إيران تتخلى عن المكابرة في اعتراف نادر بمشاكلها المزمنة

رئيس البرلمان الإيراني يلقي بالكرة في ملعب الحكومة، مؤكدا أن البرلمان حذّرها مرارا من مشاكل مزمنة، فيما تواجه طهران ضغوطا أميركية شديدة أثرت على اقتصادها في الوقت الذي تشهد فيه احتقانا اجتماعيا واحتجاجات لا تهدأ في الأهواز.
العقوبات الأميركية تفاقم مشاكل مزمنة في إيران
لاريجاني يقرّ بمشاكل مزمنة حتى قبل العقوبات الأميركية
اعتراف لاريجاني يسلط الضوء على انقسامات عميقة تضرب إيران

طهران - أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني النافذ علي لاريجاني الاثنين أن بلاده تواجه "تحديات مزمنة" كانت موجودة قبل إعادة الولايات المتحدة فرض العقوبات على طهران بزمن طويل.
ويأتي إقرار المسؤول الإيراني فيما تتعرض بلاده لضغوط أميركية شديدة من شأنها أن تفاقم الأزمة القائمة أصلا حتى قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو/ايار الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مع القوى الست الكبرى وإعادة فرض حزمة من العقوبات كان أشدها تلك التي بدأ تطبيقها وتشمل قطاعي النفط والمال.

وقال لاريجاني خلال مؤتمر صحافي إن "العوامل الخارجية تؤثر على اقتصادنا، لكن هناك مشاكل مستمرة منذ زمن".

وأشار إلى عدد من التحديات التي تواجهها بلاده بينها "الحكومة الكبيرة والمكلفة" ومعدلات الفائدة المرتفعة التي "تعطل الإنتاج" وصناديق المعاشات التقاعدية التي تفتقد إلى السيولة إضافة إلى أزمة المياه.

وأفاد لاريجاني بأن مركز الأبحاث التابع للبرلمان "حذر مرارا" من هذه التحديات، لكن الحكومة لم تتعامل بعد مع المشاكل الأساسية.

وبهذا الاعتراف بـ"المشاكل المزمنة"، يكون رئيس مجلس الشورى قد ألقى بالمسؤولية على الحكومة التي تواجه بالفعل ضغوطا داخلية وخارجية.

ويشكل هذا الاعتراف أيضا دليلا إضافيا على عمق الأزمة في إيران وتفاقم الانقسامات الداخلية على خلفية وضع يزداد سوء.

وتشهد إيران احتقانا اجتماعيا على خلفية أزمة في السيولة وشحّ في العملة الأجنبية اضافة إلى توترات غير مسبوقة في إقليم الأهواز النائي حيث تستمر الإضرابات والاعتصامات العمالية واحتجاجات تطالب الحكومة بالتوقف عن إهدار مال الشعب في سوريا ولبنان والعراق والاهتمام بمشاكل شعبها.

وأضاف قرار الولايات المتحدة في مايو/أيار الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرم في 2015 وإعادة فرض العقوبات على إيران ضغوطات جديدة على الجمهورية الإسلامية.

ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد الإيراني سيشهد انكماشا بنسبة 1.5 بالمئة في 2018 و3.6 بالمئة في 2019، ناجم في معظمه عن انخفاض مبيعات النفط جراء إعادة فرض العقوبات.

وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، أظهرت بيانات حكومية وبيانات تتبع السفن أن واردات كبار المشترين في آسيا من النفط الإيراني بلغت أدنى مستوى في خمس سنوات خلال أكتوبر/تشرين الأول، حيث قلصت الصين واليابان وكوريا الجنوبية مشترياتها بشدة قبيل عقوبات أميركية على طهران دخلت حيز التنفيذ في أوائل الشهر الماضي.

ووفقا للبيانات، فإن الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية استوردت في أكتوبر/تشرين الأول نحو 762 ألف برميل يوميا من إيران، بانخفاض 56.4 بالمئة على أساس سنوي.

ويمثل هذا أدنى مستوى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2013، عندما تسببت جولة سابقة من العقوبات الأميركية والأوروبية في تقلص صادرات البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بداية من أوائل 2012.

ويعد لاريجاني شخصية نافذة واعتبر محافظا في الماضي، لكنه عمل مؤخرا عن قرب مع التيار المعتدل الذي يقوده الرئيس حسن روحاني.

وقلل لاريجاني من أهمية عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب إطلاق مفاوضات تهدف للتوصل إلى اتفاق جديد.

وقال "أسمَعَنا رئيس الولايات المتحدة موقفين: الأول منهما ترهات فارغة أساء فيها إلى الشعب الإيراني بسخافة والثانية رسائل وجهها إلينا تفيد باستعداده لإجراء مفاوضات معنا"، متسائلا "كيف لنا أن نثق بدولة انتهكت اتفاقا دوليا ونتفاوض معها؟."