إيران تخسر كبار مشتري نفطها الاسيويين

بيانات حكومية ومصادر تجارية تؤكد أن واردات آسيا من النفط الخام الإيراني انخفضت في مايو لأدنى مستوياتها فيما لا يقل عن خمس سنوات.
انخفاض واردات الصين والهند بنسبة 60الى 80 في المئة على أساس سنوي

سنغافورة - أفادت بيانات حكومية ومصادر تجارية الجمعة أن واردات آسيا من النفط الخام الإيراني انخفضت في مايو/أيار لأدنى مستوياتها فيما لا يقل عن خمس سنوات بعد أن خفضت الصين والهند مشترياتهما في ظل العقوبات الأميركية، بينما أوقفت اليابان وكوريا الجنوبية الواردات.

وبلغ إجمالي واردات أكبر أربعة مشترين للنفط الإيراني في آسيا 386 ألفا و21 برميلا يوميا في مايو/أيار بانخفاض نسبته 78.5 في المئة مقارنة مع نفس الفترة قبل عام مسجلا أدنى مستوى شهري منذ 2014 وفقا لبيانات جمعتها.

وأفادت نفس البيانات انخفاض واردات الصين والهند بنسبة 60 الى80 في المئة على أساس سنوي.

وتسببت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على إيران بأضرار كبيرة على صادراتها النفطية وسط انباء تفيد بسعي واشنطن فرض عقوبات جديدة من شانها ان تدفع الاقتصاد الإيراني إلى حافة الهاوية ما ينذر بارتدادات اجتماعية وسياسية.

وكانت مصادر بقطاع النفط وبيانات تتبع الناقلات افادت الاثنين أن صادرات الخام الإيرانية هبطت إلى 300 ألف برميل يوميا أو أقل منذ بداية يونيو/حزيران، بعدما شددت الولايات المتحدة العقوبات على المصدر الرئيسي للدخل لطهران.

وقال مصدران في القطاع يرصدان التدفقات إن إيران صدرت نحو 300 الف برميل يوميا في أول ثلاثة أسابيع من يونيو/حزيران، بينما أظهرت بيانات من رفينيتيف ايكون أن شحنات الخام بلغت حوالي 240 ألف برميل يوميا.

وقال أحد المصدرين "إنه مستوى متدن جدا لصادرات الخام الفعلية".

وكانت صادرات النفط الإيراني قد تراجعت من 2.5 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان في العام الماضي لتصل إلى نحو 400 ألف برميل يوميا في مايو/أيار، وهو انخفاض قياسي يبدو انه سيزيد من تعقيد الوضع الداخلي في ايران لكنه سيؤدي في المقابل الى تجفيف تمويل التنظيمات الارهابية والجماعات المتطرفة والمتمردة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا.

والتراجع الحاد في إيرادات النفط من شأنه أن يعطل المشاريع الحكومية ويحرك الجبهة الاجتماعية حيث باتت إيران تعاني من شح في النقد الأجنبي في السيولة في السوق المحلية والتي تعتمدها طهران في تنشيط قطاعاتها الاقتصادية.

وسيكون المواطن الإيراني اكبر متضرر من العقوبات المتتالية ما سيؤدي في النهاية الى احتجاج فئات شعبية داخل ايران تنديدا بالتدهور الاقتصادي في اعادة لسيناريوهات سابقة مرت بها طهران بسبب سياسات قادتها الصدامية في المنطقة.

تهريب النفط الايراني
ايران تلجا لتهريب النفط في محاولة لتجاوز العقوبات الاميركية

ومن المتوقع ان تلجا إيران الى وسائل غير شرعية لتهريب نفطها كما حصل في تجارب سابقة.

وكان أمير حسين زماني نيا نائب وزير النفط قوله افاد في مايو/ايار إن إيران حشدت جميع مواردها لبيع النفط في "السوق الرمادية".

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن زماني نيا قوله "حشدنا جميع موارد الدولة، ونبيع النفط في السوق الرمادية".

ولم يذكر زماني نيا مزيدا من التفاصيل بشأن "السوق الرمادية"، لكن أنباء ترددت على نطاق واسع أفادت بأن إيران باعت النفط بخصومات كبيرة، وغالبا من خلال شركات خاصة في فترة العقوبات السابقة في أوائل هذا العقد.

ومنذ انسحابها من الاتفاق النووي المبرم في 2015، أعادت واشنطن فرض عقوبات على طهران وأضافت عقوبات جديدة لعزل الجمهورية الإسلامية في مسعى تصفه إيران بأنه "إرهاب اقتصادي".

وفي ظل تصاعد حدة التوتر مع الولايات المتحدة لا تزال طهران تهمل بعض جوانب الاتفاق على الأقل في سياسة تحدي للمجتمع الدولي.

