إصلاح الأمن في السودان مرهون بارساء جيش موحد بقيادة واحدة

مديرة الوكالة الأميركية للتنمية تدعو إلى دمج المجموعات المسلحة السودانية داخل الجيش وهي خطوة لا يتوقع الخبراء أن تتحقق قريبا نظرا لخصوصية الحالة السودانية فيما يتعلق بالجماعات المسلحة التي لا تتوافق عقيدتها مع عقيدة الجيش الوطني.
واشنطن تشدد على أن يكون للسودان جيش واحد وتحت قيادة واحدة
محاولة دمج قوات الدعم السريع بالقوة ستكون فتيل حرب جديدة في السودان

الخرطوم- جددت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية سمانثا باور التأكيد على ضرورة دمج المجموعات المسلحة السودانية داخل جيش موحد كخطوة رئيسية في مسار الانتقال السياسي في البلاد، ولطمأنة المجتمع الدولي حول التوجهات المستقبلية للسودان.

وقالت سمانثا باور في كلمة لها بجامعة الخرطوم إن "الولايات المتحدة تؤكد أن السودان يجب أن يكون لديه جيش واحد وتحت قيادة واحدة".  وأضافت المسؤولة الأميركية "سندعم جهود المدنيين لإصلاح المنظومة الأمنية ودمج قوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة للمعارضين السابقين".

وأعلنت باور، وهي أحدث مسؤول أميركي كبير يزور السودان الساعي لإنهاء عقود طويلة من العزلة، عن تقديم "مساعدات لإنقاذ الحياة" بقيمة 56 مليون دولار، وكذلك مبلغ قيمته 4,3 مليون دولار لمساعدة الخرطوم في الانتخابات المزمع إجراؤها بنهاية الفترة الانتقالية عام 2024.

وفي يونيو شهد البلد توترا بين الجيش وقوات  الدعم السريع، خصوصا بعدما أعلن قائدها نائب مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، رفضه دمجها في صفوف الجيش.

جاء هذا الرفض عقب على دعوة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى تشكيل جيش وطني موحد في محاولة لحماية الانتقال السياسي الهش في البلاد. وقوات الدعم السريع قوة شبه عسكرية تأسست في العام 2013 لمساندة الحكومة في نزاعها مع المتمردين في إقليم دارفور.

ونفى مسؤولون عسكريون مرارا أن يكون ثمة انشقاق داخل القوات المسلحة، لكن حمدوك كان أشار من قبل إلى انقسامات "مقلقة جدا" بين مؤسسات البلاد العسكرية، ودعا إلى دمج مقاتلي الحركات المسلحة فيها بما في ذلك قوات الدعم السريع.

ومنذ 21 أغسطس 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام.  وفي ديسمبر، رفعت واشنطن اسم السودان من لائحتها للدول الراعية للإرهاب، وتعهّدت لاحقا مساعدة البلاد على سداد متأخّراتها للبنك الدولي.

ويمر السودان بمرحلة انتقالية صعبة في فترة ما بعد البشير اتسمت بأزمة اقتصادية حادة وتفاقم الانقسام السياسي. وباور هي أحدث مسؤول أميركي كبير يزور السودان الساعي لإنهاء عقود طويلة من العزلة. في ديسمبر، رفعت واشنطن اسم السودان من لائحتها للدول الراعية للإرهاب، وتعهّدت لاحقا مساعدة البلاد على سداد متأخّراتها للبنك الدولي. لكن على السودان أم يتقدم في مسار السلام وتحقيق الاستقرار السياسي ليضمن الدعم الأميركي والدولي.

وقال الخبير العسكري أمين إسماعيل إن اندماج قوات الدعم السريع في الجيش "أمر لا بد منه في هذه المرحلة". وأضاف إسماعيل "تم تشكيل قوات الدعم السريع لغرض محدد في عهد البشير، ولكن الآن بعد أن ذهب نظامه، يجب أن تكون جزءا من جيش واحد موحد".

في المقابل يلفت مصدر عسكري سوداني على أن دمج قوات الدعم السريع في الجيش "مرتبط بضغوط الغرب والمؤسسات الدولية"، فيما يلفت إلى جوناس هورنر، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، أن إصلاح قطاع الأمن "مطلب أساسي لعملية الانتقال في السودان". لكن يجب الحذر من أن أية محاولة لدمج قوات الدعم السريع بالقوة أو نزع سلاحها من شأنها أن تكون فتيل حرب جديدة في  السودان.

قال هورنر قبل الموافقة على دمج قواته، "من المرجح أن يسعى حميدتي، الذي شارك في الإطاحة بعمر البشير في أبريل 2019، للحصول على تأكيدات بشأن دوره في السودان ما بعد المرحلة الانتقالية ودعوات لمقاضاته بشأن الحرب في دارفور في عهد عمر البشير.

لا شك أن إصلاح المنظومة الأمنية أمر حاسم في عبور هذه المرحلة لكن يحذر الخبراء من حساسية هذا الملف وخطورته، لافتين إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على قوات الدعم السريع فلطالما كانت هناك قوى مسلحة متعددة في السودان لها مصالح وقواعد متنافسة وقد لا تتماشى عقيدتها مع عقيدة الجيش الوطني.