إيران تخطط لبناء قاعدة بحرية في السودان عبر تسليح البرهان

طهران تعرض على البرهان تقديم سفينة حربية تحمل مروحية إذا منح السودان الإذن بإقامة قاعدة على البحر الأحمر تسمح لإيران بتشديد قبضتها على أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم.

الخرطوم – كشف تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن إيران ضغطت على السلطات السودانية للسماح ببناء قاعدة بحرية إيرانية دائمة على ساحل البحر الأحمر، إلا أن تلك المطالب قوبلت برفض الخرطوم التي تخشى إثارة عداء الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان يحرص على تسليح قواته وإبقاء العلاقات وطيدة مع طهران التي تريد موطأ قدم في السودان.

ومن شأن وجود قاعدة بحرية على البحر الأحمر أن يسمح لطهران بتشديد قبضتها على أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم، حيث تساعد الحوثيين على شن هجمات على السفن التجارية.

ونقلت الصحيفة الأميركية عما وصفته بمسؤول استخباراتي سوداني كبير قوله إن وجود قاعدة إيرانية على البحر الأحمر كان سيعطي لإيران ميزة مراقبة حركة المرور البحرية من وإلى قناة السويس وكذلك بالنسبة لإسرائيل.

تسليح إيران للجيش السواني يطيل أمد القتال كما أنه يقلل من احتمالات إيجاد مخرج من الصراع عن طريق التفاوض.

وقال أحمد حسن محمد، مستشار المخابرات لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات دون طيار متفجرة لاستخدامها في قتال قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" وعرضت تقديم سفينة حربية تحمل مروحية إذا منح السودان الإذن بإقامة القاعدة.

وأضاف المصدر "الإيرانيين قالوا إنهم يريدون استخدام القاعدة لجمع المعلومات الاستخبارية". وتابع "لقد أرادوا أيضًا وضع سفن حربية هناك"، لكنه أكد أن الخرطوم رفضت الاقتراح الإيراني لتجنب إثارة عداء الولايات المتحدة وإسرائيل.

وكان السودان يتمتع بعلاقات متينة مع إيران وحركة حماس في عهد البشير، وبعد الإطاحة به في 2019، بدأ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان محاولة التقارب مع الولايات المتحدة لإنهاء العقوبات الدولية على بلاده، كما تحرك في طريق تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ويقاتل الجيش السوداني قوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، وأدى الصراع إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وتشريد الملايين وتسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن المصدر الاستخباراتي السوداني قوله “اشترى السودان طائرات دون طيار من إيران لأننا كنا بحاجة إلى أسلحة أكثر دقة لتقليل الخسائر في الأرواح البشرية واحترام القانون الإنساني الدولي".

ووفقا لمسؤولين إقليميين ومحليين فقد ساعدت الطائرات دون طيار المتفجرة، الجيش السوداني على تعويض خسائره التي تكبدها ضد قوات الدعم السريع، واستعاد الجيش السيطرة على مناطق في الخرطوم وأم درمان.
وتهدف طهران من وراء تسليح الجيش السوداني تعزز نفوذها العسكري في الشرق الأوسط، إذ تدعم مجموعات مسلحة في غزة، وحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، فضلاً عن مجموعات في سوريا والعراق.

وانتقد مسؤولو الأمم المتحدة السودان بسبب القصف الجوي للأحياء المدنية وحرمان المدنيين السودانيين من المساعدات الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها.

وفي فبراير/شباط الماضي أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الجيش السوداني. وقال جون غودفري، سفير الولايات المتحدة لدى السودان في ذلك الوقت، إن التقارير عن المساعدات الإيرانية للخرطوم "مقلقة للغاية ومصدر قلق كبير بالنسبة لنا". وأضاف لصحافيين "هناك تقارير عن استئناف العلاقات بين السودان وإيران يمكن أن تشمل دعما ماديا إيرانيا للجيش السوداني، وهو أمر يشكّل مصدر قلق بالنسبة إلينا".

وأشار غودفري إلى أن الولايات المتحدة "حضّت الأطراف الخارجيين على الامتناع عن تقديم دعم مادي للطرفين المتحاربين" من دون تسميتهم. وأوضح أن ذلك "يطيل أمد القتال كما أنه يقلل من احتمالات إيجاد مخرج من الصراع عن طريق التفاوض".

ونشرت قوات الدعم السريع الشهر الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي ما قالت إنه حطام مسيّرة إيرانية الصنع من طراز "مهاجر" تابعة للجيش. كما ذكرت وكالة "بلومبرغ نيوز" نقلا عن مسؤولين غربيين أن إيران تزود الجيش السوداني بالأسلحة.

وأكد ويم زويننبرغ، رئيس مشروع نزع السلاح في "منظمة باكس" الهولندية، أن من بين الأدلة التي تُثبت وجود (مهاجر6) في السودان، صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت في 9 يناير /كانون الثاني للطائرة من دون طيار في قاعدة وادي سيدنا الجوية (الخاضعة لسيطرة الجيش) شمال العاصمة الخرطوم.

كما حدد زويننبرغ هوائياً لا سلكياً فوق مركز تحكم داخل شاحنة في مهبط الطائرات بقاعدة وادي سيدنا، باعتباره دليلاً إضافياً على تشغيل الطائرة من دون طيار. ووفقا لمسؤولين أميركيين، فإن "مهاجر6" قادرة على شن هجمات جو - أرض، والحرب الإلكترونية، والاستهداف في ساحة المعركة.

وطور السودان في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح من الحكم في العام 2019، علاقات وثيقة مع إيران. ومع سيطرة الجيش السوداني على مناطق على طول البحر الأحمر، من شأن وجود إيراني واسع النطاق أن يثير قلق القوى الغربية، في وقت يستهدف المتمردون الحوثيون اليمنيون سفن شحن دولية على الجانب الآخر من الممر البحري الاستراتيجي، تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقتل الآلاف منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان من العام الماضي.