إيران تجس النبض بـ'مساعدة جاهزة' للبنان على غرار فنزويلا

حزب الله بدأ يروج لجهوزية إيران لإرسال "المساعدات" إلى لبنان كتسويق لبديل تجاري في صورة إذا ما انسحب صندوق النقد الدولي من المفاوضات التي يجريها مع حكومة حسان دياب ما قد يعرض البلاد المنهارة اقتصاديا لعقوبات قاسية.
تحذيرات من عقوبات أميركية ضد شركات ومؤسسات الدولة في لبنان
حزب الله يخير مصالح إيران على تنفيذ الإصلاحات لإنقاذ لبنان
حسان دياب طلب تحييد لبنان عن تداعيات قانون قيصر

طهران/بيروت - كشفت مصادر لبنانية مقربة من حزب الله عن تحضيرات تقوم بها إيران لكسر الحصار المفروض على الحكومة اللبنانية من قبل العديد من الدول الغربية والعربية على غرار ما فعلته طهران مع فينزويلا مؤخرا.

وقالت صحف مقربة من الجماعة الشيعية المدعومة من طهران نقلا عن مصادر لن تسمها إن "بواخر وسفن إيرانية تستعد للانطلاق إلى لبنان محملة بالمواد الغذائية والمحروقات وغيرها".

وأضافت المصادر "ومن المتوقع أن تصل هذه المساعدات إلى لبنان خلال أسبوعين وذلك في إطار الدعم الإيراني للبنان لكسر الحصار المفروض عليه من قبل الأمريكيين"، مشيرة إلى "اتصالات لتلقف هذه المساعدات على المستوى الرسمي".

وتشهد مختلف المناطق اللبنانية تقنينا قاسيا للتيار الكهربائي، بسبب شح مادة المازوت والوقود فيما حذرت شركة كهرباء لبنان من توقف إنتاجها.

ويقول مراقبون إن هذا الترويج لجهوزية إيران لإرسال "المساعدات" إلى لبنان يأتي كتسويق لبديل في صورة إذا ما انسحب صندوق النقد الدولي من المفاوضات التي يجريها مع حكومة حسان دياب التي يسيطر عليها حزب الله وذلك لطمأنة وكسب ود الشارع الذي يعيش ظروفا اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة ويخرج في احتجاجات يومية ضد المسؤولين في الدولة وأيضا لجس نبض المجتمع الدولي الذي يطالب لبنان بإصلاحات قاسية لتقديم يد العون له.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة لم يشهد لها مثيل، بعد أن خسرت الليرة اللبنانية أكثر من 80 بالمئة من قيمتها، في حين لامس سعر صرف الدولار  في السوق السوداء عتبة تسعة آلاف ليرة.

وأمس الأربعاء، تحدث وزراء سابقون وخبراء اقتصاد في لبنان عن وصول مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي إلى طريق مسدود لا سيما بعد استقالة مدير عام المالية ألان بيفاني والخلافات الحادة بين الحكومة من جهة ومصرف لبنان وقطاع المصارف من جهة ثانية.

وقال ناصر سعيدي وزير الاقتصاد السابق وهو من قيادات مصرف لبنان المركزي سابقا عن المحادثات مع صندوق النقد الدولي إنها "بلغت طريقا مسدودا".

وأضاف سعيدي "أمر لا يُصدق أن مجموعة من البرلمانيين في دولة فاشلة يحاولون التشكيك في خبرات صندوق النقد الدولي. لا يمكن أن يقبل صندوق النقد ذلك".

gf

وقال دبلوماسي غربي "ثمة خطر حقيقي أن يحدث انفجار" مضيفا أن ثلث مليون شخص فقدوا وظائفهم منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما تفجرت احتجاجات على الطبقة السياسية وأدت إلى استقالة الحكومة.

مع التخلص من القيود التي فرضتها السلطات لاحتواء فيروس كورونا عادت مشاعر الغضب التي فجرت الاحتجاجات في الخريف الماضي للظهور بل وازدادت مظاهر الغضب بإلقاء قنابل حارقة على بعض فروع البنوك التي أصبحت أكبر هدف للاستياء الشعبي بعد النخب السياسية التي تربطها بها صلات وثيقة.

واستبعدت مصادر مطلعة على المفاوضات أن يقرر الصندوق مساعدة لبنان في ظل الخلاف والانقسام حول الأرقام والتخبط الرسمي بشأن الخطة الاقصادية التي قدمتها الحكومة وعدم إنجاز الإصلاحات اللازمة حتى الآن.

