إيران تبتز الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي

الإجراء الإيراني بتقليص المزيد من الالتزامات النووية  يعتبر "استفزازا" ومسعى لقلب الموازين لصالح طهران وليس إلى صنع قنبلة نووية.

طهران تضغط لانتزاع دعم أوروبي أقوى في مواجهة العقوبات الأميركية  
التهديدات الإيرانية تنذر بتقويض الجهود الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي
إيران تعلن السبت تفاصيل خطوة الخفض الإضافي لالتزاماتها النووية

طهران - طالب الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس إيران بالتراجع عن خطوة ثالثة معلنة لتقليص المزيد من التزاماتها النووية ضمن محاولات إيرانية لزيادة الضغط على الشركاء الأوروبيين لانتزاع دعم أكبر يتيح لها التفافا أيسر على العقوبات.

ومن المقرر أن تكشف طهران السبت القادم تفاصيل إجراءاتها الجديدة المتصلة بخفض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ردا على فرض عقوبات أميركية مشددة عليها.

وتأتي الخطوة الإيرانية بعد يوم من إعلان الاتحاد الأوروبي أنه لن يفعل آلية للتجارة غير الدولارية مع طهران (وهي خطة أوروبية لمساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية) إلا بعد تبني الحكومة الإيرانية قوانين وإجراءات متصلة بمكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال.

ويعقد المتحدث باسم وكالة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي مؤتمرا صحافيا لعرض تفاصيل الخطوة الثالثة من تقليص إيران التزاماتها النووية منذ مايو/ايار، بحسب وكالة الأنباء الطالبية (اسنا).

وسيكشف كمالوندي كيفية تنفيذ الأمر الذي أصدره مساء الأربعاء الرئيس الإيراني حسن روحاني بالتخلي عن أي قيود في مجالي البحث والتطوير النوويين.

وبذلك يكون روحاني قد دشن المرحلة الثالثة من خطة تقليص التزامات طهران النووية التي نص عليها الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي الذي وقع في يوليو/تموز 2015 في فيينا.

وتحدث روحاني عن "توسيع مجال الأبحاث والتطوير وأنواع مختلفة من أجهزة الطرد المركزي، وكل ما نحتاج إليه من أجل تخصيب" اليورانيوم.

ورد المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كارلوس مارتن رويز دي غورديخويلا الخميس بالقول "إننا نعتبر هذه الأنشطة غير متوافقة (مع الاتفاق النووي) وفي هذا السياق نحضّ إيران على التراجع عن هذه الخطوات والامتناع عن أي خطوات إضافية تقوض الاتفاق النووي".

وتجري ثلاث دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا محادثات في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في فيينا عام 2015 وبات مهددا بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو/أيار 2018 وإعادة فرضها سلسلة من العقوبات الاقتصادية على إيران.

ويقود هذه الجهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يحاول إقناع الولايات المتحدة بأن تعفي إيران من بعض العقوبات المشددة التي فرضتها عليها.

وتمارس حكومة الرئيس دونالد ترامب سياسة "الضغوط القصوى" على طهران لإجبارها على التفاوض على اتفاق جديد يكون ملزما أكثر بالنسبة إليها.

وقد عبرت إيران عن استياء متزايد من عجز أوروبا عن الالتفاف على اثار العقوبات الأميركية مقابل استمرار التزام طهران بالاتفاق.

وردت مرتين بإجراءات مضادة على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، ففي الأول من يوليو/تموز قالت إيران إنها رفعت مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى أكثر من 300 كيلوغرام وهو الحد الذي يسمح به الاتفاق.

الاتفاق النووي الايراني
الاتفاق النووي الايراني

وبعد أسبوع أعلنت أنها تخطت سقف تخصيب اليورانيوم المحدد بـ3.67 بالمئة، فيما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 30 أغسطس/اب أن مخزون إيران من اليورانيوم يبلغ حوالى 360 كلغ، وأن ما يزيد بقليل عن 10 بالمئة منه فقط، تم تخصيبه بنسبة 4.5 بالمئة.

وتقوم الخطة الأوروبية التي نوقشت في الأيام الأخيرة على منح طهران خطا ائتمانيا بقيمة 15 مليار دولار مقابل عودتها إلى تنفيذ كامل للاتفاق، لكنها لا تزال تصطدم برفض أميركي.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن هذا المبلغ يوازي ثلث الصادرات الإيرانية من المحروقات في العام 2017 وسيتم سداد المبالغ التي تحصل عليها طهران عبر الخط الائتماني خلال التفاوض عبر عمليات بيع مستقبلية للنفط الإيراني.

لكن هذه الخطة لا يمكن أن ترى النور إذا لم تتراجع واشنطن عن بعض من عقوباتها التي تستهدف بيع النفط الإيراني، الأمر الذي رفضته الولايات المتحدة بشدة الأربعاء.

ووصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر تويتر وزارة الخزانة الأميركية بأنها "حارس السجن".

واعتبر هنري روم المحلل لدى مجلس "اوراسيا غروب" الأميركي أن الإجراء الإيراني "استفزازي لكن يمكن العودة عنه" مضيفا أن "إيران تسعى إلى قلب الموازين لصالحها وليس إلى صنع قنبلة" نووية.

وقال فرنسوا نيكولو السفير الفرنسي السابق في إيران إن الإجراءات الإيرانية الجديدة "ستشمل في الدرجة الأولى تطوير أجهزة طرد مركزي جديدة" لتخصيب اليورانيوم.

وأوضح أن اتفاق فيينا "يحد في شكل كبير من تطوير نماذج مختلفة من الجيل الجديد من أجهزة الطرد"، كما يحد من "عدد أجهزة الطرد المركزي التي يتم تجميعها واختبارها" ويفرض "جدولا زمنيا صارما يتصل بالتطوير".

واعتبر نيكولو أن ما أعلنته إيران "مدروس جدا" و"مفاعيله الملموسة الأولى لن تظهر قبل عام أو عامين"، لكن بخلاف التدابير الأولى التي تم اتخاذها على صعيد تقليص الالتزامات "فإنه لا يمكن التراجع عن التدابير الجديدة سوى في شكل جزئي"، مضيفا "في الواقع، حتى لو توقفت الأبحاث، فإن المكتسبات العلمية تبقى على الدوام".