إنجاز بلجيكي ليس وليد الصدفة في العرس العالمي الكروي

المنتخب الفرنسي على علم بما سيحصل خلال مواجهة جاره البلجيكي في نصف النهائي في سان بطرسبورغ، فالخطر يمكن أن يأتي من كل مكان.
بلجيكا الفائزة على البرازيل مزجت كل المكونات اللازمة للحاق بفرنسا الى الدور نصف النهائي 
صانع الألعاب دي بروين كسر الخطوط البرازيلية برؤيته الثاقبة وتمريراته في العمق
هازار على النقيض من النجم البرازيلي نيمار بلعبه دور المنشط في صفوف فريقه

قازان (روسيا) - وراء أحد أهم الانجازات في تاريخها الكروي، مكافأة لرجل جريء ولاعبين موهوبين كانوا في مستوى التطلعات: مزجت بلجيكا التي فازت على البرازيل المرشحة البارزة للقب (2-1) الجمعة في ربع نهائي كأس العالم 2018، كل المكونات اللازمة للحاق بفرنسا الى الدور نصف النهائي لنهائيات المونديال الروسي.
قبل المباراة، سأل صحافي إسباني مواطنه مدرب بلجيكا روبرتو مارتينيز، عما اذا كان مهتما بمنصب مدير منتخب بلاده "لا روخا" الذي يتوقع ان يشغر في الأيام المقبلة بعد الإخفاق في روسيا والخروج المبكر لأبطال العالم 2010 من الدور ثمن النهائي على يد البلد المضيف.

نجح مارتينيز في "مراوغة" السؤال، الا ان الاهتمام المفاجىء للصحافة الايبيرية بخدماته يكشف عن التغيير الكبير الذي أحدثه مارتينيز.
الطريقة التي أحبط بها "سيليساو" نيمار بخطة تكتيكية جريئة، قد ترفع من اسهمه وسجله التدريبي التي كان يقتصر قبل اشرافه على المنتخب البلجيكي، على الأراضي البريطانية حيث خاض تجارب في سوانسي (2007-2009)، ويغان (2009-2013) وإيفرتون (2013-2016).
كيف؟ أولا من خلال الحفاظ على خطته التكتيكية الطموحة 3-4-3 التي سمحت لفريقه بأن يكون أفضل خط هجوم في كأس العالم الروسية (14 هدفا في خمس مباريات) على رغم مواجهته ترسانة برازيلية مدججة بالاسلحة الهجومية الفتاكة. وفي الوقت نفسه سد الثغرات التي ظهرت خلال المباراة التي قلب في منتخبه تخلفه بهدفين نظيفين أمام اليابان الى فوز رائع (3-2) من خلال إشراكه البديلين مروان فلايني وناصر الشاذلي مسجلي هدفي التعادل والفوز ضد منتخب "الساموراي الازرق"، كأساسيين في مباراة البرازيل، وذلك على حساب درايس مرتنز ويانيك كاراسكو اللذين أظهرا فشلا في المساهمة الدفاعية.
ونتيجة لذلك، تقدم كيفن دي بروين الذي عادة ما يلعب على المحور إلى جانب أكسل فيتسل في خط الوسط، درجة الى الامام للعب الى جوار روميلو لوكاكو وإدين هازار في خط الهجوم، فأثمر ذلك تسجيل نجم مانشستر سيتي الانكليزي الهدف الثاني بعد نصف ساعة من اللعب.
وعلق مارتينيز عقب المباراة قائلا "عندما تلعب ضد البرازيل، يجب أن تكون لديك ميزة تكتيكية. البرازيل تفرض حاجزا نفسيا. عندما تلعب ضد البرازيل، ذلك يعني انك تواجه القميص الأصفر والأخضر، خمس كؤوس عالمية ... كان يجب أن أكون شجاعا لتغيير خطة تكتيكية في المونديال، لقد كان ذلك رهانا واللاعبون آمنوا به".
ما هو المركز الذي شغله دي بروين؟ في مركز لاعب الوسط رقم 10 خلف هازار ولوكاكو، او "قلب هجوم وهمي" لاستغلال العمل الذي يقوم به لوكاكو وهازار على الجناحين، أو صانع الألعاب لكسر الخطوط البرازيلية برؤيته الثاقبة للعب وتمريراته في العمق؟ الحقيقة، قام بكل هذه المهام معا.
بفضل قدرته على اللعب في مختلف المراكز، منحه مارتينيز دور "الجوكر" لزعزعة استقرار الكتلة البرازيلية التي حرمت من خدمات لاعب وسط ريال مدريد الاسباني كاسيميرو الموقوف، والتحرك بين الخطوط، وضبط وتيرة إيقاع فريقه وفقا لمجريات المباراة.
وقال دي بروين عقب عرضه الرائع في المباراة "لقد قمت بما كان يتعين علي القيام به من أجل الفوز في المباراة. لا يهمني أين سألعب على أرض الملعب. لا بد لي من أن أحاول المساهمة (في فوز الفريق) بأي وسيلة".
وماذا عن زميليه هازار ولوكاكو؟ على النقيض من النجم البرازيلي نيمار، فإن البلجيكي نجم تشلسي الانكليزي وصاحب الرقم 10 قدم أداءا رائعا من خلال لعب دور المنشط في صفوف فريقه. أما بالنسبة للقوي لوكاكو، فقد اكتشف عالم كرة القدم وجها آخر في اسلوب لاعب مانشستر يونايتد الانكليزي. بعد التمويه الجسدي الرائع في المباراة ضد اليابان عندما خدع المدافع بتركه الكرة تمر بين قدميه لتصل الى الشاذلي الذي سجل منها هدف الفوز، قام خلال مواجهة البرازيل بمجهود فردي رائع لنحو 50 م في منتصف الملعب على طريقة البرازيلي رونالدينيو، قبل ان يمرر كرة حاسمة الى دي بروين سجل منها الهدف الثاني بتسديدة رائعة من حافة المنطقة.
ولكن إذا بقيت النتيجة 2-1 فقط في ربع الساعة الأخير الذي شهد ضغطا برازيليا رهيبا، فالفضل يعود بشكل رئيسي لحارس المرمى تيبو كورتوا.

روبرتو مارتينيز
حافظ على خطته التكتيكية الطموحة

فبعدما أنقذه القائم الايمن من هدف مطلع المباراة عندما رد كرة تياغو سيلفا من مسافة قريبة اثر ركلة ركنية (7)، وقف الحارس العملاق (1,99 م) سدا منيعا أمام كل المحاولات الهجومية لفيليبي كوتينيو ورفاقه.
وكان التصدي الأروع والأكثر أهمية في الدقيقة الخامسة الأخيرة من الوقت بدل الضائع عندما اعتقد نيمار أنه انتزع التعادل والتمديد من تسديدة قوية ذكية من خارج المنطقة لكن حارس مرمى تشلسي الانكليزي أبعدها ببراعة الى ركنية. المنتخب الفرنسي على علم بما سيحصل في خلال مواجهة جاره البلجيكي في نصف النهائي الثلاثاء المقبل في سان بطرسبورغ، فالخطر يمكن أن يأتي من كل مكان.