وبدأت شخصيات ومواقع مقربة من حزب الله تروج مؤخرا لـ"ضرورة الانفتاح على الدعم الإيراني وقبول العروض التي يقدمها على أساسا مساعدات" لـ"خرق الحصار الاقتصادي الأميركي"، ضمن سياق تبريري لتبعات الأزمة الاقتصادية التي ستتفاقم مع دخول قانون قيصر حيز التنفيذ في سوريا منذ حوالى أسوعين.

والثلاثاء، دعا رئيس الحكومة حسان دياب إلى "تحييد لبنان عن أي عقوبات قد تفرض على سوريا خاصة المرتبطة بقانون قيصر".

وقال دياب خلال مؤتمر بروكسل الرابع "لدعم مستقبل سوريا والمنطقة"، المنعقد خلال الفترة بين 22 و30 يونيو/ حزيران، عبر تقنية الاتصال المرئي "أدعو منظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والدول الصديقة، إلى تحييد لبنان عن التداعيات السلبية الناجمة عن أي عقوبات قد تفرض على السوريين، ولا سيما جراء قانون قيصر".

وأضاف أنه "يجب ضمان عدم تأثير هذه التداعيات على سبل التواصل التجاري، والاقتصادي مع الخارج، وبالتالي تقويض جهودنا المتواصلة للخروج من الأزمة الحالية التي يعانيها لبنان".

وقالت مصادر لبنانية مؤخرا إن تبادلا تجاريا وتعاونا اقتصاديا غير مسبوق بدأ فعليا بين طهران وبيروت، حيث ظهرت مؤخرا أدوية إيرانية في الأسواق اللبنانية بالإضافة إلى بعض السلع الغذائية الإيرانية التي باتت تغمر المتاجر في مناطق نفوذ حزب الله مثل الضاحية الجنوبية.

ويبدو ان حزب الله لن يجازف بالاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد وأيضا بمطالب الشارع اللبناني للتسريع في محاربة المسؤولين الفاسدين، مخيرا رفض فك ارتباطه بإيران ما يعرض لبنان لخطر كبير وجره نحو المجهول.

لب
لا ينقص لبنان توترات جديدة مع واشنطن بعد حادثة السفيرة الأميركية في لبنان

ويحذر خبراء من أن الخطوة الإيرانية هذه ستضع لبنان في مأزق أكبر من المرجح أن يترتب عنه عقوبات ستمس البلد العربي العاجز ماليا بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران أميركياً ودوليا.

وتسعى طهران لتطبيق نفس الخطة التي نفذتها مع فنزويلا الشهر الماضي، حيث أرسلت ناقلات نفط إيرانية سلمت وقودا ومشتقات نفطية أخرى لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو، وأثار وصول هذه السفن توترا بين كراكاس وواشنطن التي تندد بدعم طهران للرئيس الفنزويلي.

وتعاني فنزويلا  من نقص في المحروقات رغم أنها تملك احتياطات هائلة من النفط، بسبب تراجع الإنتاج، في أزمة أصبحت أكثر حدة بعدما، زادها تفشي فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض "كوفيد 19".

وأرسلت إيران منذ أبريل/نيسان خمس ناقلات بحمولة إجمالية 1.5 مليون برميل تقريبا إلى الحكومة اليسارية في فنزويلا المتعطشة للوقود، غير أن الشحنات لم تساعد كثيرا في تخفيف طوابير تستمر لساعات عند محطات الوقود.

وردا على ذلك فرضت الولايات المتحدة أواخر الشهر الماضي عقوبات على خمسة إيرانيين تولوا قيادة ناقلات النفط التي أوصلت شحنات الوقود لفنزويلا. وتفرض واشنطن عقوبات على كل من كراكاس وطهران واتهمتهما بخرق تلك العقوبات.

ويمكن لـ"مساعدات" إيران إذا ما تسلمتها حكومة دياب فعلا ان تؤثر سلبيا على المصالح اللبنانية مع الولايات المتحدة التي من المرجح ان تطال عقوباتها شركات لبنانية أو مؤسسات الدولة، خصوصا في ظل التوتر الذي حصل الأسبوع الماضي بسبب سفيرة واشنطن في بيروت دوروثي شيا.

واليوم الخميس، أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، أن علاقات بلاده مع فنزويلا مبنية على القانون الدولي واحتياجات البلدين وستستمر على هذا الشكل في المستقبل.

وقال ربيعي في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية إن "العلاقات التجارية بين إيران وفنزويلا ستستمر على هذا الشكل في المستقبل، وتعتمد على طريقة التبادل، بما في ذلك إرسال واستلام البضائع، على الاتفاق بين البلدين، وقد يتم إجراء تغييرات على ذلك حسب الظروف".

وأضاف ربيعي "إذا استمرت الحكومة والشعب الفنزويلي في المستقبل بالاحتياج إلى سلع تستطيع إيران توريدها لهم، فسننظر في ذلك بجدية في حينها".