقتل 31 على الأقل منهم 3 أطفال و7 نساء بحسب وزير الصحة اللبناني فراس اللبناني فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "قضى" خلال الغارة على إبراهيم عقيل الذي قال إنه رئيس منظومة العمليات في "حزب الله" والقائد الفعلي لقوة الرضوان، إضافة إلى عدد آخر من قادتها.

ونعى حزب الله 15 عنصرا قتلوا بسبب الضربة الاسرائيلية بينهم قياديان على الأقل وفق ما أكد مصدر مقرب من الحزب بينما تحدثت مصادر أخرى عن 16 قتيلا من قادة الحزب.

وبعد نعيه قائد قوة الرضوان قوة النخبة في حزب الله ابراهيم عقيل، نعى الحزب في بيانات متتالية 14 عنصرا، بينهم القيادي أحمد محمود وهبي الذي "تولى مسؤوليّة وحدة التدريب المركزي".

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان أنه "قضى على هرم قيادة قوة الرضوان في حزب الله"، مضيفا "إلى جانب إبراهيم عقيل، تم القضاء في الغارة على 15 آخرين من حزب الله، من بينهم قادة كبار في هرم قيادة قوة الرضوان".
وذكر أن بين قتلى الغارة "أحمد محمود وهبي (أبوحسين سمير) الذي شغل منصب رئيس وحدة التدريب في قوة الرضوان، كما شغل عدة مناصب في حزب الله، منها قائد قوة الرضوان خلال العقد الأخير حتى بداية عام 2024".
وتابع  "على مدى السنوات وخلال الأشهر الأولى من الحرب خطط وهبي وأشرف على تنفيذ عمليات التسلل وإطلاق القذائف الصاروخية نحو أراضي دولة إسرائيل".
كما أكد أنه "قضى على قادة من وحدة الهجوم التابعة لقوة الرضوان، بينهم سامر عبدالحليم حلاوي (حمزة الغربية) قائد منطقة الهجوم لقطاع الساحل، وعباس سامي مسلماني (سراج علي) قائد منطقة الهجوم لمنطقة قانا".
وزاد أن بين القتلى أيضا "عبدالله عباس حجازي (بلال) قائد منطقة الهجوم على جبال راميم، ومحمد أحمد رضا (نينوى) قائد منطقة الهجوم في منطقة الخيام، وحسن حسين ماضي (أبوهادي ميدون) قائد منطقة الهجوم في جبل روس (هار دوف)".
وأردف "كان هؤلاء القادة أشرفوا وخططوا على مدار سنوات لعملية الهجوم واقتحام أراضي دولة إسرائيل في وقت الحرب" وفق قوله.
وذكر الجيش الإسرائيلي أنه قتل أيضا في غارة الضاحية الجنوبية قادة بارزين في قوة الرضوان منهم "حسن يوسف عبدالساتر (باقر) مسؤول العمليات في قوة الرضوان الذي قاد وأشرف على كافة مخططات إطلاق القذائف للوحدة، وحسين أحمد حدرج (سراج) مسؤول ركن قوة الرضوان، الذي كان ضالعًا في عمليات نقل الأسلحة وتعزيز قوة التنظيم".

إسرائيل لن تتراجع عن موقفها بعد اغتيال قادة كبار بجماعة حزب الله

ووصفت الجماعة المدعومة من ايران في بيان وهبي بأنه "قاد العمليّات العسكريّة لقوّة الرضوان على جبهة الإسناد اللبنانيّة منذ بداية معركة طوفان الأقصى وحتى مطلع العام 2024" ثم تولى "مسؤوليّة وحدة التدريب المركزي"، مضيفا أنه "ارتقى شهيدًا على طريق القدس إثر عملية اغتيال إسرائيلية غادرة بتاريخ 20/09/2024 في ضاحية بيروت الجنوبيّة".

من جانبه قال غالانت ان "إسرائيل لن تتراجع عن موقفها بعد اغتيال قادة كبار بجماعة حزب الله اللبنانية في بيروت".

بدوره، قال هاليفي تعقيبا على الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، "قادة حزب الله الذين قتلناهم اليوم خططوا للسابع من أكتوبر/تشرين الاول على الحدود الشمالية لسنوات، ووصلنا إليهم وسنصل إلى كل من يهدد أمن مواطني دولة إسرائيل"، بحسب القناة ذاتها.

