إيران تبتز أوروبا: انقاذ الاتفاق النووي مقابل هدنة في اليمن

المحادثات التي بدأت ضمن مسار آخر غير المفاوضات النووية تهدف إلى تهدئة المخاوف الأميركية المتعلقة بدور إيران الإقليمي وإلى أن تظهر لواشنطن أن أوروبا بإمكانها الحصول على تنازلات من طهران.

طهران مستعدة للضغط من أجل هدنة باليمن
الأوروبيون يريدون نتائج ملموسة من المحادثات
مسؤول إيراني يؤكد أن الاتفاق بشأن اليمن بات قريبا

أنقرة/باريس - قال مسؤولون من إيران وقوى أوروبية إن الطرفين أحرزا تقدما جيدا في محادثات لإنهاء الصراع الدائر في اليمن إذ أبدت طهران استعدادها للضغط من أجل وقف لإطلاق النار وتخفيف الأزمة الإنسانية هناك.

وبدأت المحادثات في فبراير/شباط في إطار جهود لتجنب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 وإعادة فرض العقوبات على طهران.

وتهدف المحادثات التي بدأت ضمن مسار آخر غير المفاوضات النووية إلى تهدئة المخاوف الأميركية المتعلقة بدور إيران الإقليمي وإلى أن تظهر لواشنطن أن أوروبا بإمكانها الحصول على تنازلات من طهران.

وانصب الاهتمام بالأساس على اليمن حيث تدعم ايران ميليشيات الحوثي الانقلابية فيما تقود السعودية تحالفا عسكريا عربيا داعما للشرعية في مواجهة انقلاب الحوثيين.

وتنفي إيران اتهامات سعودية لها بتقديم الدعم المالي والعسكري للحوثيين في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن وتلقي على الرياض باللوم في تعميق الأزمة.

وقال مسؤول إيراني بارز "وافقنا على العمل مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإنهاء الصراع في اليمن بسبب الكارثة الإنسانية هناك".

وأضاف "الهدف هو التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمساعدة المدنيين الأبرياء. سنستخدم نفوذنا لإحضار حلفائنا إلى مائدة التفاوض".

وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين إن المحادثات أحرزت تقدما كبيرا وتسير في الاتجاه الصحيح.

وشن تحالف تقوده السعودية ويدعمه الغرب ضربات جوية على حركة الحوثي المسلحة في الحرب الدائرة منذ العام 2015 لإعادة الحكومة المعترف بها دوليا إلى اليمن.

وتقول الأمم المتحدة إن الصراع أسفر عن مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص ونزوح نحو ثلاثة ملايين من السكان داخليا وسبب أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ورحبت دول خليجية وعربية وأيضا اسرائيل بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي يوم الثامن من مايو/أيار وقالت إن الاتفاق يحد من "سلوك إيران المؤذي في سوريا واليمن وأماكن أخرى في مختلف أرجاء العالم".

الحرس الثوري الايراني
الحرس الثوري الايراني يقر بدعم الحوثيين في اليمن

سيناريو الدجاجة والبيضة

وأقرت إيران لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بضلوعها في الصراع الدائر في اليمن عندما قال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني إن بلاده قدمت المساعدات في صورة المشورة لحلفائها في اليمن.

ولحماية إيران من عقوبات أميركية جديدة، تضغط القوى الأوروبية على طهران لتخفيف نشاطها الإقليمي بما في ذلك دورها في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن.

وقال مسؤول أوروبي طلب عدم نشر اسمه "الإيرانيون أبدوا مؤشرات على استعدادهم الآن لتقديم خدماتهم في الاتصال بالحوثيين من أجل المضي قدما".

وأضاف "الإيرانيون يعترفون الآن على الأقل بأن هناك قناة اتصال. بالطبع لا يقولون إنهم يتحكمون في الحوثيين ولن يقولوا ذلك، لكنهم يعترفون بأن لهم نفوذا معينا عليهم وأنهم مستعدون لاستخدام هذه القنوات".

وقال عباس عراقجي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين إن المحادثات بشأن الصراع الدائر في اليمن تمضي بالتوازي مع المحادثات النووية مع الموقعين الأوروبيين على الاتفاق الذي قبلت إيران بموجبه تقليص أنشطتها النووية في مقابل رفع العقوبات الدولية.

وقال عراقجي للتلفزيون الحكومي يوم الأحد "الاتفاق النووي غير مرتبط بالقضايا الإقليمية... إيران لن تجري محادثات بشأن نفوذها في المنطقة إلا فيما يتعلق باليمن بسبب الأزمة الإنسانية هناك".

سنستخدم نفوذنا لإحضار حلفائنا إلى مائدة التفاوض

وقال مسؤول أوروبي ثان إن المناقشات مع الإيرانيين بشأن اليمن تمضي بشكل "جيد جدا".

وأضاف المسؤول الثاني "إنهم الإيرانيون يقولون لنا إنهم مستعدون للعمل على وقف لإطلاق النار، لكنهم يقولون إن السعوديين ليسوا مستعدين. لذلك فالأمر يشبه سيناريو الدجاجة والبيضة. نريد الآن أن يتحول ذلك إلى شيء ملموس".

وتدعم واشنطن وباريس ولندن الرياض في تدخلها العسكري دعما للشرعية في اليمن وتمدها بالسلاح ومعلومات المخابرات.

وقال مسؤول إيراني آخر "هذا جهد إنساني... المسألة حُلت تقريبا. نعمل على وضع إطار عام".

وقال عراقجي إن اجتماعا سيعقد بين إيران والقوى الأوروبية في منتصف يونيو/حزيران في بروكسل لبحث الصراع الدائر في اليمن.

ومن المقرر أن تشارك فرنسا في استضافة مؤتمر دولي بشأن اليمن مع السعودية في باريس في يونيو/حزيران لتقييم المساعدات المطلوبة وربما الإسهام في إنعاش محادثات السلام المدعومة من الأمم المتحدة.

وتؤكد فرنسا على أهمية استكمال الاتفاق النووي مع إيران بمحادثات موضوعية بشأن قضايا أخرى.

لكن لم يتضح كيف يمكن دمج المحادثات بين إيران والقوى الأوروبية بشأن الاتفاق النووي مع جهود وسيط الأمم المتحدة في اليمن مارتن غريفيث.

وقال غريفيث في أبريل/نيسان إنه يريد عرض خطة للمفاوضات خلال شهرين لإنهاء الصراع، لكنه حذر من أن أي هجمات عسكرية قد تطيح بالسلام من على مائدة المفاوضات.