إسلاميو المغرب يستبقون نتائج الانتخابات بالتنديد بـ"خروقات كبيرة"

مجريات الحملة الانتخابية تظهر غياب استقطاب واضح حول الخيارات السياسية والبرامج وأيا تكن النتائج، ستتبنى الأحزاب ميثاقا لتدشين مرحلة جديدة من المشاريع والإصلاحات في أفق العام 2035.
حزب العدالة والتنمية يندد بـ'استمرار التوزيع الفاحش للمال الانتخابي'
الداخلية المغربية تؤكد حسن سير العملية الانتخابية في عموم المملكة
المواجهة في الأيام الأخيرة اشتدت بين الإسلاميين وحزب التجمع الوطني للأحرار
نسبة الإقبال في الانتخابات البرلمانية والمحلية بلغت 50.18 بالمئة

الرباط - قبل ساعات من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية في المغرب والتي من المتوقع أن تصدر ليلة الأربعاء-الخميس، استبق حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته النتائج بالتنديد بما وصفها بـ"خروقات خطيرة"، داعيا السلطات إلى التدخل لعدم المساس بـ"سلامة الانتخابات ونزاهتها"، فيما كانت وزارة الداخلية قد أعلنت في وقت سابق أن العملية الانتخابية في عموم المملكة تسير بشكل طبيعي واصفة الأجواء بالايجابية.

وعبر الحزب الإسلامي الذي ينافس على الفوز في الانتخابات العامة والاستمرار في قيادة الحكومة المغربية لولاية ثالثة، عن استهجانه لاستمرار توظيف المال السياسي ونقل الناخبين من طرف ممثلي الأحزاب السياسية، معتبرا ذلك استمرار للحملة الانتخابية يوم الصمت الانتخابي.

وقال في بيان قبل أقل من ساعتين على إغلاق مراكز الاقتراع إنه سجل "استمرار التوزيع الفاحش للأموال في محيط عدد من مراكز التصويت، دون تدخل السلطات المعنية"، مشيرا أيضا إلى "ارتباك في لوائح التصويت بعدد من المكاتب مما حرم عددا من الناخبين من القيام بواجبهم".

ودعا السلطات إلى "التصدي لهذه الخروقات الخطيرة بصرامة تحسبا للمس بسلامة العملية الانتخابية ونزاهتها".

لكن وزارة الداخلية أكدت في بيان أن التصويت "يمر في ظروف عادية على امتداد التراب الوطني"، موضحة أيضا أن نسبة المشاركة في التصويت بلغت 36 بالمئة حتى الخامسة عصرا (الرابعة بتوقيت غرينيتش)، قبل ساعتين على إغلاق مراكز الاقتراع، علما أنها المرة الأولى التي دعي فيها الناخبون لاختيار أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 395 وأعضاء مجالس المحافظات والجهات (أكثر من 31 ألفا)، في اليوم نفسه، في حين يُتوقع أن يبدأ الإعلان عن النتائج الأولية ليل الأربعاء-الخميس.

ولاحقا قالت إن نسبة الإقبال في الانتخابات البرلمانية والمحلية بلغت 50.18 بالمئة، بزيادة طفيفة عن النسبة المسجلة في انتخابات العام 2016 وهي 43 بالمئة.

وجاء في بيان الداخلية المغربية "عملية الاقتراع جرت على العموم في ظروف عادية على صعيد كافة جهات المملكة باستثناء بعض الحالات المعزولة جدا، التي همت عددا محدودا من مكاتب التصويت".

ويراهن الحزب الإسلامي المعتدل على الاستمرار في رئاسة الحكومة الائتلافية التي يتولاها منذ 10 أعوام، في أعقاب الإصلاحات الدستورية في العام 2011.

ويُعين العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد الانتخابات رئيس وزراء من الحزب الذي يحصل على الكتلة الأكبر في البرلمان، ويفترض أن يُشكل رئيس الحكومة المكلف حكومة جديدة لخمسة أعوام.

ويمنح الدستور الذي أقر في العام 2011 صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان، لكن الملك يحتفظ بمركزية القرار في القضايا الإستراتيجية والمشاريع الكبرى التي لا تتغير بالضرورة بتغيّر الحكومات.

في غياب استطلاعات للرأي حول توجهات الناخبين، تشير تقديرات وسائل إعلام محلية إلى تركز المنافسة حول رئاسة الحكومة المقبلة بين الإسلاميين وحزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة المحسوبين على الليبراليين. كذلك يخوض المنافسة في السباق الانتخابي حزب الاستقلال (يمين وسط).

