إمكانية عودة ترامب إلى السلطة تلقي بظلالها على قمة للناتو

دبلوماسي أوروبي يتوقع نهاية حلف شمال الأطلسي في حال انسحبت الولايات المتحدة منه.

واشنطن - يخيم ظل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المرشح لولاية ثانية في البيت الأبيض على قمة يعقدها حلف شمال الأطلسي من الثلاثاء إلى الخميس في واشنطن، رغم عدم مشاركته فيها.

ويأتي ذلك خصوصا بعدما اتخذت حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني منعطفا مختلفا بالكامل بعد أداء جو بايدن الفاشل في مناظرته التلفزيونية مع خصمه الجمهوري، ما أدى إلى ترنح ترشيح الرئيس الديموقراطي البالغ من العمر 81 عاما.

وتثير عودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض، وهو الذي وصف في الماضي حلف شمال الأطلسي بأنه منظمة "عفا عليها الزمن"، قلقا في بروكسل وفي الكثير من العواصم الأوروبية.

وقال إيان ليسر من صندوق مارشال الألماني للأبحاث في الولايات المتحدة "لا شكّ أن النتيجة المحتملة للانتخابات الأميركية ستكون في أذهان الجميع".

وأضاف "لكن الأمر لا يقتصر على الانتخابات الأميركية فقط، فهناك اليوم تزامن استثنائي لعدم يقين سياسي على جانبي الأطلسي".

من جهته قال دبلوماسي من الحلف رافضا الكشف عن اسمه إن "القمة ستتأثر بشدة بشخصيتين ستغيبان عن واشنطن: المرشح ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

وفي مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس قبل فترة قصيرة، حاول الأمين العام لحلف شمال الأطلسي المنتهية ولايته ينس ستولتنبرغ الطمأنة، متوقعا أن "تبقى الولايات المتحدة حليفا قويا لحلف شمال الأطلسي مهما كانت نتيجة الانتخابات الأميركية، لأن ذلك يصب في مصلحتها".

لكن السؤال حول مدى تأثير ولاية جديدة لترامب في حال فوزه في الانتخابات، على التكتل يبقى مطروحا بقوة، سواء في ما يتعلق باستمرارية الدعم الأميركي لأوكرانيا، وهي مسألة يبقى الرئيس السابق غير واضح بشأنها، أو في ما يتعلق بمستقبل التحالف العسكري الغربي الذي يحتفل بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسه.

وخلال ولايته الأولى (2017 - 2021)، كانت لدى ترامب خلافات مع حلفائه الأوروبيين، منددا بواقع أن الولايات المتحدة تتحمل وحدها العبء.

وشدد ترامب منذ ذلك الحين لهجته الحادة، وأثار جدلا بقوله إنه سيشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على "فعل ما يريد" إذا لم تحترم إحدى دول الحلف التزاماتها المالية حيال التكتل.

وهذا يعد بمثابة انتهاك للمادة الخامسة الأهم في معاهدة حلف شمال الأطلسي والتي تنص على أن الهجوم على أحد أعضاء الحلف يعد هجوما على كل الحلفاء.

وتقر الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف بأنها لن تتمكن من سد الفراغ الذي قد تتركه واشنطن بانسحابها من الحلف العسكري الغربي.

وقال دبلوماسي أوروبي "ستكون نهاية حلف شمال الأطلسي إذا انسحبت الولايات المتحدة وستكون نهاية الردع"، لكن الكثير منهم يعتقد أن الحلف قادر على تجاوز تداعيات ولاية جديدة لترامب في البيت الأبيض، ومن هنا بنظرهم ضرورة تطوير الدفاع الأوروبي.

وأعطت الدول الأوروبية دفعة قوية لإنفاقها العسكري. ومن المرتقب أن تسلط قمة حلف شمال الاطلسي أيضا الضوء هذه السنة على واقع أن 23 من الدول الأعضاء الـ32 ستخصص 2 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي فيها للنفقات العسكرية.

وقد يكون الحلفاء يملكون ورقة رابحة أخرى وهي تسليم رئاسة التكتل إلى رئيس الوزراء الهولندي السابق مارك روته، الذي سيحل محل ينس ستولتنبرغ في أكتوبر/تشرين الأول.

وبعدما أطلقت عليه تسمية "الرجل الذي يهمس في أذن ترامب" لعب هذا الرجل دورا رئيسيا في تهدئة ترامب خلال قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل في 2018.

وخلال قمة واشنطن، سيحاول الحلفاء تحصين وضعهم عبر إضفاء الطابع المؤسسي على جزء من المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا.

وسيتولى حلف شمال الأطلسي تدريجا تنسيق هذه المساعدة، وهي طريقة لحماية نفسه من المخاطر السياسية على جانبي الأطلسي، كما قال دبلوماسيون.

وقالت رايتشل ريزو من المجلس الأطلسي وهو مركز أبحاث "ما أقوله للأوروبيين طوال الوقت هو أن يتوقفوا عن الذعر بشأن ترامب". وأوضحت "لقد فعلتم ذلك لمدة أربع سنوات، وفي الواقع لم يكن الأمر سيئا جدا بالنسبة لأوروبا".

ويشير البعض أيضا إلى أن مراعاة دونالد ترامب بشكل دائم "تؤدي إلى إبقائه راضيا" بحسب قول دبلوماسي أوروبي آخر