إسلاميو مصر: فوز أردوغان نصر للإسلام لا للديمقراطية!

الإسلاميون المصريون اعتبروا فوز أردوغان وحزبه انتصار للإسلام وليس للديمقراطية وما يضاف إلى هذا التعاطي من إكسسوارات تعمق الغيبوبة وتقذف  بالعقل الإسلاموي المصري خارج التاريخ والجغرافيا والإحساس بالزمن.

بقلم: محمود سلطان

خاض الأتراك الانتخابات البرلمانية والرئاسية، على أسس سياسية: ماذا قدم لهم أردوغان؟! وفرزوا المنافسين له على ذات الفلاتر (السياسية)، وعندما وظف المنافسون "الدين" في مواجهة العدالة والتنمية ومرشحه الرئاسي، سقط الجميع، ولم يفز إلا المرشح الذي خاض حملته على أسس سياسية وقدم جردة حساب بـ"الإنجازات".

أردوغان الذي كان يتحدث كثيرًا عن الإسلام والمسلمين قبل الانتخابات، تخلت حملته عن هذا الخطاب "العاطفي" واستبدلته بلغة تبحث عن النهضة (نقل تركيا لتكون من بين الدول العشر الكبرى في العالم)، وليس بلغة الرئيس "الواعظ" أو "مقيم الشعائر" في مسجد.

المرشح العلماني القوى "محرم إنجة" الذي استخدم "الدين" في الدعاية ـ أصلي الجمعة كل يوم ـ حل ثانيًا بفارق كبير عن أردوغان (30%).. الأتراك المسلمون ـ إذن ـ لم يكونوا بحاجة إلى مرشح داعية، يضحك عليهم، ويسرق أصواتهم وأحلامهم ومستقبلهم، بتسويق الأساطير والأوهام  المؤسسة لـ"الدولة الإسلامية ـ الخلافة"، وإنما كانوا يصوتون لـ"رجل دولة" يناضل من أجل تحقيق "دولة الرفاهية".

المفارقة كانت في تعاطي الإسلاميين المصريين مع فوز أردوغان وحزبه، إذ اعتبر الإسلاميون ذلك انتصارًا لـ"الإسلام" وليس لـ"الديمقراطية".. وما يضاف إلى هذا التعاطي من "إكسسوارات" تعمق الغيبوبة، وتقذف  بالعقل الإسلاموي المصري، خارج التاريخ والجغرافيا والإحساس بالزمن، ليتلذذوا بالإقامة الطوعية داخل النظام الدولي الذي ساد في عصر الإمبراطوريات القديمة التي كانت تقوم على الغزو والاعتداء والاستيلاء على أراضي وبلاد الآخرين، نظام كان له خصوصيته وشرعيته في ذلك الوقت ومعترف به دوليًا!

هذا التعاطي يعكس عمق الأزمة،  ويقدم مقاربة تفسر لنا، كيف خرج الإسلاميون من السلطة، بعد أقل من عام من وجودهم في الاتحادية، والتي كان محصلة سلسلة من الانتهاكات تعالت على السياسة واستندت إلى "الدين" في إدارة الدولة والخلافات السياسية، والتباينات الأيديولوجية والطبقية والطائفية للمجتمع المصري.

لم يتغير شيء رغم  قسوة المحنة: الإسلاميون في مصر، اعتبروا فوز محمد مرسي بالرئاسة انتصارًا للإسلام، وليس للديمقراطية التي كانت ثمرة ثورة يناير العظيمة.. فأسسوا لخطاب معادٍ للعالم: انتظروا عودة الخلافة على يد الخليفة الجديد (محمد مرسي)، وكما اعترف بذلك صراحة د.صفوت حجازي في احتفالية ضخمة حضرها مرسي، وسط حشود "هائجة" تهدد العالم كله ونظامه الدولي "جيش محمد سوف يعود"!

بهذه العيون الرجعية الضيقة، نظر الإسلاميون المصريون، إلى تركيا وانتخاباتها ونتائجها، نظرة تسيء إلى هذا الإنجاز التاريخي والضخم للشعب التركي، وتعزز من مشاعر الكراهية الغربية لأردوغان ولنظامه السياسي، هذا من جهة، وتبرق رسالة إلى العالم تقول: "لسه بدري جدًا" على إسلاميي مصر، وإنه إذا لم يتعلموا من محنتهم الأخيرة، فإنهم لن يتعلموا أبدًا!