وأكدت الولايات المتحدة أنها تسعى من تشديد العقوبات على ايران إلى "تصفير" صادرات النفط الإيراني لتجفيف المصدر الرئيسي لتمويل الدولة.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية أعلنت الجمعة 7 حزيران/يونيو فرض حزمة جديدة من العقوبات تستهدف أساسا قطاع البتروكيماويات الإيراني ضمن جهود أميركية لقصقصة الأذرع المالية للحرس الثوري وكبح أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وشملت العقوبات شركة الخليج الفارسي للصناعات البتروكيماوية لتوفيرها الدعم المالي للذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني وهو وحدة النخبة العسكرية في إيران والتي تشرف على برنامج الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي.

وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية أيضا شبكة المجموعة القابضة المؤلفة من 39 شركة فرعية للبتروكيماويات ووكلاء مبيعات أجانب.

كما فرضت الولايات المتحدة الاميركية عقوبات مشددة على قادة ايران من بينهم المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي.

وفي خضم الوساطات المتواترة من قبل عدد من الدول لحل الازمة، أفاد آخر إخطار نشر على موقع وزارة الخزانة الأميركية على الإنترنت قبل اسبوعين بأن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة تتعلق بإيران على شركة مقرها العراق وفردين.

وتقود إيران حاليا حملة دعائية تروج فيها لقدرتها على الصمود في وجه العقوبات الأميركية بإعلانات وتصريحات تبدو مبالغ فيها ومغرقة في التفاؤل ضمن إعلانات للاستهلاك المحلي ولتخفيف التوترات في الشارع الإيراني وامتصاص موجة غضب تبدو حتى الآن صامتة لكنها تعتبر قنبلة موقوتة.

البرلمان الايراني
العقوبات الاميركية تسببت في خلافات داخل ايران

لكن الدعاية الايرانية أخفقت في اخفاء الانقسام السياسي في ايران على خلفية تشديد العقوبات حيث تحاول الحكومة الإيرانية مداراة عجزها عن مواجهة تأثيرات العقوبات الأميركية بالترويج للصمود والوحدة والدعوة للمقاومة في الوقت الذي ظهرت فيه شروخ وانقسامات لعل أبرزها تعالي بعض الأصوات المنادية بإقالة وزير النفط بيغن زنغنة الذي يراهن عليها النظام للخروج من ورطة انخفاض الإيرادات النفطية.

وتشير هذه الدعوات إلى وجود خلافات تهز الحكومة الإيرانية، لكن زنغنه نفى قبل اسبوع تقريرا أفاد بنشوب خلاف بينه وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن مبيعات النفط في ظل العقوبات الأميركية، مضيفا أنه سيستمر في منصبه.

والتراجع الحاد في إيرادات النفط من شأنه أن يعطل المشاريع الحكومية ويحرك الجبهة الاجتماعية حيث باتت إيران تعاني من شح في النقد الأجنبي في السيولة في السوق المحلية والتي تعتمدها طهران في تنشيط قطاعاتها الاقتصادية.

وفي الفترة الماضية بدا تأثير العقوبات الأميركية واضحا في بازار طهران الذي يضم عشرات المتاجر التي يتزود معظمها بسلع مستوردة وبالتالي يحتاج التجار إلى إتمام معاملاتهم الخارجية بالعملة الصعبة.

وفرضت الحكومة الإيرانية قيودا صارمة على السلع المستوردة في مواجهة شح النقد الأجنبي، ما أثر على كثير من الأنشطة التجارية ودفع تجار بازار طهران للخروج في احتجاجات قمعتها أجهزة النظام.

وثمة تسريبات تشير إلى أن الحكومة الإيرانية تعمل جاهدة على ترميم الشروخ الداخلية الناجمة عن خلافات مردّها العقوبات الأميركية.

وكان مشرع إيراني قال قبل اسبوعين إن مشادة نشبت بين زنغنه وروحاني حول هذا الأمر خلال اجتماع لمجلس الوزراء.

ويحاول النظام الإيراني ابعاد الأنظار عن خلافاته الداخلية بتوجيه تصريحات حادة ونارية ضد الولايات المتحدة.

وتصاعد التوتر بين طهران وواشنطن الخميس 20 حزيران/يونيو عندما دمر صاروخ إيراني طائرة استطلاع أميركية من طراز جلوبال هوك. وقالت طهران إن إسقاط الطائرة المسيرة تم داخل أراضيها في حين قالت واشنطن إنه وقع في المجال الجوي الدولي.

وقللت طهران الاثنين من الآثار المحتملة للعقوبات الأميركية الاقتصادية الجديدة.