من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، إنّ أهداف بلاده "واضحة" وأفعالها "تتحدث عن نفسها"، في أول تصريح له بعد الغارة مضيفا في بيان مقتضب "أهدافنا واضحة وأفعالنا تتحدث عن نفسها".
وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، أن المبنى المستهدف في الغارة الإسرائيلية أُصيب بـ4 صواريخ.
بدوره قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، خلال اجتماع حكومي الجمعة، إن استهداف إسرائيل مرة أخرى للضاحية الجنوبية لبيروت، يثبت مجددا أنها "لا تقيم وزنا لأي اعتبار إنساني وقانوني وأخلاقي"، واعتبر أنها "ماضية في ما يشبه الإبادة الجماعية".
يأتي ذلك فيما قال البيت الأبيض في بيان الجمعة، إن واشنطن "لم تتلق" إخطارا مسبقا من إسرائيل بخصوص الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت مضيفا "لا نزال نؤمن بأن الحل الدبلوماسي في الشرق الأوسط أفضل طريق"، ناصحا الأميركيين بـ"عدم السفر إلى لبنان".

وعبر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم الجمعة عن قلقه من التصعيد بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية في مكالمته الهاتفية السادسة مع نظيره الإسرائيلي في أقل من أسبوع وحث على التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة. وركز على الحل الدبلوماسي في بيان جاء عقب إشارة غالانت إلى بداية مرحلة جديدة من الحرب.
وحذر مجلس الأمن الدولي، الجمعة، من التصعيد عقب تفجيرات أجهزة اتصال في لبنان والغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، داعياً جميع الأطراف إلى ضبط النفس.
وهذا الهجوم الثالث الذي تشنه إسرائيل على الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسي لـ"حزب الله" في لبنان، منذ بدء موجة الاشتباكات المتبادلة الحالية قبل قرابة عام.
إذ سبق أن اغتالت إسرائيل في 2 يناير/كانون الثاني الماضي، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، وفي 30 يوليو/تموز الفائت، اغتالت القيادي البارز في "حزب الله" فؤاد شكر.

اسرائيل تمكنت من قتل قادة حزب الله بسهولة ودقة ما يكشف حجم الاختراق المخابراتي
اسرائيل تمكنت من قتل قادة حزب الله بسهولة ودقة ما يكشف حجم الاختراق المخابراتي

ويأتي الهجوم في ظل "موجة جديدة" من التصعيد الإسرائيلي على لبنان، حيث أعلن غالانت، مساء الخميس، دخول الحرب مع حزب الله "مرحلة جديدة".
وتمثلت ملامح هذا التصعيد في تفجيرات أجهزة الاتصالات في أنحاء بيروت يومي الثلاثاء والأربعاء ما أوقع 37 قتيلا وأكثر من 3 آلاف و250 جريحا، إلى جانب تصعيد الغارات الجوية على جنوب لبنان وبلدات أخرى في العمق، وأخيرا استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجددا.
وتواجه القيادة السياسية في إسرائيل ضغوطا داخلية على خلفية التأخر في إعادة مستوطني الشمال إلى منازلهم بأمان، ما دعاها قبل أيام إلى وضع هذا الأمر على قائمة أهداف الحرب.
فيما يؤكد أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، أن الطريق الوحيد لإعادة مستوطني الشمال وقف الحرب على غزة.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، جرى إجلاء نحو 120 ألف إسرائيلي من الشمال والجنوب منذ بداية الحرب على غزة إلى فنادق في أنحاء مختلفة بإسرائيل.

وأبدى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قلقه اليوم السبت حيال التصعيد بين إسرائيل ولبنان، لكنه قال إن قتل إسرائيل قياديا كبيرا في حزب الله يحقق العدالة بحق الجماعة المدعومة من إيران.

وأضاف سوليفان، الذي كان يتحدث للصحفيين في ويلمنجتون بولاية ديلاوير، أنه لا يزال يرى سبيلا لوقف إطلاق النار في غزة، لكن الولايات المتحدة "لم تصل بعد إلى مرحلة نكون فيها مستعدين لطرح شيء على الطاولة".

وذكر سوليفان أن الولايات المتحدة تواصل العمل مع قطر ومصر اللتين تجريان مباحثات مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، لكنه أوضح أن واشنطن، التي تجري مناقشات مع إسرائيل، ليست في وضع يسمح لها باقتراح اتفاق يمكن أن يقبله الجانبان.

وقال إن هجوم أمس حقق العدالة بحق عقيل، الذي كان مطلوبا من قبل الولايات المتحدة على خلفية ضلوعه في تفجيرين ببيروت استهدفا السفارة الأمريكية وثكنة لمشاة البحرية الأمريكية في عام 1983، مما تسبب في مقتل أكثر من 300 شخص.

وأضاف "في أي وقت يمثل فيه إرهابي قتل أميركيين بين يدي العدالة، نعتقد أن هذه نتيجة جيدة".

ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله"، مع الجيش الإسرائيلي قصف يوميا عبر "الخط الأزرق" الفاصل، ما أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الاول، ما خلف أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.