إيران تختبر السعودية بوساطات وهمية

طهران أطلقت على لسان كبار المسؤولين فيها أو حلفاء لها أو شخصيات وازنة ترى أنها تلقى قبولا لدى الرياض وواشنطن، بالونات اختبار أقرب في مضامينها وتوقيتاتها لوساطات وهمية.
خفت بريق وساطة مفترضة للكاظمي فبرز خان وسيطا عبر قناة الجزيرة!
أكثر من وساطة طلبتها إيران مع السعودية تبخرت
الأمر لا يتعلق بسبق صحفي بقدر ما هو بالون اختبار إيراني آخر عبر الجزيرة

الدوحة/طهران - تُلّح إيران في طلب وساطات بينها وبين السعودية على أمل تخفيف جبهات المواجهة وأطلقت سواء على لسان كبار المسؤولين فيها أو حلفاء لها أو شخصيات وازنة ترى أنها تلقى قبولا لدى الرياض وواشنطن، بالونات اختبار أقرب في مضامينها من الناحية السياسية للترويج لوساطات وهمية.

وكان يفترض حسب ما هو معلن إيرانيا أن يلعب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي دور الوسيط في الأزمة لفتح قنوات حوار بين إيران التي تئن تحت وطأة عقوبات أميركية وضعت اقتصادها على حافة الانهيار، والمملكة السعودية التي لم تمانع الحوار لكنها تشترط أن تتخلى الجمهورية الإسلامية عن أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة وأن تتوقف عن دعم وتمويل الإرهاب عبر وكلائها في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن.

لكن وساطة الكاظمي المفترضة خفت بريقها بعد هالة إعلامية إيرانية، لتبرز وساطة أخرى معلنة فقط من طرف رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان على قناة الجزيرة القطرية التي تطالب دول المقاطعة (الإمارات والسعودية والبحرين ومصر) الدوحة بإغلاقها بوصفها منصة تُروج لخطابات الكراهية والتطرف وذراعا إعلامية لجماعة الإخوان المحظورة في دول عربية وخليجية.

طهران لم تخف رغبتها في حوار مع السعودية حين زارها الكاظمي مؤخرا
طهران لم تخف رغبتها في حوار مع السعودية حين زارها الكاظمي مؤخرا

وقال خان في مقتطفات من مقابلة أجرتها معه الجزيرة القطرية، إن مساعي الوساطة التي تبذلها إسلام أباد بين طهران والرياض لم تتوقف بل تحقق تقدما لكنه بطيء.

والمقابلة التي ستبثها 'الجزيرة' مع عمران خان يوم الأربعاء لا تتعلق بسبق صحفي بقدر ما هو بالون اختبار إيراني آخر عبر القناة القطرية التي تلعب دورا مهما في هذا السياق.

وتظهر إيران منذ فترة أنها تريد فتح قنوات اتصال مع السعودية، لكن ممارساتها على الأرض تشير إلى أن رغبتها أقرب للمناورة لكسب الوقت مع أزمة تزداد تفاقما بسبب العقوبات الأميركية والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.

وتبخرت أكثر من وساطة سابقة في ذروة التوتر الأميركي الإيراني وفي خضم أزمة كادت تفجر مواجهة عسكرية بين طهران وواشنطن بعد سلسلة اعتداءات إيرانية على ناقلات نفط في مياه الخليج واحتكاكات بحرية مع سفن أميركية واستهداف منشأة نفط سعودية وقواعد عسكرية في العراق تتواجد بها قوات أميركية، تفاقمت كلها بعد أن قامت الولايات المتحدة بتصفية الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في يناير/كانون الثاني في غارة بطائرة مسيرة على موكبه في بغداد.

إيران تظهر منذ فترة أنها تريد فتح قنوات اتصال مع السعودية، لكن ممارساتها على الأرض تشير إلى أن رغبتها أقرب للمناورة لكسب الوقت مع أزمة تزداد تفاقما

وسبق لسلطنة عمان أن قادت جهودا غير معلنة في تلك الفترة قالت إنها لتخفيف حدّة التوتر، نافية أن تكون وساطة بين الرياض وطهران أو بين واشنطن وطهران.

وكان رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي الذي زار الرياض في أكتوبر/تشرين الأول 2017 قد لعب بطلب من طهران التوسط دون نتيجة تذكر، فالمملكة السعودية لا ترى أن شيئا تغير في إيران حتى تتجاوب مع أي طلب إيراني في هذا الشأن.

وكان عمر خان قد زار في أكتوبر/تشرين الأول 2019 كلا من طهران والرياض بعد هجمات على أهداف نفطية في الخليج حمّلت الولايات المتحدة مسؤوليتها لإيران.

وقال خان اليوم الاثنين، إن الجانب الباكستاني بذل أقصى ما يمكنه لتفادي وقوع مواجهة عسكرية بين البلدين وإن هذه الجهود حققت نجاحا.

وازدادت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران عندما انسحبت إدارة ترامب في منتصف 2018 من اتفاق يُقيد برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها.