إيران تتخبط بين كذبة وأخرى في إعلانات حصيلة كورونا

مواطنة إيرانية: التلفزيون الرسمي يعلن أرقاما، لكن عندما نذهب إلى المستشفيات نرى شيئا مختلفا. عدد الوفيات جراء الفيروس أكبر بكثير.
محافظة قم تعد أكثر المحافظات الإيرانية تأثرا بكورونا
الخوف من العزلة يدفع إيران للتكتم عن العدد الحقيقي لضحايا كورونا
حالة من الإرباك تطبع التعامل الإيراني الرسمي مع انتشار كورونا
إيران تلتزم الخداع من حادثة اسقاط الطائرة الأوكرانية إلى انتشار كورونا

طهران - نفت إيران الاثنين نفيا قاطعا أن تكون قد كذبت بشأن انتشار فيروس كورونا على أراضيها أو حول عدد المصابين والضحايا، في نفي هو أقرب للخداع على غرار إنكارها إسقاط الطائرة الأوكرانية في يناير/كانون الثاني بصاروخ قبل أن تتراجع وتقرّ بذلك.

وتعهّدت طهران بالتزام الشفافية في ما يتعلّق بتفشي الفيروس الذي أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية رسميا اسم 'كوفيد-19' في المدن الإيرانية.

ونفت قطعيا أيضا ما أعلنه نائب إيراني من المحافظين المتشددين عن وفاة 50 شخصا بالوباء، متّهما حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني بـ"الكذب على الشعب".

وأعلنت السلطات الإيرانية في أحدث إحصائية وفاة أربعة مصابين بفيروس كورونا المستجد، ما يرفع حصيلة الوفيات الإجمالية في الجمهورية الإسلامية إلى 12 من أصل 61 حالة إصابة بالفيروس، بحسب وزارة الصحة.

وتضع هذه الحصيلة إيران على رأس قائمة الدول التي تأثرت بالفيروس بعد الصين، البؤرة الأساسية لوباء "كوفيد-19"، حيث يناهز عدد الوفيات 2600 حالة.

وكان أحمد أمير أبادي فراهاني النائب عن مدينة قم، حيث أُعلنت في 19 فبراير/شباط أولى الإصابات والوفيات بالفيروس المستجد، قد أكد أنّ عدد الوفيات ارتفع مساء الأحد إلى "نحو 50 شخصا" في هذه المدينة المقدسة لدى الشيعة والواقعة على بعد 150 كلم إلى الجنوب من طهران.

وتعدّ محافظة قم أكثر المحافظات الإيرانية تأثرا بالفيروس. ورد نائب وزير الصحة الإيراني إيراج حريرجي على ما أعلنه النائب قائلا "أنفي قطعيا هذه المعلومة".

اقبال كبير على شراء الأقنعة الطبية الواقية في ايران
اقبال كبير على شراء الأقنعة الطبية الواقية في ايران

وقال المتحدث باسم الحكومة علي الربيعي "إننا ملتزمون أن نكون شفافين في ما يخص نشر الحصيلة"، متعهدا "الإعلان عن كل الأرقام حول المتوفين في كافة أنحاء البلاد".

وكانت وكالة الأنباء "ايلنا"، القريبة من الإصلاحيين، أول من نشر الاتهامات التي ساقها أمير ابادي فراهاني أمام وسائل إعلام إيرانية في أعقاب لقاء مغلق حول الفيروس مع وزير الصحة سعيد نمكي.

وقالت رئيسة تحرير 'ايلنا' فاطمة مهدياني إنّ "بقية وسائل الإعلام لم تنشر العدد، لكننا نفضّل عدم ممارسة رقابة بشأن ما يتعلق بالفيروس لأنّ حياة الشعب في خطر".

وأوضحت وكالة فارس القريبة من المحافظين لاحقا أنّ النائب عن قم كان يتحدث عن حصيلة "أدنى من 50" شخصا توفوا في مدينته، ردا على سؤال وجّه إليه حول ما إذا كانت الحصيلة الإجمالية تلامس الستين.