حزب أخنوش واجه اتهامات من الاسلاميين باستخدام المال الانتخابي بينما يبدو الأوفر حظا للفوز في السباق الانتخابي
حزب أخنوش واجه اتهامات من الاسلاميين باستخدام المال الانتخابي بينما يبدو الأوفر حظا للفوز في السباق الانتخابي

وبعد حملة انتخابية باردة غابت عنها التجمعات الكبرى بسبب جائحة كوفيد-19، تصاعدت حدة المواجهة في الأيام الأخيرة بين الإسلاميين وحزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة رجل الأعمال الثري عزيز أخنوش.

وبحسب وسائل إعلام مغربية فإن كل المؤشرات تشير لصعود حزب أخنوش مقابل تراجع حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي شهد خلال الأشهر الماضية سجالات داخلية.

واهتمت وسائل الإعلام المحلية بدخول رئيس الحكومة السابق عبدالإله بنكيران (العدالة والتنمية) قبل يومين من موعد الاقتراع على خط الجدال، موجها انتقادات لاذعة لأخنوش.

وخاطب بنكيران أخنوش قائلا "رئاسة الحكومة تحتاج شخصية سياسية نزيهة نظيفة ليس حولها شبهات"، فيما وصف أخنوش الذي يتولى وزارة الزراعة منذ 2007، هذه التصريحات الاثنين بأنها "إقرار بالهزيمة وتستهدف فقط التشويش".

وقبل خمسة أعوام، لعب أخنوش دورا رئيسيا في تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها فارضا شروطا رفضها رئيس الحكومة المكلف حينها عبدالإله بنكيران لأشهر.

وانتهت الأزمة بإعفاء بنكيران من طرف الملك محمد السادس وتعيين الرجل الثاني في الحزب سعدالدين العثماني مكانه. وقبل العثماني بشروط أخنوش، ما أضعف الإسلاميين.

وسبق أن شهدت الحملة الانتخابية التي استغرقت أسبوعين، توجيه اتهامات باستعمال المال لشراء أصوات ناخبين ولاستقطاب مرشحين. وأدان حزب العدالة والتنمية ذلك في مناسبات عدة، لكن من دون تسمية أي طرف.

وفي حين وجّه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي الاتهام مباشرة إلى حزب التجمع بالمسؤولية عن "إغراق" الساحة بالمال، ردّ عليه الأخير مدينا "ضرب مصداقية الانتخابات".

وكان حزب الأصالة والمعاصرة لسنوات الخصم الرئيسي للإسلاميين منذ أسسه مستشار الملك محمد السادس فؤاد عالي الهمة في العام 2008، قبل أن يغادره في 2011. لكنه فشل في هزمهم العام 2016.

وشهدت علاقات الحزب الذي يشكل ثاني كتلة في البرلمان (معارضة)، مع الإسلاميين تحسنا في الفترة الأخيرة.

وعموما، يرتقب أن يتراجع عدد مقاعد الأحزاب الكبرى في البرلمان المقبل بسبب نمط جديد لاحتساب الأصوات قياسا على مجموع المسجلين في القوائم الانتخابية، سواء شاركوا في الاقتراع أم لا، بينما ظل هذا الحساب يستند فقط على عدد المقترعين منذ أول انتخابات أجريت في المغرب العام 1960.

وكان حزب العدالة والتنمية الوحيد الذي عارض هذا "القاسم الانتخابي" الجديد كما سمي. ويرتقب أن يفقد بسببه، وفق تقديرات مختلفة، 30 إلى 40 مقعدا حتى في حال حصوله على عدد الأصوات التي حصدها قبل خمسة أعوام ومنحته 125 مقعدا، ما من شأنه أن يعقد مهمته في تشكيل حكومة إذا تصدّر النتائج.

وأظهرت مجريات الحملة الانتخابية غياب استقطاب واضح حول الخيارات السياسية والبرامج. وأيا تكن النتائج، من المنتظر أن تتبنى جلّ الأحزاب السياسية ميثاقا من أجل "نموذج تنموي جديد"، يدشن "مرحلة جديدة من المشاريع والإصلاحات" في أفق العام 2035، وفق ما أكد الملك محمد السادس في خطاب مؤخرا.

ويتنافس حوالي 30 حزبا على نيل أصوات قرابة 18 مليون مغربي مسجلين في القوائم الانتخابية، بينما يقدر عدد البالغين في سن التصويت 25 مليونا من أصل 36 مليونا من إجمالي سكان المملكة.