إيران تبحث عن مخرج لمأزقها بحوار 'مشروط' مع السعودية

وزير الخارجية الإيراني يبدي استعداد بلاده للحوار مع المملكة إذا كانت الرياض مستعدة بدورها، في عرض يحتمل أكثر من تفسير في ذروة التوتر القائم في الخليج وعلى ضوء اشتداد الخناق على إيران.

إيران لم تبد أي مرونة تشير إلى إمكانية تهدئة التوتر في الخليج
العقوبات الأميركية تخنق الاقتصاد الإيراني
مقاومة طهران للعقوبات الأميركية أقرب للدعاية منها للصمود
إيران لم تعد تملك هامشا واسعة للاستمرار في مناوراتها السياسية
التهدئة تبقى رهينة توقف إيران عن دعم وتمويل الإرهاب

طهران - نقلت وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانية عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قوله اليوم الأربعاء إن بلاده مستعدة للحوار إذا كانت السعودية مستعدة أيضا.

وتحتمل تصريحات ظريف أكثر من تفسير فإما أن إيران تبحث عن مخرج لأزمتها الراهنة وباتت أكثر قناعة بأن التصعيد لن ينقذها من مأزقها وأن الحوار مع المملكة قد يساعد في تخفيف التوتر واحتواء تداعيات العقوبات الأميركية وإما أنها ترغب فقط في كسب الوقت والترويج لنفسها دوليا كجهة راغبة في الحل.

ولكن المؤكد والواضح في خضم العرض المشروط الذي قدمه ظريف هو ازدواجية الخطاب الإيراني، حيث لم تظهر طهران أي مرونة لتهدئة التوتر في المنطقة بل صعّدت من تهديداتها لأمن الملاحة البحرية وانتهكت الاتفاق النووي بتقليص بعض من التزاماتها ولوحت بالمزيد، مواصلة في الوقت ذاته دعم وتسليح المتمردين الحوثيين الذين يشنون هجمات على أهداف في المملكة بصواريخ وطائرات إيرانية الصنع.

وعلى الجبهة السياسية تحاول إيران تسويق نفسها كجهة تدفع للحوار سبيلا لإنهاء الأزمة في محاولة لمغالطة الرأي العام العالمي والإيهام بأنها تجنح للسلام.

لكن الوقائع تشير إلى عكس ما تسوق له طهران وتكشف بوضوح مناوراتها لكسب الوقت في خضم التوتر المتصاعد في المنطقة.

وتراهن القيادة الإيرانية على طول النفس في معركة ليّ الأذرع التي تخوضها في المنطقة مستغلة التحذيرات الدولية من انزلاق التصعيد الكلامي إلى مواجهة عسكرية فعلية كارثية على الأمن الإقليمي والدولي وعلى الاقتصاد العالمي.

وتصاعدت التوترات بين إيران والسعودية القوتان الإقليميتان منذ اتهمت الرياض طهران بتنفيذ هجمات ألحقت أضرارا بست ناقلات نفط في الخليج وهو اتهام تنفيه الحكومة الإيرانية.

وقال ظريف "إذا كانت السعودية مستعدة للحوار، فإننا مستعدون دوما للحوار مع جيراننا. لم نغلق الباب قط أمام الحوار مع جيراننا ولن نغلق أبدا الباب أمام الحوار مع جيراننا".

وجاءت الهجمات على ناقلات النفط في وقت شددت فيه الولايات المتحدة القوة الكبيرة الرئيسية الحليفة للرياض، العقوبات على إيران في محاولة لإجبارها على التفاوض على وضع حدود أكثر إحكاما لنشاطها النووي وفرض قيود على برنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية.

وتدرك إيران أن مفتاح التهدئة بيدها هي ويبقى رهين توقفها نهائيا عن دعم وتمويل وتنفيذ أنشطة مزعزعة للاستقرار في المنطقة والتدخل في شؤون الدول الأخرى.

ويؤكد متابعون لتطورات ملف التوترات الأخيرة في الخليج، أن التصريحات الإيرانية مجرد ذر رماد في العيون ومحاولة للقفز على مسببات الأزمة.

والعلاقات السعودية الإيرانية مقطوعة منذ يناير/كانون الثاني 2016 وذلك بعد اعتداءات محتجين إيرانيين على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد على خلفية إعدام الرياض رجل الدين الشيعي نمر النمر بتهم تتعلق بالإرهاب. ولم تتحرك السلطات الإيرانية حينها لحماية البعثات الدبلوماسية السعودية على أراضيها.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد دعا في منتصف يونيو/حزيران المجتمع الدولي إلى اتخاذ "موقف حاسم" تجاه الهجمات على ناقلات النفط، لكنه قال إن المملكة لا تريد حربا في المنطقة.

وقال ظريف إن بمقدور إيران إجراء محادثات مماثلة مع الإمارات الحليف المقرب للسعودية، مضيفا أنهم "إذا غيروا سياساتهم فستكون فرصة جيدة جدا للحوار".

وفي المقابل تطالب جول الخليج إيران بتغيير سياساتها والتوقف عن دعم وتمويل الإرهاب ووكلائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وأجرت طهران محادثات حول الأمن البحري أمس الثلاثاء مع الإمارات وذلك في محاولة على ما يبدو لتهدئة التوترات في الخليج، رغم أن مسؤولا خليجيا عربيا وصف المحادثات بأنها روتينية وفنية بحتة ولا علاقة لها بالتوتر الحالي في المنطقة.