ونقلت الوكالة عن النائب قوله "للأسف، وصل الفيروس إلى قم منذ ثلاثة أسابيع وجاء الإعلان متأخرا جدّا".

وتأتي محافظة قم في صدارة المحافظات الإيرانية التي سجّلت فيها إصابات (34)، تليها طهران (13) وغيلان (شمال 6 حالات) ومركزي (وسط 4 اصابات) وأصفهان (وسط، حالتان) وهمدان (غرب: إصابة واحدة) ومازندران (شمال: إصابة واحدة)، بحسب وزارة الصحة.

وباستثناء أول حالتي وفاة في قم، لم تعد السلطات توضح مكان الوفيات المسجّلة.

وفي طهران قالت متسوقة "إن التلفزيون يعلن أرقاما، لكن عندما نذهب إلى المستشفيات نرى شيئا مختلفا. عدد الوفيات جراء الفيروس أكبر بكثير".

بدوره قال شعيب الموظف في صيدلية إن الأقنعة الطبية الواقية على وشك أن تنفد، موضحا أن عدد الأقنعة المباعة ارتفع من 500 إلى عشرة آلاف في اليوم الواحد.

وتابع "المسؤولون يقولون إن المسلمين يحميهم إيمانهم"، مضيفا "كيف يخططون لوضع مدينة كبرى مثل طهران في الحجر الصحي، إن كانوا غير قادرين على فرض حجر صحي في مستشفى".

لكن في ظل هذا الوضع القاتم انتشر على شبكة الإنترنت تسجيل فيديو يظهر شبانا "يتصافحون" بالأرجل بدلا من المصافحة اليدوية في تدبير وقائي لتفادي الإصابة بأي عدوى.

الأقنعة الطبية الواقية على وشك النفاد، فعدد الأقنعة المباعة ارتفع من 500 إلى عشرة آلاف في اليوم الواحد

وأثار تزايد عدد الإصابات والوفيات في إيران قلق الدول المجاورة فقررت أرمينيا وتركيا وباكستان وأفغانستان الأحد إقفال حدودها مع الجمهورية الإسلامية وفرض قيود على التبادل التجاري معها.

كذلك قرر الأردن منع دخول الوافدين من إيران والصين وكوريا الجنوبية في إطار جهود مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد و"كإجراء احترازي مؤقت".

والاثنين أعلنت الكويت والبحرين اكتشاف أولى حالات الإصابة بالفيروس وأضافتا أنّ مصدرها إيران الواقعة على ضفة الخليج الأخرى.

بدورها أعلنت عُمان تعليق الرحلات الجوية بين السلطنة والجمهورية الإسلامية. وقالت وزارة الصحة الكويتية إنّ الفحوص الأولية التي أجرت لعائدين من مدينة مشهد، ثاني مدن إيران، بيّنت وجود مصابين بينهم.

وأعلن العراق رصد أول إصابة هي لطالب إيراني في العلوم الدينية في مدينة النجف.

وأعلن المتحدث باسم مكتب البرلمان الإيراني أسدالله عباسي عقب الاجتماع المغلق لنواب مع وزير الصحة، أنّ الأخير أعاد "سبب انتشار الفيروس في إيران إلى متسللين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى البلاد، آتين من باكستان وأفغانستان والصين"، وفق وكالة 'ايسنا'.

وكان الوزير الإيراني قد أعلن الأحد أنّ أحد المتوفين نتيجة الإصابة في قم كان "تاجرا محليا قام بعدة رحلات إلى الصين"، إلا أنه أكد أن التاجر لم يتوجه إلى الصين في رحلات مباشرة إذ أن تلك الرحلات متوقفة.

وأعلنت شركة 'ماهان' الإيرانية للطيران أنها أوقفت رحلاتها مع الصين في فبراير/شباط باستثناء ثماني رحلات لإعادة إيرانيين بإشراف وزارة الصحة.