إقلاع تاريخي للصاروخ 'سبايس إكس' في أوّل رحلة مأهولة تطلقها أميركا

ناسا تعتبر الخطوة ثورية لأن شركة 'سبايس إكس' للثري إلون ماسك ستسمح للولايات المتحدة بالوصول إلى الفضاء بكلفة أدنى مقارنة ببرامجها السابقة.
ناسا تدعم ماديا شركة 'سبايس إكس' لتصميم مركبتها القابلة لإعادة الاستخدام
أميركا تسعى الى التخلص من سطوة صواريخ 'سويوز' الروسية
مركبة 'كرو دراغون' مشابهة لـ'أبولو' لكن تم تحديثها

واشنطن- حلّق رائدا الفضاء الأميركيّان روبرت بنكن ودوغ هورلي السبت من مركز كينيدي الفضائي في الصاروخ "سبايس إكس" التابع لأول شركة خاصة عهدت إليها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) تنفيذ مهمة تاريخية.
وأقلع الصاروخ "فالكون 9" التابع للشركة التي أسّسها إلون ماسك، الساعة 15,22 (19,22 ت غ). وبعد نحو عشر دقائق، تمكّن من وضع الكبسولة "كرو دراغون" في المدار، في أوّل رحلة مأهولة تطلقها الولايات المتحدة منذ عام 2011.
وانفصل الجزء الأوّل من الصاروخ البالغ طوله سبعين مترًا، كما هو مقرّر، بعد دقيقتين من التحليق، وهبط في قاعدة قبالة فلوريدا، فيما وضع الجزء الثاني الكبسولة "كرو دراغون" في المدار المناسب، في اتّجاه المحطة الفضائية الدولية بسرعة تجاوزت 27 ألف كلم في الساعة.
ونقلت كاميرا وقائع ما يجري داخل الكبسولة في شكل مباشر، مظهرةً رائدي الفضاء موصولين بمقعديهما خلال تحليقهما.
واعلن مدير عملية الاطلاق "إنجاز انفصال دراغون".
وقال رائد الفضاء دوغ هورلي فيما كانت الكبسولة تواصل تحليقها وبلغت ارتفاع مئتي كلم "تهانينا (...) بأوّل رحلة مأهولة لفالكون 9، كان الأمر رائعا".
ومن المقرّر أن يصل هورلي وبنكن إلى المحطة الفضائية الدولية الأحد الساعة 14,29 ت غ.
وحضر الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصيّاً عمليّة الإطلاق على بعد بضعة كيلومترات. وقال "لا أحد يقوم بذلك مثلنا"، معتبراً أنّ إنجازات الولايات المتحدة في الفضاء هي "أحد الأمور الأكثر أهمّية التي قمنا بها".
وأكّدت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" ومؤسّس "سبايس إكس" الثري إلون ماسك صباح السبت أنّ الأحوال الجوّية، وإنْ كانت غير مستقرّة، لن تحول دون بدء التحضيرات للإقلاع من مركز كينيدي الفضائي على ساحل المحيط الأطلسي في فلوريدا.
وجاء في تغريدة لمدير "ناسا" جيم برايدنستاين "نحن نستعد لعملية الإطلاق اليوم"، موضحا أن احتمال إرجاء عملية الإطلاق بسبب رداءة الطقس هو 50 بالمئة.

وبقي احتمال إرجاء عمليّة الإطلاق قائماً حتى اللحظات الأخيرة.
وكرّر الرائدان داغ هيرلي وبوب بنكن التحضيرات نفسها التي أنجزاها الأربعاء استعدادا للإطلاق، من ارتداء البزة الفضائية البيضاء والسوداء الأشبه بتلك المستخدمة في أفلام الخيال العلمي، وتوديع العائلة والتوجّه إلى الصاروخ الفضائي على متن سيارة "تيسلا" في دعاية من تقدمة "ناسا" لإلون ماسك، مؤسس شركة السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية، وصولا إلى عملية اتّخاذ الوضعية داخل مركبة "كرو دراغون" المحمّلة على صاروخ فالكون-9 الذي أطلقهما إلى الفضاء بسرعة تعادل خمسة أضعاف سرعة الصوت.
وكان ماسك قد قال الأربعاء الماضي "إنه حلم أصبح واقعا، لم أعتقد يوما أن هذا الأمر سيتحقق".
وتبدو المهمة خطوة متواضعة على صعيد استكشاف الفضاء، إذ إن الرائدين لن يتوجها إلى القمر أو المريخ بل إلى محطة الفضاء الدولية التي تدور على ارتفاع 400 كلم من سطح الأرض، والتي يستخدمها رواد روس وأميركيون منذ العام 1998.
لكن "ناسا" تعتبر الخطوة "ثورية" لأن "سبايس إكس" ستسمح للولايات المتحدة بالوصول إلى الفضاء بكلفة أدنى مقارنة ببرامجها السابقة.
وقدّمت "ناسا" أكثر من ثلاثة مليارات دولار لشركة "سبايس إكس" لتصميم مركبتها القابلة لإعادة الاستخدام لمدة ست رحلات فضائية مستقبلية وبنائها واختبارها وتشغيلها.
والجمعة أشاد برايدنستاين بمؤسس "سبايس إكس" و"تيسلا" قائلا إن "إلون ماسك أعطى برنامج الفضاء الأميركي الإلهام اللذي كانا ينقصنا منذ عشر سنوات، منذ إحالة المركبات الفضائية على التقاعد. إنه شخص لامع".
ولم يكن إلون ماسك ملما بالصواريخ القضائية عندما أسس "سبايس إكس" في العام 2002 في كاليفورنيا. وباءت محاولاته الثلاث الأولى بالفشل.
وقد انفجر على الأرض صاروخ فضائي محمّل بقمر اصطناعي، فيما انفجر صاروخ آخر بعيد إطلاقه باتّجاه محطة الفضاء الدولية.
والعام الماضي انفجرت مركبة "كرو دراغون" على الأرض خلال اختبار للمحركات.
لكن في نهاية المطاف أعطت وكالة الفضاء الأميركية "سبايس أكس" الضوء الأخضر لنقل اثنين من روادها إلى الفضاء، وتحدّثت المسؤولة عن الرحلات التجارية المأهولة في "ناسا" عن "معجزات" حققها التعاون بين الجهتين.
ومركبة "كرو دراغون" مشابهة لـ"أبولو" لكن تم تحديثها لتتناسب مع القرن الحادي والعشرين.
فقد حلت شاشات قابلة للمس مكان المفاتيح اليدوية، كما تهيمن على الداخل إضاءة بيضاء خفيفة.
لكنها تبدو مختلفة تماما عن المكوكات الفضائية الضخمة والمركبات المجنحة التي كانت تنقل الرواد إلى الفضاء من الأراضي الأميركية من 1981 إلى 2011.
وعلى عكس المكوكات التي انفجر احدها وهو "تشالنغر" في العام 1986 بعد الإقلاع، يمكن أن تقذف "دراغون" في حالة طوارئ إذا واجه صاروخ "فالكون 9" أي مشكلة.
وإذا أنجزت مهمتها بنجاح، فهذا يعني أن الأميركيين لن يعتمدوا بعد الآن على الروس للسفر إلى الفضاء ويتخلصون من سطوة الصواريخ الروسية. فمنذ العام 2011، كانت صواريخ "سويوز" الروسية المركبات الفضائية الوحيدة المتاحة لهذه المهمات.
وستصبح عمليات الإطلاق حدثا منتظما في فلوريدا مرة جديدة.