'إلى سما' يترجم معاناة سوريا

المخرجة وعد الخطيب تعتبر أن فيلمها المتوج بجائزة في مهرجان كان يتجاوز كونه رسالة حب من أم إلى ابنتها المولودة في خضم أهوال الحرب في حلب ليجسد الوضع الصعب في سوريا.
وعد تصرّ على لفت نظر العالم الى بلدها
الفيلم يسعى للتأثير على الحكومات بهدف إحداث تغيير في سوريا

لندن – تؤكد المخرجة السورية وعد الخطيب التي نال فيلمها "إلى سما" جائزة في مهرجان كان الأخير أن عملها هذا ليس مجرّد "رسالة حب" من أم لابنتها بل إنه يعكس "وجع" البلد وضرورة مواصلة الحديث عما يجري فيه "بالكلمات الصحيحة".
وتقول المخرجة الشابة في مقابلة مع إن الفيلم "ليس فقط قصة عائلة كانت موجودة في سوريا، بل يجسّد ما يحصل فيها حاليا".
وتضيف هدفنا كسوريين يكمن في مواصلة حكاية (قصصنا) ونشرها والقول إن ما يجري في سوريا ليس حربا أهلية.
ويروي "الى سما"، وفق الموقع الرسمي المخصص له، حياة وعد الخطيب "خلال خمسة أعوام من الثورة في حلب (…)، من وقوعها في الحب ثم الزواج وإنجاب سما، وكل ذلك بينما الصراع العنيف يشتد من حولها".
وقرّر الزوجان البقاء مع طفلتهما في المدينة المحاصرة التي أصابها الدمار، هو ليمارس مهنته كطبيب في المستشفى الذي سيتحول الى منزلهما، وهي لتواصل تصوير يوميات المدينة وحياتهما وسطها، بشكل سيجعل من الفيلم الوثائقي "رسالة حب من أم شابة إلى ابنتها" المولودة في خضم أهوال الحرب في مدينة حلب في شمال سوريا.

وعد الخطيب
تحلم برؤية سوريا حرة

وتوضح الخطيب أنه رغم احتواء الفيلم الوثائقي على مشاهد قاسية، لم أسمع حتى الآن أحدا يقول "لم أستطع إكماله". وتعتبر أن ما ساعد على ذلك هو "الأسلوب السردي" المعتمد، مضيفة أنها وزميلها إدوارد واتس الذي شاركها الإخراج، سعيا خلال عامين من العمل الى "بناء خط (…) يمكّن المشاهد من المتابعة حتى النهاية، ليرى حقيقة الوضع الصعب في سوريا."
وحاز فيلم "الى سما" جائزة "العين الذهبية" في مهرجان كان، وجائزة أفضل وثائقي في مهرجان "ساوث باي ساوث وست" في مدينة أوستن الأميركية. وتقول وعد الخطيب التي باتت تعمل مع القناة التلفزيونية البريطانية الرابعة منذ استقرارها وأسرتها في لندن، "كان كثر يقولون إن الناس تعبوا من أفلام عن الحرب أو عن سوريا ما جعل "التحدي (يكمن) في تقديم الفيلم بطريقة أخرى".

وتلفت الخطيب إلى أن الفيلم عرض في عدد من دول العالم، آخرها بريطانيا. ومن المتوقع أن يبدأ عرضه في فرنسا في تشرين الأول/أكتوبر، بالإضافة الى مشاركته في عدد من المهرجانات (…) و"سنذهب أيضا للمشاركة في مهرجان قرطاج في تونس في نهاية الشهر المقبل".
وامتد النزاع السوري الذي بدأ في 2011 الى حلب في صيف العام 2012. وكانت الخطيب تدرس التسويق آنذاك في جامعة حلب بعد تخلّيها عن فكرة خوض مجال الصحافة لأن هذه المهنة محفوفة بالأخطار في نظر أهلها. وبدأت التصوير تزامنا مع اندلاع المعارك في مدينتها بين الفصائل المعارضة التي سيطرت على الأحياء الشرقية من المدينة والقوات الحكومية في الأحياء الغربية.
وشهدت المدينة ومناطق عدة في أريافها معارك دامية وقصفا عنيفا تسبب بدمار هائل ونزوح كثيف، مخلّفا آلاف القتلى. وبعد أربع سنوات، سيطر الجيش السوري على المدينة بكاملها. وتم إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين منها.
وتقول الخطيب إنها تريد أن تواصل سرد قصص من سوريا من أجل أن "تبقى الثورة بأهدافها الأولى وأن نواصل التحدث عما يجري بالكلمات الصح، وعن أن ما يجري ليس حربا أهلية، بل ثورة".

وبدأ النزاع السوري بتظاهرات سلمية طالبت بإسقاط النظام تم قمعها بالقوة، وما لبثت أن تحولت الى نزاع دام. وتعقد المشهد ودخلت عوامل خارجية عدة على الخط، وظهرت فصائل جهادية.
لكن الخطيب تصرّ على لفت نظر العالم الى بلدها.
وتقول "التركيز الأساسي حاليا على تشارك الفيلم مع الناس (…) وعرضه لسياسيين ولأشخاص بإمكانهم التأثير على حكوماتهم بهدف إحداث تغيير في سوريا".
وتسعى المخرجة الشابة إلى مواصلة رواية ما لا يزال قائما في سوريا "مع الناس وأحكي عن الوجع السوري أكثر وأكثر".
وتصوّر الخطيب في الفيلم رحلة محفوفة بالأخطار الى حلب قامت بها مع طفلتها وزوجها في تموز/يوليو 2016 عائدة من تركيا حيث كانت تزور حماها المريض. وتقول إن العودة حينها كانت "التزاما تجاه الأشخاص الذين كانوا (لا يزالون) موجودين" في المدينة. وفوق كل ذلك، جسّد خيار العودة الموقتة، إذ ما لبثت العائلة أن غادرت المدينة مرة أخرى، "الحلم الذي لا نزال نحلمه بأن نرى سوريا حرة".
وتعيش الخطيب حاليا في لندن برفقة زوجها وسما وابنتهما الثانية تيما. وتجيب بغصّة على سؤال إن كانت ستعود يوما إلى حلب "لا أحاول أن أفكّر كثيرا بهذا الأمر (…) لكن الأكيد أنّه الحلم الكبير، أن أعود يوما مع (ابنتَي) وأريهما المكان الذي ولدت فيه سما والمستشفى الذي عاشت فيه السنة الأولى من عمرها".
في هذا الوقت، حلب حاضرة في حياة ابنتيها، خصوصا من خلال "قصص ما قبل النوم(…). أُخبرهما عنها بطريقة… خيالية، أو هما تعتبرانها خيالية".