إيداع أحد وجوه حرب الاستقلال في الجزائر السجن

نشطاء المجتمع المدني وصحافيون في الجزائر نددوا بتوقيف لخضر بورقعة واصفين الاعتقال بـ"الانحراف الخطير".

الجزائر - أودع لخضر بورقعة، أحد قادة جيش التحرير الجزائري المعروف بنضاله خلال حرب الاستقلال ضدّ فرنسا، في الجزائر، اليوم الأحد إلى السجن بعد توقيفه من قبل قوات الأمن السبت.

وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس (الجزائر العاصمة)، أمر اليوم الأحد، بإيداع لخضر بورقعة رهن الحبس المؤقت بتهمتي "إضعاف الروح المعنوية للجيش وإهانة هيئة نظامية".

وأضافت الوكالة حسب بيان لوكيل الجمهورية لدى ذات المحكمة أنه تمت إحالة ملف بورقعة لقاضي التحقيق وإيداعه رهن الحبس المؤقت، بعد الاستماع له ووجهت له "تهمتي المساهمة وقت السلم في مشروع الغرض منه إضعاف الروح المعنوية للجيش إضرارا بالدفاع الوطني وإهانة هيئة نظامية".

وأوقف بورقعة السبت في منزله في حيدرة بالجزائر العاصمة، وفق ما ذكر حفيده عماد بورقعة في مقابلة مع موقع إخباري محلي.

واقتيد بورقعة (86 عاماً) المؤيد للتظاهرات الاحتجاجية المستمرة منذ استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في الثاني من نيسان/أبريل، إلى "ثكنة لأجهزة الأمن" في حي بن عكنون المجاور، بحسب عماد بورقعة.

وذكرت صحيفة "ليبرتيه" أنّ بورقعة "تمكن من التواصل مع أولاده لإبلاغهم بتوقيفه"، ولكن من دون التمكن من الإشارة إلى "مكان تواجده".

وأثار التوقيف موجة سخط في البلاد، بالأخص عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وعبّر حزب جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض في الجزائر والذي كان لخضر بورقعة أحد مؤسسيه عام 1963، عن "الغضب" إثر عملية الاعتقال.

واعتبر ناشطون وصحافيون وجامعيون في عريضة نشرها الحقوقي فاضل بوماله أنّ "هذا الاعتقال يعتبر انحرافاً خطيراً".

وبينما لا تزال أسباب التوقيف غير معلومة، أشار عماد بورقعة إلى أنّ جدّه خضع للاستجواب بسبب "تصريحاته ضدّ قائد أركان الجيش الجنرال قايد صالح"، رجل البلاد القوي منذ استقالة بوتفليقة.

واتهم لخضر بورقعة قايد صالح بأنه يريد أن يفرض "مرشحه" في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ووصل المشهد الجزائري إلى حالة غير مسبوقة من الانسداد السياسي، بسبب تمسك الجيش بالمخرج الدستوري لحل الأزمة في البلاد والمرور إلى الانتخابات وتمسك أغلب الأحزاب ونشطاء الحراك الشعبي بمرحلة انتقالية تقصي جميع رموز بوتفليقة.

والجمعة خرج الآلاف من المحتجين في الجمعة الـ19 للمطالبة بتغيير "بقايا نظام بوتفليقة"، مؤكّدين عدم تراجعهم إلى حين “الوصول بالبلاد للغاية التي خرج من أجلها الشعب عبر مختلف مناطقه منذ فبراير الماضي".

ورفع المحتجون شعارات مثل "دولة مدنية لا عسكرية" و"مرحلة انتقالية تحقق القطيعة مع النظام قبل الانتخابات الرئاسية" للرد على تحذيرات قايد صالح الذي اعتبر أن المطالبين بفترة انتقالية يسعون إلى "حماية الفساد من خلال تأجيل محاربته".

ومست المتابعات القضائية في حملة "محاربة الفساد" كبار رجال الأعمال والمسؤولين السياسيين على رأسهم رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال الموجود رهن الحبس المؤقت في انتظار محاكمتهما.

وبعد مسك الجيش زمام الأمور في البلاد، شدّد قايد صالح في العديد من المناسبات على أنه "لا مهادنة ولا تأجيل لمسعى محاربة الفساد، بل، سيتواصل بكل عزم وصرامة وثبات قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها".

لكن مراقبين يرون أن الحملة مجرد محاولات من قبل قائد الجيش الجزائري لإلهاء الشعب عن تحديات أعمق وهو رفض بقاء رموز من النظام السابق في السلطة.

ومنذ استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل تحت ضغط الشارع وبعد تخلي الجيش عنه، يطالب المتظاهرون برحيل وجوه الفريق القديم عن السلطة، وعلى رأسهم الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح ورئيس الوزراء نورالدين بدوي ولكن أيضا الفريق قايد صالح المتمسك بالتطبيق الحرفي للدستور.

وبعدما جرى إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مرتقبة في الرابع من تموز/يوليو، لانعدام المرشحين ورفض الحركة الاحتجاجية لها، باتت السلطات أمام وضع معقّد، فالدستور ينصّ على أن يسلّم رئيس الدولة الانتقالي عبد القادر بن صالح السلطة إلى رئيس جديد بحلول 9 تموز/يوليو، وهي مهلة قصيرة جداً لتنظيم انتخابات جديدة.