إيران استغلت ثورة 'الدرون' ونقلتها لداعش والقاعدة

ثورة تطوير الدرونز عبر الجماعات الخارجة عن سلطة الدولة أطلقتها إيران مع الحرب العراقية - الإيرانية دون أن تقدر حينها على تطويرها بشكل كبير لتنقلها إيران لاحقاً إلى داعش والقاعدة وتكون الحرب السورية نقطة تحول في تطوير قدرات هذه الطائرات على يد هذه الجماعات الإرهابية.

بقلم: تيودور كاراسيك

في يناير العام 2018، أعلنت صحيفة كومرسانت الروسية نقلاً عن مسؤولين روس عن تدمير سبع طائرات روسية على الأقل من طراز سوخوي - 24، وإصابة عشرة جنود روس، جراء إطلاق قذائف عبر هجوم بطائرات مسيرة (درونز) من جماعات مسلحة سورية على قاعدة حميميم الجوية والتي تعد الموقع الروسي الأكثر أمناً وتحصيناً في سورية يضم أرفع القوات الروسية وكبار الجنرالات الروس المتواجدين في سورية.

وأشارت الصحيفة آنذاك إلى أن هذا الهجوم لم يكن الأول من نوعه إلا أنه كبّد القوات الروسية الخسائر الأفدح منذ أن بدأت الحملة الروسية لدعم النظام السوري في خريف العام 2015. ونقلت الصحيفة حينها عن مصدرين دبلوماسيين وعسكريين أن القصف دمر ما لا يقل عن أربع قاذفات من طراز سوخوي-24 ومقاتلتين من طراز سوخوي-35 إس وطائرة نقل من طراز أنتونوف-72 فضلاً عن مستودع ذخيرة. كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية في نفس الأسبوع عن إسقاط مروحية روسية من طراز "مي-24" ومصرع طاقمها في سورية بسبب عطل فني، الأمر الذي فسره محللون عسكريون على أنه أيضاً بفعل طائرات درونز استخدمها تنظيم القاعدة للتشويش على المروحية الروسية ما أدى إلى إسقاطها.

ويصف الباحث والمحلل السياسي تيودور كاراسيك، ما تحدثه الجماعات الإرهابية من ميليشيات إيران إلى تنظيمي داعش والقاعدة من تطويرات على طائرات الدرونز البدائية هو أكبر معضلة تخضع للدراسة، وتطوير مضادات لها في أكبر معامل صناعة الأسلحة في العالم، إذ تتوفر المواد الأولية لصناعة طائرات مسيرة على رفوف معظم المتاجر الكبرى، كما يسهل نقلها وإرسالها عبر الدول دون أي رقابة تذكر لأن لها غايات ترفيهية في الأصل. ويقول كاراسيك؛ "ثورة تطوير الدرونز عبر الجماعات الخارجة عن سلطة الدولة، أطلقتها إيران مع الحرب العراقية - الإيرانية، دون أن تقدر حينها على تطويرها بشكل كبير، لتنقلها إيران لاحقاً إلى داعش والقاعدة وتكون الحرب السورية نقطة تحول في تطوير قدرات هذه الطائرات على يد هذه الجماعات الإرهابية".

من المشكلات التي تجعل هذه الطائرات مهددة للمجتمع الدولي برمته هو أن أحدث منظومات الدفاع الجوي التي توصلت إليها أميركا وروسيا لا تقدر على رصد هذه الطائرات المسيرة لأنها حديثة الصنع وبدائية وصغيرة وعمرها من عمر الحرب السورية بينما المنظومات الجوية الأحدث تطورت قبل الحرب السورية ومآلاتها العسكرية".

ويلفت كاراسيك إلى أن هذا الأمر لا يشكل خطراً فقط من ناحية قدرة هذه الطائرات على استهداف مواقع مدنية أو تحريكها لتكون أداة حرب بيد الجماعات الإرهابية، بل يمتد خطرها إلى سلامة الطيران المدني حول العالم فمن الممكن أن تشوش هذه الطائرات المسيرة على حركة طائرات أو مروحيات مدنية، مثلما حدث في سورية بالمروحية الروسية، ما قد يؤدي إلى إسقاطها ومصرع ركابها، الأمر الذي يخلق الآن ذعر دولي وتركيز وثيق من أكبر شركات السلاح على أن يكون الجيل المقبل من الدفاعات الجوية قادراً على إبطال مفعول هذه الطائرات المسيرة.

يفيد كاراسيك بأن بناء "نظرية مؤامرة" حول قدرة أميركا على التدخل لوقف الحروب وتفسير الأمر على أنه انعدام رغبة أميركية بمساعدة الحلفاء هو أمر بعيد عن الواقع، فأولاً استهداف الحلفاء هو استهداف مباشر لقدرة أميركا على بناء التحالفات في المنطقة التي تتمدد فيها خصوم أميركا من روسيا والصين، وثانياً فإن الاقتصاد الأميركي يتضرر بشدة عبر استهداف الحلفاء، وثالثاً، حرب أفغانستان العبثية التي يقضي فيها الشباب الأميركي وتستنزف المليارات من موارد أميركا، ورغبة الرئيسين أوباما وترمب الحثيثة بإنهائها واستمرار الفشل في ذلك هو دليل دامغ على أن أميركا لا تمتلك حلاً سحرياً لمواجهة الجماعات العاشقة للقتال والإرهاب والتي تنجب أجيالاً متعاقبة تكمل الحروب ولا ترغب بإنهائها.

نُشر في الرياض السعودية