إطلاق سراح مدير مشفى الشفاء يعمق الانقسامات الإسرائيلية

مسؤولون في الجيش والمخابرات وسلطة السجون الإسرائيلية يتبادلون اتهامات بشأن المسؤولية عن اتخاذ قرار الإفراج عن أبوسليمة، فيما تنصل نتنياهو من الإجراء.

القدس - دبت الفوضى في أروقة الحكومة الإسرائيلية اليوم إثر إطلاق سراح مدير مشفى الشفاء بقطاع غزة الدكتور محمد أبوسلمية بعد اعتقال دام 8 أشهر، فيما تعالت مجددا الأصوات المطالبة باستقالتها، ما يكشف حجم الانقسامات التي تعصف بالائتلاف الحاكم. 
وتبادل مسؤولون في الجيش والمخابرات وسلطة السجون ووزارة الأمن القومي اتهامات بشأن المسؤولية عن اتخاذ القرار، الذي تنصل منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
وانتقدت المعارضة بشدة قرار إطلاق سراح أبوسلمية، وهو طبيب أطفال، ودعت إلى إقالة المسؤول عن اتخاذه، وجددت دعوتها إلى استقالة الحكومة، موجهة اتهامات بشكل مباشر إلى رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، وسط دعوات إلى إقالته من منصبه.
وأرجع "الشاباك" قرار الإفراج عن أبوسلمية إلى حالة الاكتظاظ في السجون، محملا وزارة الأمن القومي، برئاسة إيتمار بن غفير، المسؤولية عن عدم اتخاذ خطوات لزيادة الأماكن في السجون.
ووفقا لمعطيات مصلحة السجون، فإنه يوجد 9 آلاف و623 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية اليوم الاثنين.
وقال "الشاباك"، في بيان "مؤخرا، صدر قرار بتغيير غرض منشأة "سدي تيمان" (مركز احتجاز تابع للجيش)، بحيث يتم احتجاز المعتقلين من غزة فيها لفترات قصيرة فقط".
وأضاف "بناء على ذلك، طُلب من الشاباك والجيش، في أعقاب مناقشات قادها الجيش، العمل على إطلاق سراح عشرات المعتقلين لإخلاء أماكن الاعتقال".
وتابع "منذ نحو عام، ونحن نحذر كتابيا وشفاهيا من اكتظاظ السجون وضرورة زيادة عدد أماكن التوقيف نظرا لضرورة اعتقال المزيد من الضفة الغربية وقطاع غزة".
واستدرك "وللأسف، فإن هذه الطلبات، التي قُدمت إلى كافة الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الأمن القومي المسؤولة عن ذلك، لم تجد نفعا، ولم يزيد عدد أماكن الحبس بطريقة مناسبة".
وزاد بأنه على ضوء رفض إطلاق سراح معتقلين من الضفة الغربية "تقرر إطلاق سراح عدد من المعتقلين من غزة يشكلون خطرا صغيرا".
وبخصوص أبوسلمية، قال "الشاباك" "رغم أن مدير مشفى الشفاء يستوفي جميع المتطلبات المتعلقة بمستوى الخطر الذي يشكله، إلا أنه سيتم التحقيق في إطلاق سراحه"، مشددا على أنه "من دون حل فوري لنقص الأماكن في السجون، سيستمر إلغاء الاعتقالات وإطلاق سراح المعتقلين".
إلا أن مصلحة السجون سارعت إلى نفي مسؤوليتها، ونشرت بشكل استثنائية صورة قرار إطلاق سراح أبو سلمية، وقالت إن القرار اتخذه "الشاباك" والجيش.
ونقلت إذاعة الجيش عن مصلحة السجون إن "مدير الشفاء لم يُطلق سراحه بسبب اكتظاظ السجون، الجيش والشاباك هما مَن اتخذا قرار إطلاق سراحه. بسبب منشورات كاذبة، نحن مضطرون للكشف عن أمر الإفراج عنه".
وردا على ذلك، نشر مكتب وزير الدفاع غالانت توضيحا تنصل فيه من إطلاق سراح أبوسلمية وقال إن "إجراءات حبس الأسرى الأمنيين وإطلاق سراحهم تتم من جانب الشاباك ومصلحة السجون، ولا تخضع لمصادقة وزير الدفاع".
ودعا وزير الأمن القومي بن غفير إلى إقالة رئيس جهاز "الشاباك" من منصبه، كما دعا زعيم حزب "الوحدة الوطنية" المعارض بيني غانتس إلى عزل المسؤول عن إطلاق أبوسلمية، وجدد دعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة.
بدوره، تنصل نتنياهو، في بيان، من أي مسؤولية عن قرار إطلاق سراح أبو سلمية، ووجَّه بفتح تحقيق فوري في لأمر.
واعتبر زعيم المعارضة يائير لابيد، عبر منصة "إكس"، أن ما يجري هو تعبير عن حالة الفوضى في الحكومة.
وقال "الفوضى التي تشهدها الحكومة بشأن إطلاق سراح مدير مشفى الشفاء هي استمرار مباشر لحالة الفوضى والتخبط التي تعاني منها الحكومة والتي تُضر بأمن الإسرائيليين"، مضيفا "وزير الدفاع لم يعلم، ووزير الأمن القومي لم يتورط، وتبادل الاتهامات. تم تسريب كل شيء".
ووفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليوم الاثنين فإنه "قبل حوالي 3 أسابيع، أبلغت الدولة المحكمة العليا أن المعتقلين الفلسطينيين في سدي تيمان إما سيتم نقلهم إلى مرافق احتجاز أخرى في إسرائيل أو إعادتهم إلى غزة".
وجاءت هذه الخطوة على وقع تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية عن تعذيب وقتل أسرى من غزة في سجن سدي تيمان.
وقدمت منظمات حقوقية إسرائيلية التماسا إلى المحكمة العليا تطالب فيه بإغلاق هذا السجن سيء السعة.
تعذيب بلا اتهامات
وعقب إطلاق سراحه، قال أبوسلمية، في مؤتمر صحفي إن "الاحتلال الإسرائيلي لم يوجه إليَّ أي تهمة رغم محاكمتي 3 مرات"، متابعا "تعرضنا لتعذيب شديد في السجون الإسرائيلية، والاحتلال يقتحم زنازين الأسرى ويعتدي عليهم بشكل شبه يومي".